الرأي والرأي الآخر

الرأي والرأي الآخر

في بلاد العالم الديمقراطية هناك قيمة حقيقية واحترام للرأي الآخر ولا يمكن لأي كان أن يتشبث برأيه ويدّعي أنه هو الوحيد الذي يمتلك الحقيقة، وحتى على مستوى الحكم في تلك البلاد فهنالك دائما أحزاب حاكمة وأحزاب معارضة، فالحزب الذي ينجح في الانتخابات هو الذي يتولى الحكم والحزب أو الأحزاب التي لا تنجح في هذه الانتخابات تجلس في صفوف المعارضة والعكس صحيح، فإذا طرح أي مشروع قانون للنقاش في مجلس النواب فإن هذا المشروع يقر بالأغلبية ولا يمكن لأي معارض أن يخوّن الآخر الذي في الحكم وهكذا تسير الأمور بكل سلاسة ونظام ويحترم كل نائب أو مواطن الرأي الآخر وقد يعارضه لكنه يقبله في النهاية إذا كان قد حظي برأي الأغلبية.

في بلدنا -مع الأسف الشديد- هنالك فئات تعتقد أنها هي الوحيدة التي يجب أن تنفذ آراؤها ومعتقداتها ولا تقبل الرأي الآخر أبدا، وقد تحدث جلالة الملك أكثر من مرة تلك هذه الفئة عندما قال إنه لا يجوز لفئة أن تدّعي احتكار الحقيقة أو تمثيل الشعب كله.

الأديب الفرنسي المشهور فولتير قال جملة مشهورة ما زال صداها يتردد حتى يومنا هذا وتلك الجملة يجب أن يعرفها الجميع ويحفظوها عن ظهر قلب حتى تتأصل في نفوسهم الديمقراطية. يقول فولتير : «خذ عمري لكن دعني أقول رأيي» أي أنه يطلب من الآخر أن يستمع لرأيه و وجهة نظره لا أن يصرّ هذا الآخر على أن رأيه هو الرأي الوحيد الذي يجب أن يقال أو يؤخذ به.

في بلدنا هنالك سقف عال لكل الذين يريدون التعبير عن آرائهم وها هي الحراكات الشعبية التي تجري في مدننا منذ حوالي سنتين ويقوم المشاركون فيها بالهتاف بأعلى الأصوات ضد الفساد وضد بعض مؤسسات الدولة وحتى ضد بعض الأشخاص الذين شغلوا مناصب مهمة في الدولة ولم يعتقلوا أو تجرى ملاحقتهم أو التضييق عليهم لكن بعض هؤلاء يريدون تفصيل بعض القوانين على مقاسهم ويريدون أن تنصاع الدولة لرغباتهم وأن تلبي طلباتهم بأساليب غير دستورية، فمن غير المعقول أن تقوم الحكومة بتغيير قانون أقره مجلسا النواب والأعيان وصدرت به الإرادة الملكية السامية أي أنه مر بجميع مراحله الدستورية.

د. عبد الله النسور حظي باحترام الجميع عندما سئل بأنك كنت معارضا لبعض القوانين وأنت في مجلس النواب والآن عندما أصبحت رئيسا للوزراء ستقوم بتطبيق هذه القوانين بخاصة قانون الانتخاب ؟.

رئيس الوزراء قال إنه قد يكون ما زال معارضا لقانون الصوت الواحد لكن ما دام قانون الانتخاب قد مر بجميع مراحله الدستورية فهو يحترم رأي الأغلبية وسيطبقه حتى لو كان معارضا له.

وهذه هي الديمقراطية الحقيقية وهي أن تحترم الرأي الآخر ولا تصادره وتدّعي أن رأيك هو الرأي الصائب فقط وأنك وحدك من يمتلك الحقيقة.

الدستور

أضف تعليقك