الرأي العام لن يقتنع

الرأي العام لن يقتنع
الرابط المختصر

 

أي قرار برفع الدعم سيخرب الأجواء الإيجابية التي أشاعها خطاب الملك .

يبدو أن الحكومة غير مقتنعة بحساسية المرحلة خاصة أننا مقبلون على انتخابات نيابية تقاتل أطراف من أجل إفشالها، فقد خرجنا من اجتماع مع دولة رئيس الوزراء د. عبدالله النسور بأن قرار رفع الدعم عن المحروقات قادم وأن المسألة لم تعد بيد الحكومة الملتزمة مع صندوق النقد الدولي والخائفة على سعر صرف الدينار، بعد ان اقترب العجز في الموازنة العامة من 75 % من الدخل القومي وهو ما جعلها تتخطى الخطوط الحمر.

رئيس الوزراء لم يقل أن حكومته ذاهبة لا محالة الى رفع الدعم لكنه وضع الصحافيين في أجواء (من دون مبالغة) تقول إما الرفع أو الكارثة، محمِّلا الحكومات السابقة كل المسؤولية في تسويف اتخاذ قرارات صعبة، وعرّج على أن حكومته بامكانها أن تتجاهل الحقائق وتمضي فترتها الانتقالية "قمره وربيع" لكن المشكلة لن تحل.

وكان الرئيس واضحا "لازم نوخذ قرارات صعبة...بدكوا تساعدوني، بدي اياكوا تظلوا معي... اذا ننقذ الاقتصاد نكون وطنيين". اذا الرسالة واضحة لا لبس فيها، قرار رفع الدعم عن المحروقات وهناك عشرات السيناريوهات في البديل أي أسلوب الدعم للشرائح الفقيرة والمتوسطة الدخل.

فهل يصبح عيدنا بعيدين او سعرين، نعيِّد على أسعار المحروقات الحالية وبعد العيد نصبح على أسعار جديدة؟

لا يختلف اثنان على أن العلة الاردنية في الاقتصاد لا في السياسة، وهناك إحجام واضح من قبل الدول العربية التي كانت تقدم المساعدات المالية دعما للموازنة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والحجة المتداولة "وجود الفساد"، لذلك تقتصر المساعدات الخليجية اليوم على دعم المشروعات وليس على تقديم "الكاش".

الصحافيون نصحوا رئيس الوزراء بأن "الكي آخر الدواء وليس أوله" وأن الظروف المحلية والاقليمية غير مؤهلة لاستقبال قرار بحجم تعويم أسعار المحروقات، وأن أي قرار من هذا النوع سيعطي المعارضة والمرشحين للانتخابات "وقودا ملتهبا" لانتقاد النظام السياسي ومجمل الدولة وهو ما سيصب في خانة تصعيب عملية إجراء الانتخابات النيابية ودفع الناخبين الى خيارات غير مريحة، فإما تراجع نسب الاقبال على الصناديق او انتخاب أشخاص غير مؤهلين او مغامرين.

لا يمكن الاقتناع بوجهة نظر الحكومة وتبرير قرارها في رفع الدعم من أجل تخفيض قيمته الى 216 مليون دينار حسب وصفة صندوق النقد الدولي، من دون التساؤل عن الجدوى من "عصر جيوب الناس" في ظل غياب قانون عادل للضريبة يخفف قيمها على الشركات والبنوك الكبرى، وفي ظل استمرار "الحكي عن صفقات غير عادلة" في بيع شركة الكهرباء، وفي ظل غياب الشفافية عن أسعار استيراد المحروقات وتسعيرها وفي ظل مراوحة رؤوس الفساد في مكانها.

المعادلة باتت واضحة، لن يقتنع الاردنيون بما تطرحه الحكومة من أسباب موجبة لقرار رفع الدعم عن المحروقات ولن يثقوا بأية آليات لتوزيع الدعم على مستحقيه لان ما سيأخذه المواطن بيد سيدفعه بالأخرى بعد انفلات أسعار المواد والسلع والخدمات، وايضا لن تستطيع الحكومة في ظل أوضاعها الحالية إنقاذ الاقتصاد، لكن التوقيت في اتخاذ القرار هو الاهم، فاذا اتخذ في وقت مناسب كان مقنعا وتمريره سهلا، لكن اذا اتخذ في وقت خطأ فإنه سيزيد الطين بلة وستضطر الحكومة كسابقتها الى التراجع عنه تحت ضغط الشارع.

لقد أعاد خطاب جلالة الملك يوم الثلاثاء الماضي التوزان للدولة وأطلق أجواء جديدة في التعامل مع الاردنيين، ووضع نقاطا كثيرة على الحروف. كما أن القرار الملكي بالافراج عن "الحراكيين" فكك أزمة صامتة كانت تتطور بخبث؛ لذا فإن مثل هذه الاجواء الايجابية سيخطفها أي قرار حكومي غير عقلاني لا يأخذ مواقف ومخاوف الناس بالحسبان.

وكل عام والاردن بخير، شعبا ونظاما وارضا.

العرب اليوم

أضف تعليقك