الحكومة تبدأ بحلحلة الملفات العالقة .. ماذا بعد؟!

الرابط المختصر

أحسنت الحكومة بإلغاء قرارات الاستيداع والنقل بحق المعلمين المطالبين بتأسيس نقابة لهم، وتسجل الحكومة سابقة تحسب لها إن استطاعت الوصول لتفاهم مع المعلمين لتشكيل إطار يجمعهم، فإن كان هناك قرار من لجنة تفسير الدستور بعدم جواز تأسيس نقابة، فإن مبادرة من الحكومة وقادة الحراك التعليمي في البحث عن نقطة لقاء للخروج من المأزق وقبول حلول توافقية مثل تأسيس اتحاد معلمين فاعل أبعد من قصة اتحاد لأندية المعلمين حتى لا يكون إطارا شكليا يعد مكسباً للمعلمين والمعلمات الذين طال الانتظار لإنصافهم.

من الواضح أن الحكومة بدأت خطوات لحلحلة الملفات التي تثير الزوابع في وجهها، وهي مستعدة كما ينقل عن رئيس الوزراء للتراجع خطوة إلى الوراء إذا كان ذلك في مصلحة البلد ويخدم البرنامج التنفيذي للحكومة، ولكنها أيضا تقول أنها لا تريد أن تخضع للضغوط والابتزاز ولا تريد أن تنتهج سياسة الاسترضاء.

الخطوة التي قامت بها الحكومة مع المعلمين قبل بدء العام الدراسي خطوة استباقية مهمة، وهي تعكس أيضا أن الرئيس سمير الرفاعي قد فوض نائبه ووزير التربية والتعليم، د. خالد الكركي للتحرك لخلق تفاهمات وتسويات، وهو مؤشر إيجابي لأن هذا يعني أن ملف المعلمين قد يحل في البيت الحكومي بعيدا عن التشويش.

قبل إلغاء قرارات الاستيداع تحركت الحكومة لتطويق الأزمة التي خلفها قانون جرائم أنظمة المعلومات، وقدمت تعديلات إيجابية على القانون أزالت كثيرا من نقاط الالتباس وخففت من مخاوف الجسم الإعلامي.

المهم أن تتحرك الحكومة وتنشط في إجراءات بناء الثقة مع الإعلام، فالمشكلة لم تبدأ مع قانون جرائم أنظمة المعلومات، بل بدأت مع مدونة السلوك لعلاقة الحكومة مع الإعلام، فمضامين المدونة جيدة، لكن أن يتوقف التطبيق عند حدود وقف الاشتراكات والإعلانات فهذا تطبيق جائر لنص يبدو عادلا.

قلت لرئيس الحكومة، خلال لقاءات متعددة معه، إن المشكلة في ترتيب الأولويات، فالصحافيون يشكون منعهم من الوصول للمعلومات وحجبها، ويتعرضون لانتهاكات متعددة الأشكال، وفوق ذلك كله حصار اقتصادي مبرمج امتد طوال العقد الماضي.

الحكومة اليوم تفتح قلبها وعقلها لمراجعة آليات التعامل مع الإعلام، وتعترف أن التواصل مع الصحافة وإطلاعها على تفاصيل ما تخطط وما تفكر بعمله كان يشوبه القصور، وبأن الإعلام الرسمي حتى الآن لم يصبح ذراعا داعمة بطريقة مهنية تتجاوز التغطيات الرسمية للأنشطة.

وقفة المراجعة الحكومية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية أكثر من ضرورية، فإذا كنا نريد انتخابات نزيهة وشفافة فلا يكفي فقط الإجراءات التي اتخذت حتى الآن في التسجيل والطعون رغم أهميتها. المطلوب فتح الحوار المجتمعي لتعزيز الثقة بالعملية الديمقراطية، فمسيرة الإصلاح ما عادت كلاما للتسويق الخارجي فقط، وهذا يتطلب من الحكومة مبادرات لإثبات جديتها في طي ملف انتخابات 2007، والاقتراب من قوى المجتمع والأطراف الفاعلة فيه مثل "الإخوان المسلمين" وتقديم حزمة تصورات للخروج من نفق المقاطعة.

الوقت لم يفت حتى الآن، وحين تصغي الحكومة وتتقدم بخطوات تصحيحية، فإن على الأطراف الأخرى أن لا تقف مكتوفة الأيدي، وأن لا تتمترس خلف شعارات ديماغوجية، بل أن تلتقط هذه المبادرات، لأن الهدف ليس المناكفات والمزايدة، وإنما بناء أردن ديمقراطي تسوده العدالة ويقطف ثمار التنمية المستدامة كل أبنائه.