اهتمام مرجعيات عليا في القضية يقابله استخفاف حكومي .
لا يريد بعض المسؤولين الاعتراف بالمأزق الذي دخلت فيه الحكومة بعدما انكشفت التفاصيل المحرجة والمتعلقة بخروج السجين خالد شاهين من السجن بموافقة ورعاية رسمية ومغادرته الى لندن بدعوى العلاج في امريكا, ولتجنب الاعتراف بالمسؤولية عما حصل واجراء تحقيق شفاف يبدي وزراء حالة من الإنكار ويصرون على ترديد الاعذار الواهية لقرار الموافقة, لا بل ان احدهم يرى في تصريحات صحافية ان القضية برمتها ليست أولوية حكومية ويصف المتابعة للقضية في الصحافة بأنها "حملات تهييج وضجيج" ويدعو الى وقف ما سماه ب¯ "المزايدات".
ندرك مدى الاحراج الذي تسببت فيه القضية للحكومة, لكن من المؤسف ان تجد مسؤولا يتعامل بهذا الاستخفاف مع فضيحة خطيرة بهذا الحجم في الوقت الذي تبدي فيه مرجعيات عليا اهتماما استثنائيا بتفاصيل القضية, وتتعامل معها بأعلى درجات المسؤولية نظرا لخطورة الاستنتاجات والتكهنات التي راجت في الاوساط الشعبية بعد نشر "العرب اليوم" لمجريات سفر شاهين للخارج وما اعتبره البعض عملية "تهريب" تمت بموافقة جهات عليا.
وفي اوساط الحكومة هناك من يعتقد ان المهم في هذه اللحظة هو "جلب" شاهين من الخارج واعادته الى السجن, لا احد يعلم بالطبع مدى امكانية ذلك خاصة وان "السجين" - وتلك هي المفارقة - يتنقل بين عواصم كثيرة وسيحاول بكل الوسائل الافلات كي لا يعود الى السجن كونه متهما في قضية ثانية قيد النظر الآن في "أمن الدولة" وقد يصدر فيها حكم جديد يمدد اقامته بالسجن.
لكن الاهم من اعادة شاهين الاجابة على سؤال رئيسي:- من الذي سهل مهمة شاهين في الهروب بدعوى الحالة الصحية الخطيرة ومن تواطأ معه?
سواء تم استرجاع شاهين أم لا فان الوصول الى حقيقة ملابسات "تسفيره" هي قضية رأي عام بامتياز لا يمكن تجاهلها او التغاضي عنها, وإلا فان الاتهامات ستطال المسؤولين على مختلف المستويات.
ان ما حدث سابقة خطيرة, ولو افترضنا بحسن نية ان الحكومة قد تعرضت للخديعة ووافقت على القرار لدواع انسانية بحتة فان افتضاح زيف هذه الادعاءات لا يعفي احدا من تحمل المسؤولية ويضع القضية في خانة الاهمال وعدم القيام بالواجب حسب القانون.
كان بوسع المسؤولين ولقطع الشك باليقين عرض "المريض السجين" على لجنة من اطباء الخدمات الطبية الملكية وهم الأكفاء المشهود لهم بالخبرة والنزاهة ليقولوا كلمة الفصل بدل ان يُبنى القرار على اساس نظري وتقارير مجردة ليس معلوما وفق اي معطيات أعدت.
العرب اليوم