الطبقة الوسطى سند للنظام السياسي

الطبقة الوسطى سند للنظام السياسي
الرابط المختصر

فعل خيرا المجلس الاقتصادي والاجتماعي باعلانه عن دراسة الطبقة الوسطى في الاردن متزامنة مع تكليف جلالة الملك للحكومة الجديدة بمهمة توسيع شريحة الطبقة الوسطى كعلاج حقيقي لمشكلتي الفقر والبطالة.

وتُعرِّف الدراسة الطبقة الوسطى بانها مجموعة الافراد الذين يشكل نصيبهم من الانفاق السنوي ضعفي خط الفقر على الاقل وتقدر الدراسة نسبة الطبقة الوسطى في الاردن بـ 41.1 بالمئة من مجموع السكان وهي نسبة جيدة بالمفهوم الاقتصادي والاجتماعي, لان زيادة اعداد هذه الطبقة في اي مجتمع تعني اتوماتيكيا تقليل اعداد الفقراء.

لكن الغريب في نتائج الدراسة ان العاملين في القطاع العام غابوا عن تموضعهم التاريخي في الطبقة الوسطى مما ينبىء بوجود حركة تنقلات واصطفافاتجديدة في المجتمع الاردني حسب الدراسة والتي حددتها بالعاملين في قطاع التمويل (البنوك الوساطة المالية وقطاع العقارات) والاعمال التجارية ( محاسبة, داعية, الاستشارات, القانون, تكنولوجيا المعلومات وبحوث الشركات ) و(الصحة والطب والمستشفيات) وقطاع العمل الاجتماعي وقطاع النقل والاتصالات والتخزين.

والاصل التاريخي للطبقة الوسطى عربيا ان تتوزع بين كبارالموظفين والمثقفين وصغار التجار والرأسماليين واساتذة الجامعات وكبار ضباط الجيش والمهنيين ( اطباء ومهندسين ومحامين وقضاة..).

لن ندخل في الجانب الايديولوجي الذي يقول بان وجود الطبقة الوسطى يعني الوصول الى مجتمع طبقي وتضارب مصالح, بل نقول ان الاعتراف بتآكل فئة الطبقة الوسطى في اي مجتمع يعني انكشاف ظهر النظام السياسي الذي يصبح بلا قاعدة شعبية تحميه وتدافع عنه, ومن هنا تهب الدول من اجل إعادة بناء قاعدتها الاجتماعية وشرعيتها السياسية.

اذن, ما هي اسس إعادة بناء الطبقة الوسطى او توسيعها?

إن قضية الطبقة الوسطى هي قضية سياسية بالدرجة الاولى وليست قضية عدالة اجتماعية او اقتصادية, لان توسيع الطبقة الوسطى يعني بالدرجة الاولى زيادة توزيع الثروات بشكل اكثر عدالة وهذا لا يتأتى الا من خلال نظم سياسية قادرة على توفير مظلة العدالة, باعتبار ان الطبقة الوسطى هي تعبير حقيقي عن الهوية الوطنية المرتبطة اصلا بمشروع بناء الدولة الوطنية ولا يمكن ان تغيب عنه.

ولا يمكن إعادة بناء الطبقة الوسطى بدون مشروع واضح للدولة يقوم اولا : على تفعيل الدور السياسي الحقيقي للطبقة الوسطى كونها صاحبة مشروع سياسي واقتصادي وطني, ويقوم ثانيا: على تحديد دور فاعل للدولة ومؤسساتها في المجتمع, وثالثا: إعادة الاعتبار للقطاع العام ومحاربة اعداء الطبقة الوسطى (الاثرياء الجدد, النافذون في السلطة, البيروقراطيون, والفاسدون والمفسدون), وهذا الامر يحتاج الى مراجعة التشريعات والسياسات التي أدت الى تآكل الطبقة الوسطى وخروج الدولة من الاقتصاد وترك إدارته للمغامرين والطارئين والباحثين عن ادوار على حساب الاردنيين ودولتهم.

span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span