"الكسل التشريعي" وما أنتجه من تشرذم

"الكسل التشريعي" وما أنتجه من تشرذم
الرابط المختصر

في خضم النقاش حول شكل ومضمون النظام الانتخابي الجديد، واجهت الهيئة المستقلة للانتخابات عدة مشاكل ومعضلات في ترتيب وتنظيم العملية الانتخابية خاصة فيما يخص الموضوع الجديد في الانتخابات ألا وهو القوائم الانتخابية على مستوى الوطن.

وقد تكررت لدى العديد من المتخصصين والناشطين الحقوقيين عبارة "الكسل التشريعي" في تعريف التقصير الذي رافق إنتاج العديد من القوانين – وخاصة قانون الانتخابات، فقد تم "لصق" العديد من التشريعات دون تفسير أو توضيح لكيفية التعامل مع العديد من الأمور التي نتج عنها هذا القانون.

ورغم أن غالبية الانتقادات لقانون الانتخابات جاءت فيما يخص حجم الدائرة الوطنية وعدم العدالة في تمثيل سكان المدن ذات كثافة سكانية كبيرة إلا أن المشكلة الكبيرة كانت في توضيح كيفية ترتيب العملية الانتخابية بحيث تكون المخرجات مطابقة للرؤية السياسية للدولة بكافة تشكيلاتها وتوجهاتها.

وقد نتج عن ذلك "الكسل التشريعي" نظام برلماني لا يختلف، من حيث التكوين، للأنظمة السابقة رغم إدخال عنصر القوائم الوطنية.

قد تكون فكرة السماح بالمشاركة بقوائم انتخابية خطأ، فقد لاحظنا كيف تم تشكيل غالبية القوائم المشاركة في آخر لحظة ودون أي اهتمام للعناصر الأساسية التي من المفترض أن يتضمنها أي تجمع يسعى لكي يشكل أساس حكومة برلمانية.

فبروز 61 قائمة لم يتسن للعديد من مشكليها فرصة صياغة برنامج انتخابي معقول ترك انطباعا سيئا لدى الجمهور العام.

وفي حين أن المواطن العادي كان يعرف المرشحين من دائرته بحكم وجودهم في نفس البقعة الجغرافية وإمكانية زيارة مقرهم الانتخابي إلا أن القوائم الـ 61 كانت في معظمها مجهولة لدى المواطن العادي، الأمر الذي لعب في صالح المال السياسي وأيضا لصالح أصحاب الفضائيات والتي كانت وسيلة التواصل مع كافة الأردنين وليس فقط سكان دائرة ما.

 قد يرد البعض بأن الخوض في تشكيلات من قوائم بدلا من اقتصار الانتخابات على الأحزاب الموجودة ضروري في مرحلة بناء حياة حزبية، ويعتقد حاملو تلك الأفكار أن الشعب بعد إفرازه للقوائم التي يريدها من السهل أن يتم الطلب من تلك القوائم الناجحة التحول إلى أحزاب، ولكن ما لم تدركه هو أن القانون سيفرز عددا كبيرا من القوائم الفائزة بحيث لا يستطيع المواطن التمييز فيما بينها.

أما الآن ونحن أمام عدد كبير من القوائم ذات المقعد الواحد فإن المواطن وحتى قمة الهرم الأردني غير قادرين على تحديد أي توجه أو مجموعة متجانسة حظيت بثقة الشعب لبرنامجها وتشكيلاتها مما قد يبنى لمشاورات نيابية لمعرفة المرشح الأفضل لرئاسة الحكومة.

لقد شكل غياب الحد الأدنى لدخول البرلمان من خلال القوائم الوطنية مشكلة في تبعثر الأصوات وتعدد القوائم ذات المقعد الواحد.

فلو كان على سبيل المثال شرط عبور يتمثل بوصول على الأقل مرشحين او ثلاثة للبرلمان او كان هناك نسبة حد ادنى مثلا من الضروري اجتيازها لخرجت الانتخابات بعدد اقل من القوائم وبمقاعد أكثر بكتير لهم، والغريب أن توجيهات ورغبات الملك كانت تصب في هذا الاتجاه حيث عبر في اكثر من مناسبة عن امله بالتوصل الى برلمان مشكل من عدد قليل من الاحزاب تمثل حقيقة تيارات مختلفة كاليمين والوسط واليسار.

ولكن غياب مثل هذا الحاجز للدخول أخرجت الانتخابات بـ27 قائمة انتخابية 17 منها مكونة من مرشح واحد لا تختلف كثيرا عن باقي النواب سوى أن ممثليها احتاجوا في الغالب إلى عدد أكبر من الاصوات.

فلو كان هناك جهد وتخطيط مناسب لما خرجت أول انتخابات حرة ونزيهة منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي بمجلس ممكن معرفة توجهاته.

سيشارك من تم انتخابهم تحت القبة في التشريع ومراقبة عمل السلطة التنفيذية، ورغم توقع العديد بأن تتم مناقشة قانون انتخابات جديد، إلا أن من المستبعد أن يشارك من تم انتخابهم حديثا في إقرار دستور قد يقصر بكثير من حياة المجلس السابع عشر.

ولكن عندما يجتمع البرلمان او اللجنة المختصة لدراسة تعديلات على قانون الانتخابات نأمل أن لا يتم الاستعجال بإصدار قانون غير مدروسة نتائجه وتبعاته.

فبعد قانون الصوت الواحد وقانون الدوائر الوهمية دخلنا الآن في قانون القوائم المشكلة من مقعد واحد وكل ذلك لأن المجالس تعاملت بـ"كسل تشريعي".

لقد آن الأون للخروج بنظام انتخابي عصري وتقدمي يمثل كافة المواطنين بصورة حضارية وديمقرطية.

       *مدير عام راديو البلد وموقع عمان نت

أضف تعليقك