القصر غير متحمس للتعديل الوزاري

القصر غير متحمس للتعديل الوزاري
الرابط المختصر

يبدو أن جلالة الملك عبدالله الثاني غير متحمس لمنح رئيس الوزراء د.عبدالله النسور فرصة لإجراء تعديل على حكومته بهدف "توزير النواب" وهي الفكرة التي أعلنها النسور فور حلف اليمين الدستورية وأعادها بعد نيله ثقة مجلس النواب، وهو ما فسّره محللون بأن الرئيس "قدّم وعودا لكتل ونواب بتوزيرهم".

النسور أعلن بعد الثقة أنه بصدد إطلاق مشاروات لتعديل الحكومة وإدخال النواب اليها، لكنه ينتظر عودة جلالة الملك من واشنطن (عاد منذ اسبوعين)، لكن لم يحصل الرئيس على إجابة تمكنه من إجراء التعديل، وهو ما فسّر بأن الحكومة باتت في ورطة.

مسؤول رفيع في الديوان الملكي استغرب تصريحات النسور عقب التصويت بالثقة مؤكدا أنه لا يعلم عن خطط لتعديل الحكومة "حد علمي التعديل في تشرين الاول المقبل موعد الدورة البرلمانية الجديدة".

لا أحد يستطيع أن يحدد بالضبط سبب إطلاق الرئيس لوعود توزير النواب، هل كان حسب اتفاق من أجل اجتياز امتحان الثقة بعد أن وقع تحت ضغوط من بعض الشخصيات النيابية التي كادت تطيح بالحكومة؟ لكن الجميع متفق أن الرئيس قدّم وعودا لم يعد قادرا على تنفيذها.

وعلى الفور تشكلت اول امس خلية ازمة في مجلس النواب من أجل فكّ "كربة" الرئيس، بالتداعي للتوقيع على عريضة نيابية تطالب بعدم توزير النواب. وللحقيقة فإن هذا الحل هو الاسلم، للقصر الملكي وللرئيس والنواب، لأن فكرة توزير النواب بحد ذاتها غير مستساغة لدى جلالة الملك وهذا ما تم عرضه في الورقة النقاشية الثالثة بكل وضوح، وهي فكرة ضارة بالعملية السياسية وسمعة مجلس النواب.

وخير للحكومة والنواب أن تسقط الاولى من أن يدخلها النواب لأن "التوزير" سيخلط كل الاوراق ويسيء لجميع الاطراف وللعملية الديمقراطية القائمة اساسا على الفصل بين السلطات.

وبات الرأي العام والاغلبية النيابية مقتنعة أن عودة الحكومة الى إجراء المشاروات لتوزير النواب ستؤدي الى إضاعة وقت الحكومة ومجلس النواب وتعطيل العمل وإنتاج موجات من "الغاضبين الجدد" بعد أن التأم جرح الثقة وحان وقت العمل وإنجاز الكثير من الملفات وعلى رأسها الانتخابات البلدية.

لسنا معجبين في جمع الوزارات الحالية ولا بد من تفكيكها لكن ليس المطلوب على الاطلاق توزير النواب، وكنا نتمنى أن يتمكن مانحو أو حاجبو الثقة من تشكيل جبهة متماسكة تدعم الحكومة أو تناهضها، لأن بقاء مجلس النواب بدون اغلبية نيابية مهما كان نوعها لن يعطي استقرارا للعملية السياسية وثقة لمجلس النواب أو الحكومة.

أما تهديد الحاجبين للثقة بتشكيل "حكومة ظل" فإنه مطلب شعبي حقيقي يعبّر عن مصالح اطراف العملية الديمقراطية، لكن للأسف إن اولئك الحاجبين لم يتمكنوا من بناء أية جبهة رقابية متجانسة ومتراصة، قادرة على أن تكون ندا للحكومة ورقيبا عليها.

المطلوب اليوم إنتاج اغلبية نيابية قادرة على قيادة السلطة التشريعية بعيدا عن المناكفة وردود الافعال الآنية، بل اغلبية شعبية تحمل هموم الناس وتطور عملا مؤسسيا قادرا على الفعل والمبادرة.

العرب اليوم