الدولة المدنية على خارطة التوسع

الدولة المدنية على خارطة التوسع
الرابط المختصر

 

 

هل ما تردد من نظريات، في الآونة الأخيرة، حول ما يسمى بـ"المملكة الهاشمية المتحدة" هو بالونات اختبار تسعى السلطة من خلالها لجس نبض الشعب ودراسة ردود الأفعال حولها؟ أم أن دهاء بعض الكتاب أوصلهم إلى معلومة ما نجهلها؟ أم أن كل ما تردد هو قراءة غيب سياسي أو حتى هلوسات وفانتازيا لا تمت للواقع بصلة!

 

المقلق أننا لا نجد مكاناً لما يسمى بالدولة المدنية بين جميع السيناريوهات المطروحة، فالدولة المدنية هي بالأساس نقيض للفوضى والدولة التسلطية، التي تغيب فيها إرادة الشعب أو تغيّب، كما أنها نقيض الدولة التي يسود فيها الفكر الواحد المطلق. وما يحدث على الأرض الآن هو الفوضى بذاتها؛ ولا حول ولا قوة للإرادة الشعبية ومن يمثلها، فها نحن نغرق بين الرسائل وتفسيرها، وننتظر أن يُغدق علينا بأية معلومة، ولو على شكل مكرمة .

 

على أرض الواقع، لا نلحظ تأسيساً لمقومات الدولة المدنية القائمة على الشرعية الدستورية والسياسية والسلطة العليا للشعب وسيادة القانون، ولا وجود لمشروع حقيقي يعمل على إعادة هيكلة شكل الدولة ومؤسساتها في إطار إصلاحي ينظم حياة الناس العامة، ويضمن سلامة المجتمع وخدمة الصالح العام.

 

لا تزال مؤسسات الدولة في عهدة فكر تقليدي محافظ يرفض الإصلاح، والعمل السياسي -روح الرقابة الشعبية على السلطة- في عهدة أحزاب غارقة في الماضي تستبد بها حالة من النوستولوجيا، ومرتبطة بحدود وخرائط يجري العمل على تحديثها، ومرجعيات تدور حول نفسها، وتحاول الحصول على أدوار ريادية في المنطقة.

 

أين هو التيار الثالث الذي انتظرناه طويلاً منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في الوطن العربي، وهو يتشكل بالضرورة من دعاة التغيير والإصلاح الحقيقي، والباحثين عن كيانات سياسية تقدمية غير تقليدية يجمعها الموقف الوطني، ولا تقصي أحداً.

 

أين نحن اليوم من الدولة المدنية؟ ومن هم روادها؟ انتظرناها طويلاً من غير طائل، إذ يتقن أنصارها لعب أدوار متعددة، فهم موالون للسلطة وليبراليون وتقدميون وثوريون ورجال أعمال في الوقت نفسه!

 

هل توّسع الدولة أكتافها لحمل المزيد عبر الحدود الشرقية والشمالية والغربية، أم لا؟ ليس مهماً أن نتنبأ بما هو قادم. ما أعرفه أننا بالشكل الحالي للدولة ومؤسساتها ومجتمعها المدني لسنا دولة مدنية إلا في خطاباتنا الرسمية، وفي أحلامنا ومخيلتنا، بينما عملنا من أجل هذه الفكرة في الواقع ليس كافياً. أخشى إذا ما تحققت أي من هذه السيناريوهات التي يتحدثون عنها، أن نتحول إلى ميليشيات متناحرة؛ مجاميع بشرية لا مواطنين.

 

تمارا خزوز: صحافية وحقوقية أردنية حاصلة على ماجستير صحافة وإعلام حديث، وماجستير قانون التجارة الدولية، وناشطة في مجال الحقوق والحريات العامة.

أضف تعليقك