الحلول "الترقيعية" لا تجدي

الحلول "الترقيعية" لا تجدي
الرابط المختصر

ليست حكومتنا وحدها التي تطالب بشد الأحزمة على البطون، وهذه الإجراءات التي تقوم بها حكومتنا وغيرها من الحكومات المتعثرة، كانت نتيجة هيمنة وسيطرة الرأسمالية بصورتها البشعة.فالدول لم تعد تمتلك السيادة الحقيقية على أوطانها، كما أن حكوماتها قد أغرقتها بالفساد والمديونية، وهذا الثمن لا بد أن يدفعه أحد، والذي سوف يدفعه المواطن العادي من قوته اليومي.

وبحكم المؤكد فإن مثل هذه الإجراءات، التي تقوم بها الحكومات المتعثرة أوضاعها الاقتصادية، كما الحال عندنا، تكون وفقا لما تمليه الصناديق العالمية التي نستدين منها ونسلمها رقابنا، وتخلق الأزمات عندنا.

يبدو أن المستقبل لا يحمل الكثير من البشائر الايجابية التي يمكن التفاؤل بها لخروج الاقتصاد العالمي من أزمته، بل على العكس العديد من المؤشرات والتقارير الدولية تقول إن المستقبل سيحمل العديد من الانتكاسات.

أصبحت الدول التي تعاني من الأزمات الاقتصادية أمام مأزق حقيقي يهدد استقرارها أمام مواطنيها؛ فأي قرار يتم الأقدام عليه، في محاولة لإيجاد حلول ترقيعية للمأزق الذي وضعت فيه الحكومات نفسها، يزيد من أعباء المواطن الاقتصادية، وتكون ردود الفعل غاضبة وعنيفة.

فمثلا تقف اليونان شاهدا حقيقيا على عمق الأزمة العالمية وطبيعة ردود أفعال الناس عليها، فالمواطن اليوناني بدأ يشعر بالموت البطيء حيال السياسات التي تنتهجها حكومته لمعالجة الخلل الذي يعصف بها، فالتدابير والإجراءات التي تحاول القيام بها، من خفض الرواتب والأجور وزيادة الضرائب وتسريح العمال وإغلاق المؤسسات والشركات الحكومية، لم تؤد سوى إلى طريق واحد، وهذا الطريق هو الخروج إلى الشارع للاحتجاج والتعبير عن عقم مثل هذه السياسات التي تحاول حل مشاكل الاقتصاد على حساب المواطن.

والحالة لا تفرق بيننا وبين اليونان من خلال ما تصرح به الحكومة، لحل المشاكل الاقتصادية العالقة، ويبدو أن ثمة إصرارا على عدم التفكير بجدية للخروج من المأزق المتراكم لسنوات طويلة، لا تتحمل وزره حكومة واحدة بل سلسلة طويلة من الحكومات، لا يتسع المجال لذكرها، لا تمتلك رؤية واضحة للخروج من المأزق الاقتصادي الذي يعصف بالمواطن والحكومة.

الحلول التي يتم تقديمها واقتراحها ترتب مزيدا من الديون الخارجية والداخلية التي يتحمل المواطن فيها كامل المسؤولية لتسديدها، رغم أنه لا ناقة له ولا جمل في كل المواضيع المتعلقة بالدين، وهو معني في هذا السياق أن يتحمل عثرات الحكومات المتعاقبة السياسية منها والاقتصادية، ويشد الحزام تلو الحزام على بطنه، نتيجة لهذه السياسات الخاطئة.التصريحات الأخيرة حول الدعم المقدم للمواطن عبر بعض السلع والحديث عن تخوفات على مستقبل الدينار، ليس حلا للمشكلة بل هو مشكلة في حد ذاتها، وقد آن الأوان لترك الحلول الترقيعية سواء في السياسية أو الاقتصاد.

الغد

أضف تعليقك