البلديات بين أزمة المديونية والانتخابات
ملف البلديات سيظل ساخنا إلى مدى غير منظور حتى الآن، ما دام يعاني من إشكالات مزمنة تراوح مكانها، بلا حلول قادرة على مواجهة المعضلة التي تواجهها المجالس المحلية في مختلف المناطق، ويعيق قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين الذين يعتقدون أن ما يدفعونه من رسوم وضرائب متنوعة لا يصب بالتالي إلا في المزيد من الارتباكات البلدية التي لا علاقة لها بالخدمة المجتمعية من قريب أو بعيد، من خلال التردي المتسارع في أبسط ما يفترض أن يكون من حقوقهم الخدمية!
الانتخابات البلدية ما زالت معلقة حتى إشعار آخر لأن موعدها لم يتحدد بعد وتدور تكهنات حول الفرصة المواتية لها ضمن المدة القانونية المقررة، إلا أن قرارا حاسما لم يتخذ بعد في هذا الشأن، تاركا للجان الحكومة التي تتولى مسؤولية إدارتها منذ تأجيل انتخاباتها قبل حوالي العام حتى لا تتزامن مع الانتخابات النيابية، أن تتخبط في معالجة مشكلات عويصة ليس من السهل التعامل معها بأي حال من الأحوال!
أما مديونية البلديات المتراكمة سنة بعد أخرى فحدث عنها ولا حرج، ولا تلوح في الأفق أية بوادر لتجاوزها "وتصفير عداداتها التي لا تقف عن الدوران"، حيث وصلت مع نهاية العام الماضي إلى نحو سبعة وتسعين مليون دينار، فيما قدرت التقارير الرسمية أن يبلغ حجم العجز في موازناتها خلال العام الحالي لأكثر من ثلاثة وستين مليون دينار، هذا غير ما تم تسديده من عشرات الملايين الأخرى على مدى السنوات الماضية ولا أثر له في إنهاء قضية تشكل عثرة كبرى أمام تجاوز الواقع الراهن إلى آفاق واعدة!
لعل أبلغ تعبير عما وصلته مديونية البلديات من حدود حرجة، أن يرفض بنك تنمية المدن والقرى الموافقة على طلبات إقراض لا تزيد قيمتها على ثلاثمائة وأربعين ألف دينار
في محافظتي اربد والمفرق، منها مائة وخمسون ألف دينار لبلدية شرحبيل بن حسنة لغايات فتح وتعبيد الشوارع ومائة وعشرون ألفا لبلدية الكفارات و70 ألفا لبلدية دير الكهف من أجل تسديد التزامات مالية مترتبة عليها للعديد من الجهات، ما يعتبر مؤشرا مقلقا على أنه قد آن الأوان لعدم الإيفاء حتى برواتب موظفيها الشهرية هي وغيرها من بلديات مماثلة تقف على حافة الإفلاس!
يبدو أن على الحكومة وقبل أن تنشغل في الانهماك بالتحضير للانتخابات البلدية عبر إعداد جداول الناخبين وتحديد موعد انتخاب مجالسها وغير ذلك من إجراءات لا بد منها في عملية انتخابية محلية عامة، أن تبحث جادة في ماذا سيؤول إليه مصير البلديات الأردنية إذا ما بقي واقعها على حاله الذي لا يسر عدوا ولا صديقا، فلا شك أن القيادات الجديدة ستكون في وضع لا تحسد عليه بعد أن تجد أن أمامها تعقيدات عفى عليها الزمن من مديونية وشبهات فساد وانعدام المقدرة على تقديم الخدمة أيا كان نوعها ومستواها!
العرب اليوم