الحكومة والبرلمان ثقة وحصانة

الحكومة والبرلمان ثقة وحصانة
الرابط المختصر

الثقة غير المسبوقة التي حصلت عليها الحكومة من مجلس النواب, ربما تحقيقا مشوها لمفهوم التعاون والتنسيق بين السلطتين, التنفيذية والتشريعية حصل الرفاعي من البرلمان الأردني على (111) ثقة , من اصل (119نائبا), بمرتبة شرف من الدرجة الأولى وتقدير "3 جيد " البرلمان منح الثقة,

واستحق تحية من الحكومة بزيادة الحصانة للنواب تردع المشاغبين أو المناكفين أو المعارضين من التطاول على الركن الدستوري التشريعي, وترفع المجلس إلى المقامات الحصينة التي يحرم إطالة اللسان بنقدها فضلا عن قدحها.

هل هي مرحلة سياسية جديدة؟ تتجاوز المناكفات السابقة المحدودة جدا, تلك التي لا تحتملها الحكومات ذات الطبائع الاستبدادية, حتى تتفرغ لصنع الخوارق وانجاز التقدم, والقضاء على الأعداء, ومغادرة مربعات التخلف والفشل , ومنظومة دول العالم الثالثية والتحليق بالعباد والبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة, باعتبار أن المعارضة أو المناكفة مهما يكن شكلها وجوهرها ومفعولها معيقة للإصلاح المنشود والأمل المفقود, وهل نحن أمام مرحلة مختلفة ومغايرة للعرف التقليدي السائد؟ وتبشر بالتأسيس لمقاربة سياسية حداثية عصرية تنويرية !! تطيل عمر الحكومة لأربعسنوات, وبالتوازي مع عمر المجلس النيابي المتعاون جدا معها" أي مع الحكومة".

أربع سنوات أو يزيد, لا تسال عن النص الدستوري المخالف للواقع المطلوب إنتاجه, إذ لا مشكلة في النصوص القابلة للتفسير باجتهادات متعددة تحت الطلب تماما مثل تفسير الأحلام في المنام أو كوابيس اليقظة لا فرق, ما دام أن المعني بتفسير نصوص الدستور ليست محكمة دستورية مهنية فنية تحظى بالصدقية والاحتراف.في زمن الصوت الواحد والوهم السائد, الذي اتصف به قانون الانتخابات النيابية ودوائره الوهمية,

لم يعد ما يدعو إلى الاستغراب أو الاستنكار أو إثارة علامات التعجب, فالعولمة الحديثة قادرة على تطويع النصوص وإخضاع المؤسسات, واختراق طبقة الأوزون وأصبح التجاوز على الدستور صفة الحكومات مع غياب الرقيب وضعف المعارضة التي تطالب الحكومة بالالتزام بالدستور, وعدم انتهاك نصوصه أو الخروج على موّاده,

فإذا حصل التناقض أو الاعتراض, فان الأغلبية الساحقة التي منحت الثقة 93% تمكنها بسهولة من تغيير الدستور الذي اقسم الوزراء والنواب على احترامه .حسنا إرادتها الحكومة سلطة مطلقة وقد حصلت على ما تريد فهل ستأتي بما لم يأت به الأوائل؟ أم أنها ستدخل في حالة استرخاء لا نتوهم أو نظن أن الرئيس زاهد لا يحب الإطراء أو المدح أو تسجيل رقم فلكي غير مسبوق في الثقة ,

شانه مثل بقية الرؤساء السابقين والقادمين, ولست بصدد أن افسد على الرئيس نشوة الثقة التي ربما يحسده عليها بعض المنافسين, ولكن للتذكير بان المطلوب لمواجهة المشاكل والاختلال ليس إدارة مفعمة ومشبعة بثقة غالبية النواب, وتشير إلى صحة القراءة والمقاربة التي اعتمدتها قوى المقاطعة, وحذرت من نتائجها. لا تركنوا إلى استطلاعات الرأي المعلبة على المقاس المطلوب, وجاهزة تحت الطلب فهي لا تمثل الواقع, ولا تعكس الحقائق, ولا تظنوا أن المعارضة اليوم هي بعض الأحزاب التي تصفونها بالهامشية, وليس عنوان المناكفة صالونات عمان السياسية النخبوية , أبدا ولا هي الشخصيات المنافسة, أو المتربصة لاغتنام الفرصة والانقضاض على كرسي السلطة, ولا بد أن ينكشف المشهد السياسي للتعبير عن معارضة ليست بحاجة إلى إطار أو ثقافة حزبية شكلية وغير قادرة على الفعل أو التأثير, ولكنها تعبر عن الوجدان الأردني الأصيل, وتدرك بفطرتها وحسها الوطني حجم التشوه الذي أعطب الحياة السياسية,

وبطبيعتها تنمو وتكبر وتتوسع وتسعى للتعاون والتنسيق علىالقواسم الوطنية المشتركة , ومن الطبيعي أن تعلن عن نفسها بطرق متعددة,

بانتظار لحظة الانطلاق والإقلاع, بالتأكيد ليس من داخل مجلس النواب الذي صدقت قراءتنا لحاله وماّله, اعرف أن هناك من يقول غير ذلك ويصور لأصحاب القرار أن الوضع "قمر وربيع, وسمن وعسل" , لكن هؤلاء ليسوا معنيين إلا بمواقعهم, ولا يأبهون إلا لمصالحهم وإذا "وقعت الفأس في الرأس" لا ترى لهم أثرا,

ولا تسمع لهم همسا, يتلاشون كما تلاشت كل البطانات المعروفة, من شعراء السياسة, وحملة المباخر فهؤلاء لا يصنعون المستقبل ولا يطيلون عمر الحاضرلأنهم أفيون السلطة, إذ يخدرون, الوعي المسئول وعندها تحل الكوارث .بقي القول إن منح الثقة للحكومة كشف الكثير من المزايدين الذين انقلبوا على أنفسهم, وناقضوا برامجهم عندما كانوا مرشحين, وبحاجة أصوات الناخبين, بل إن بعضهم سار في الاتجاه المعاكس عند مناقشة بيان الحكومة أوسع الحكومة هجاءا, ومنح الثقة فذهبت الحكومة بالجمل وما حمل, وسقطت دعاوى الذين راهنوا على نشوء معارضة داخل المجلس, وصدق الذين قراؤا المكتوب من عنوانه المتمثل بالسوط الواحد