القصة السرية لإلغاء جلسة الأعيان

القصة السرية لإلغاء جلسة الأعيان
الرابط المختصر

غضب الصحفيون بشدة جراء اقرار النواب للمادة الثالثة والعشرين من قانون محاربة الفساد،والتي تضع غرامات تصل الى ثلاثين الف دينار على الصحفي اذا ثبت انه اتهم بالخطأ شخصاً بالفساد،دون أدلة.

الحكومة كانت قد سحبت مشروع القانون من مجلس النواب،لان الخلافات سابقاً بين الاعيان والنواب،على العقوبة التي كانت تصل الى السجن وغرامات سقفها يقترب من ستين الف دينار،جعلت الحكومة تسحب مشروع القانون،لتحل عقدة الخلافات.

أعادت الحكومة المشروع مجدداً الى النواب،بغرامات اقل لاتتجاوز الثلاثين الف دينار،مع الغاء عقوبة السجن،هذا على الرغم من ان الغرامات تعني السجن فعلياً،فالصحفي الذي لايدفع سيذهب الى السجن،وهكذا فالنتيجة واحدة!.

أقر النواب المشروع،وتمت احالة النص الى مجلس الاعيان لاقراره،ونقابة الصحفيين قدمت استقالتها،لتنفذ في حال اقرار الاعيان للمشروع،وتم الاعتصام امام مجلس الاعيان،الى ان فوجئ الجميع بعدم عقد الجلسة الاخيرة للمجلس،ونزع صاعق التفجير.

بهذا المعنى تم تأجيل الامر الى الدورة العادية،غير ان السؤال يتعلق بالذي جرى في الاروقة،وعبر الاتصالات،ومالذي جعل الاعيان يؤخرون نقاش المادة،فيتم تعطيل الجلسة بشكل مباغت؟!.

جاءت اشارة نقد من الملك للقانون الجديد عصر الخميس عبر القنوات الرسمية،خصوصا،ان الغرامات لاتحل المشكلة،فالصحفي الذي يخطئ بإمكانه ان ينشر توضيحاً واعتذاراً في كل وسائل الاعلام بدلا من تغريمه مالياً او سجنه.

كان هناك حل اخر،وهو احالة الصحفي الذي يخطئ الى نقابة الصحفيين،لمحاسبته،واقترح اخرون ان يتم وضع مادة في قانون العقوبات تشمل كل نصوص الاساءة للسمعة عبر رسالة هاتفية او منشور او موقع تفاعلي،او عبر اي وسيلة تعبير،بدلا من ان يكون النص وارداً في قانون يحارب الفساد،وبحيث تبدو المادة موجهة للصحفيين،من اجل منعهم من الحديث عن الفساد.

طاهر المصري تلقى اشارات كثيرة،فاتصل برئيس الوزراء قائلا للرئيس ان نقابة الصحفيين استقالت ونقيب الصحفيين اتصل معه،والصحفيون يضغطون ويعتصمون امام المجلس والمواقع الالكترونية اغرقت المجلس بالبرقيات والاتصالات،والاحتجاج،كما ان هناك رغبة عليا بتأجيل الامر.

الملك لم يعجبه ايضا توقيت احالة القانون،ففي الوقت الذي يبتهج فيه الاردن ومؤسساته بالتعديلات الدستورية،يأتي هذا الموضوع في توقيت غير مناسب.

هذه اخطر نقطة قلبت الحسابات،اي عقدة الوقت والتوقيت،والتداعيات التي تترافق مع اصلاحات سياسية على الدستور!.

رئيس الحكومة قال للمصري،بعد ان استمع اليه ان القرار يعود له،وان لامانع لدى الحكومة من عدم عقد الجلسة وتأجيل بحث المادة الى وقت آخر.

المفارقة في الامر تتعلق بنقطة مثيرة،الاصلاحيون الذين يطالبون بانتخاب الاعيان،عليهم ان يتنبهوا الى ان النواب المنتخبين هم من مرر مادة كهذه،فيما مجلس الملك الخاص،اي الاعيان غير المنتخبين،رفضوا تمرير المادة،وتصرفوا بذكاء بالغ،لانهم اعتبروا توقيت المادة يسيء الى التعديلات الدستورية والمؤسسات.

المنتخب يمرر قيوداً على الاعلام،والمعين يرفض هذه القيود فأي مفارقة تلك التي تجعل الاصلاحيين يطلبون انتخاب الاعيان ايضا،وكأنه لاتكفينا افعال بعض النواب المنتخبين،ليأتينا اعيان منتخبون ايضا!.

اغلب الاعيان ضد المادة الثالثة والعشرين،وهناك اتجاه بسيط،يراهن على الوقت من اجل اعادة تمرير المادة،وهذا اتجاه لايلتقط الرسالة،لان بدائل عقوبات السجن والغرامات المالية،كثيرة،ولايجوز الاساءة لسمعة البلد باعتباره يرسل الصحفيين للسجن.

المراهنة على الدورة العادية لتمرير المادة،مراهنة بائسة وسوف تشعل معركة من جديد،خصوصا،بعد المعلومات المؤكدة التي تقول ان بوصلة عدم عقد جلسة الاعيان تحددت من القصر الملكي،وفي هذا التحديد اشارات كثيرة.

الصحفيون ليسوا ملائكة ويرتكب بعضهم اخطاء احياناً،غير ان علينا ان نبدع في ايجاد بدائل تحفظ سمعة الناس وكرامتهم وشرفهم،وتحمي الصحفي في ذات الوقت من اقبية السجون والغرامات والملاحقة.

الدستور

أضف تعليقك