العنف والسلاح والقانون

العنف والسلاح والقانون
الرابط المختصر

من أبرز الظواهر المصاحبة لتزايد العنف المجتمعي والجامعي في السنوات الماضية، ارتفاع وتيرة استخدام الأسلحة بأشكالها المختلفة، وبشكل خاص الأسلحة النارية في المشاجرات والأحداث العنيفة، سواء كانت داخل الجامعات أم خارجها.

وثانيا، العجز القانوني عن التعامل مع هذه الأحداث، وطول فترة التقاضي، وعدم الوصول إلى نتائج حاسمة في كثير من الحالات.

إن هذين البعدين هما من أبرز المشاكل التي تساهم في ازدياد اللجوء إلى العنف، وفي ضعف وتراجع هيبة وسيادة القانون، وبالتالي العجز عن اجتثاث هذه الظاهرة.

ورغم أن هناك قانونا خاصا بترخيص السلاح وحمله في الأردن، إلا أن الالتزام بهذا القانون يبدو الآن في حده الأدنى، فلم يعد يقتصر اقتناء السلاح وحمله على الذين لديهم رخصة بحمله؛ بل على العكس؛ إذ من الواضح أن اقتناء السلاح بأنواعه المختلفة (من المسدس إلى الأسلحة الأتوماتيكية) منتشر بكثرة لدى عامة المواطنين، وبفئاتهم الاجتماعية المختلفة، وأخطرها فئة الشباب.

لقد جاء القانون ليفسح المجال للفئات التي تتطلب ظروف عملها أو معيشتها اقتناء السلاح، وحدد ظروف حمله.

لكن مع انتشار اقتناء وحمل السلاح غير المرخص أو غير القانوني، فإنه لم يعد مقتصراً على فئة أو منطقة معينة، بل يحمل السلاح الآن الشباب وطلبة الجامعات والمتعلمون والقاطنون في المدينة والريف على حد سواء.

صحيح أن هناك قيمة اجتماعية تدفع الناس إلى اقتنائه أحياناً، ولكن حجم انتشار السلاح يتجاوز كل الاعتبارات الاجتماعية، ليؤشر إلى أن الناس يشعرون باطمئنان أكثر إذا كان لديهم سلاح، أو أن البعض يقتنيه للاستقواء على الآخرين، وفي كلتا الحالتين فإن لدينا مشكلة.

وعودة للسلاح والعنف؛ فإنه من أبسط المعادلات المعروفة هي أن مجرد توفر السلاح أو أي أداة بحوزة شخص يجعله ميالاً إلى استخدامه، عن وعي أو بدونه، في حالات شجار قد يتورط فيها مع آخرين.

إذن، فمجرد توفر السلاح يسهل الاستخدام، ويزيد من وتيرة العنف عند وقوعه، ويفاقم من التعدي على القانون، ويشجع الناس على الحصول على حقهم بأنفسهم.

وثمة ظاهرة لا تقل خطورة عن ظاهرة حمل السلاح، هي ضعف إجراءات التقاضي، والبطء الشديد في عملية التقاضي في كثير من الأحيان.

ومن أبرز مظاهر ضعف التقاضي في هذا النوع من المشاكل هي أنه، وفي أغلب الأحيان، يقوم المعتدي والمعتدى عليه بتقديم شكوى لدى الجهات المختصة، غالباً مع الحصول على تقرير طبي غير صحيح أو نتيجة افتعال الأذى.

وما يحصل عادة أن الاثنين يصبحان في نفس المرتبة، على الأقل أمام الجهات الأمنية، ولاحقا لدى المحاكم.

والحل الذي ينتج عن هكذا حالة، وبعد التدخل الاجتماعي (العائلي)، هو تنازل الطرفين عن الشكوى.

وفي أغلب الحالات تنتهي المشكلة هنا، ولا تتم متابعتها من قبل الجهات المختصة.النتيجة هي أن حقوق المعتدى عليهم تضيع، وتتطور ثقافة عدم الثقة بالقانون وإجراءات التقاضي، وبروز نزعة للحصول على الحقوق ذاتياً ومن خلال الأطر العائلية أو العشائرية.

والضحية الحتمية لذلك هي تراجع هيبة القانون وسيادته، وعدم حصول الناس على حقوقهم.

إن انتشار السلاح وحمله، وضعف إجراءات التقاضي، يساهمان بشكل كبير في حصول العنف وانتشاره وتجدده، سواء كان ذلك داخل أسوار الجامعات أم خارجها.لقد بات من الضروري توجيه الاهتمام لمعالجة هاتين المسألتين، كشرط أساس لمحاربة العنف الاجتماعي والحد منه.

ومجلس النواب الذي ينظر في عنف الجامعات في هذه المرحلة، مطالب بإعادة النظر في القوانين ذات العلاقة بالموضوع، والتحرك لوضع أو تعديل التشريعات ذات العلاقة.

الغد

أضف تعليقك