التفكير خارج الصندوق

التفكير خارج الصندوق
الرابط المختصر

ما لا يختلف عليه اثنان أن الحكومة والمواطن يعيشان أزمة مشتركة لكل منها أسبابها وظروفها.

الحكومة من جانبها تمر بأزمة في ماليتها العامة تتجلى بارتفاع عجز الموازنة العامة لمستويات مقلقة يتوقع أن تصل إلى 1.1 بليون دينار نهاية العام الحالي، إضافة إلى ارتفاع الدين العام ليقارب 10 بلايين دينار بالتزامن مع تراجع المنح المدرجة وغير والمدرجة في الموازنة العامة.

مشكلة الحكومة تتجلى أيضا بضعف حيلتها تجاه زيادة الإنفاق العام لتنشيط الاقتصاد، وعجزها عن إيجاد مصادر للإيرادات بعيدا عن الضرائب والرسوم الجمركية التي تشكل 85 % من إجمالي إيرادات الموازنة العامة المقدر للعام الحالي بحوالي 6.1 بليون دينار.

أمام هذه المعطيات تتفاقم الحالة الحكومية في ظل معدلات نمو منخفضة جدا لا تكفي لحل المشاكل المالية أو حتى زيادة معدلات الدخل لتحسين مستوى معيشة المواطنين، لاسيما وأن الأردن تمكن خلال سنوات مضت من لإحداث التغيير المطلوب، فكيف الحال اليوم ومعدلات النمو تبلغ 2.03 %؟

وخلال الفترة الماضية بحثت الحكومة عن حلول لأزمتها المعقدة، وأعلنت عن برنامج لتحفيز الاقتصاد في وقت سعت لزيادة حجم إيراداتها من الضرائب لتساهم جزئيا بحل المشكلة.

المواطن بدوره يعيش أزمة مستمرة منذ سنوات متلاحقة وهذه نتيجة حتمية لتواضع مستوى دخله؛ حيث لا تتجاوز مداخيل 75 % من القوى العاملة الأردنية مبلغ 300 دينار شهريا، ولم تشهد معدلات المداخيل زيادة تتناسب مع معدلات النمو التي تحققت خلال السنوات الماضية، حينما غابت العدالة في توزيع مكتسبات التنمية على الجميع.

عجز الموازنة ازداد بعد موجات ارتفاع الأسعار الخيالية خلال العام 2008، نتيجة ارتفاع أسعار النفط والمواد الأساسية في الأسواق العالمية، حتى جاءت الأزمة المالية العالمية وأسقطت ما تبقى من فرص للخروج من المشاكل الخانقة بعدما زاد عدد المتعطلين عن العمل وتراجعت قيمة حوالات العاملين في الخارج خلال العام 2009.

إذن أزمة المواطن لا تقل فداحة عن أزمة الحكومة، والحلول المجترحة حتى اليوم سواء على المستوى الرسمي أم الشعبي متواضعة وتقليدية، ما أبقى تأثيرها الإيجابي لمصلحة طرف على حساب الآخر.

خروج الحكومة والمواطن من مأزقهما يتطلب التفكير خارج الصندوق، والبحث عن حلول إبداعية بعيدة عن التقليدية بحيث تعم الفائدة على الجميع ولا يتضرر طرف دون آخر ونتمكن من التخفيف من آثار الأزمة.

المواطن عليه مسؤولية البحث عن حلول لأزمته من خلال زيادة الإنتاجية وتغيير العقلية المتمسكة بالعمل في القطاع العام، وممارسة ثقافة العمل قولا وعملا ليتمكن من القفز إلى الأعلى ولو قليلا.

وحل مشكلة الحكومة بحاجة إلى العودة مجددا إلى أسباب المشكلة ووضع حلول مبتكرة، إذ لا يجوز السكوت حتى اليوم على ما آلت إليه المؤسسات المستقلة من استنزاف للأموال بحق وبغير حق حينما غابت العدالة عن إدارة هذه المؤسسات.

كما لا يجوز أن يستمر الاتجاه الصعودي لحجم فاتورة التقاعد، وتضخم الجهاز العام، والإنفاق التفاخري للجهاز الحكومي بنمط مستفز لدافعي الضرائب.

التخفيف من الأزمة يتطلب الخروج عن المألوف ومراجعة "التابوهات"، وإعادة النظر فيها ليقتنع الكل ان الجميع يتحمل كلفة الإصلاح والتغيير.