الصمت لم يعد مجدياً

الصمت لم يعد مجدياً
الرابط المختصر

على القوى الحزبية والسياسية أن تعلن موقفها من التخريب والتكسير والحرق وإطلاق الشعارات الفوضوية .

لم يعد الصمت مجديا بعد أن بدأت الفوضى والتخريب يسودان الشوارع والحارات، ويتصدران نشرات الأخبار في محطات التفلزة المحلية والعربية والعالمية، فقد تحولت الأهداف الشعبية المشروعة إلى شعارات وهتافات فوضوية مغامرة أولها "إسقاط النظام" وآخرها شتائم غير مقبولة، وسارت بعض المجموعات الشبابية في نهج التخريب والتدمير والسلب والنهب، فمن يقبل ذلك؟ وهل في البلد جهة حزبية أو سياسية أو شعبية ترفع مثل هذه الشعارات أو تقبل بها؟ وهل في ذلك تعبير سياسي مقبول؟

لا أحد يحب وطنه ويسعى لخيره يمكن أن يفكر في خرابه وتدميره، من يقبل بحرق مدرسة أو تكسير مؤسسة أو نهب سوق تجاري أو حرق سيارة أو محكمة أو الاعتداء على مركز أمني أو حتى كسر لمبة في الشارع العام أو إحراق محول كهرباء؟

فمن يقوم بذلك فهو منبوذ ولا يمكن أن تقبل به قوى سياسية أو حزبية أو شعبية، لأن الممتلكات العامة والخاصة جزء من الوطن الذي نحبه جميعا ونضحي من أجله ولا يمكن أن نسعى إلى خرابه.

في البداية لا بد أن نطلب من القوى الحزبية والسياسية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين أن تعلن صراحة وعلى رؤوس الأشهاد موقفها المحدد الواضح من عمليات الفوضى والتخريب والتكسير والحرق وإطلاق النار وإطلاق الشعارات الفوضوية التي تضر ولا تنفع وتقود البلاد والعباد إلى الفوضى.

فإذا تم شجب الفوضى والتخريب والشعارات والهتافات المغامرة فإن النقاط ستوضع على الحروف، وعندها يمكن أن نفهم ما يجري ونحصره في إطار الاحتجاج السلمي المشروع على قرارات حكومية مثيرة للجدل، وهذا بالتأكيد سيسحب كل عمليات التغطية والتمويه التي تعمل تحتها مجموعات شبابية فوضوية تحاول أن تعيث فسادا في الأرض.

ولن نختلف بعدها على حق الأردنيين (أفرادا وجماعات) في التعبير السلمي عن آرائهم ومعتقداتهم السياسية حتى لو وصلت إلى مرحلة الاحتجاجات المنظمة ومناهضة السياسات الحكومية، لكن قبل ذلك يجب أن نتفق على ثلاثة خطوط حمر لا يمكن لأحد أن يتجاوزها أولا: المحافظة على الدستور الذي يشرع بأن الحكم نيابي ملكي وراثي، وثانيا: احترام رمزية الملك في الدستور والنظام الأردني وثالثا: المحافظة على الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة كدرع لحماية الوطن، وبعد ذلك فإن باب الاجتهاد والنقاش والتعبير مفتوح في كل الاتجاهات.

نتفهم موقف الحكومة والوضع الخطر للخزينة العامة، لكن في الوقت نفسه نعترف بأن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية كان خيارا غير حكيم وجاء في توقيت غير سليم وأثار ردود فعل شعبية مشروعة، وأن الأصل أن تتراجع الحكومة عن قرارها وتجد سبلا لتخفيف العجز في الموازنة غير جيوب الناس، ونريد بكل وضوح أن نكون في دولة رعاية لا دولة جباية.

أما الحراكات الشعبية والشبابية التي نحترمها ونجلها التي خاضت على مدار السنتين الماضيتين حراكا شعبيا مباركا حمل هموم الناس وطموحاتهم، فإنها مدعوة جميعها إلى تفويت الفرصة على المتربصين والباحثين عن شهوة السلطة من خلال ركوب موجة الفوضى العابرة، والمطلوب منا جميعا هو إعادة توحيد الصفوف والاتفاق على برنامج وطني محدد وواضح المعالم يجمع هذه الحراكات تحت شعارات وأهداف سياسية واقتصادية تعبر عن مصالح الأغلبية الشعبية الأردنية في كل مواقعها بعيدا عن المغامرة.

من حق الجماهير والقوى الحزبية والسياسية أن تعبر عن رفضها لقرارات وسياسات الحكومة وتطالب بإسقاطها، ومن حق الجميع أن يشارك في الانتخابات النيابية والبلدية أو يقاطعها لكن ليس من حق أحد أن يتخذ الانتخابات ذريعة من أجل تخريب البلد أو مناكفة الحكومة، وإذا كان مثل هذا الهدف موجود فالأردنيون لا يريدون الانتخابات من أساسها ويمكنهم القبول بتأجيلها أو حتى العيش من دونها

العرب اليوم

أضف تعليقك