الانتخابات النيابية بين الحكومة والهيئة المستقلة
لغة مشتركة واحدة تتصدر الاستعدادات لخوض الانتخابات النيابية لمجلس النواب السابع عشر التي بدأ العد التنازلي لإجرائها في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، ألا وهي الحرص التام من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب والحكومة على الالتزام بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في أن العملية الانتخابية تتسم بالنزاهة والشفافية في كل مراحلها، لتكون نقطة تحول تطوي ما كان قبلها من ممارسات دفع ثمنها الجميع من تزوير وتدخلات شابت الماضي القريب والبعيد، نحو فتح صفحة جديدة من مسيرة الوطن تسودها الثقة والمصداقية بما يعيد للناخب الأردني إرادته في اختيار ممثليه البرلمانيين بلا معوقات عانى منها طويلا.
يبدو أن الأدوار مرسومة بدقة حتى الآن بين مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخاب عن الإجراءات المتعلقة بالانتخابات النيابية كافة من ألفها إلى يائها وفقا لقانونها الذي خوّلها هذه الصلاحيات من دون غيرها، فيما تعلن الحكومة أنها تضع ما يمكن أن تقدمه من مساندة تحت تصرفها على أن لا يكون لها أي تدخل أو تداخل من أجهزتها بلا أي استثناء ! .
يؤكد رئيس الوزراء في لقاء له قبل يومين مع عدد من الزملاء رؤساء التحرير والكتاب الصحافيين تعهد الحكومة بأن تكون الانتخابات النيابية نظيفة وصحيحة هذه المرة وأنه لا مجال لأية ممارسات معهودة في السابق من قبل الأجهزة الحكومية سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة أم عملياتية، فالأصل أن يكون هذا الحق الديمقراطي متاحا لكل ناخب كما هو الحال في جميع الديمقراطيات التي لا حاجة لها إلى استخدام تعابير النزاهة والشفافية لأنها تحصيل حاصل ولا منة لأحد في منحها لأصحاب المصلحة فيها.
يعترف رئيس الوزراء بأن الأردن دفع ثمنا سياسيا باهظا عبر التأثير على الانتخابات النيابية لتفرز مجالس نواب قد تكون انحرفت عن دورها التشريعي والرقابي الذي يفترض أن يخدم الأردن أولا وأخيرا نتيجة المحاولات الحكومية الجاهدة لوضعها في خدمة مصالحها، ما أدى إلى الإضرار بمبدأ الفصل بين السلطات الذي ينص عليه الدستور، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل كان لذلك آثاره التي مست المصلحة العامة على حساب تغليب مصالح ضيقة خاصة أنها خلطت الحابل بالنابل بين ما هو حكومي وما هو برلماني، ليصل الحال إلى ما أصاب الانتخابات العامة من أزمة مزمنة لا بد من تجاوزها عبر تغيير جوهري تعززه حقائق صناديق الاقتراع لا غيرها ! .
أما رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب وفي لقاء مماثل خلال الأسبوع الماضي فكان حاسما من جانبه أيضا على أن المهمة الأساسية لها هي أن يكون الناخب الأردني هو صاحب الخيار الحر عن طريق سلسلة من الإجراءات التي تستهدف إعادة العملية الانتخابية إلى مسارها الصحيح وتوفير الضمانات لها من مختلف الجوانب بما يحترم عقل المواطن وحقه الانتخابي، مع التأكيد على الضوابط المؤدية إلى الخروج بالنتائج كما هي عليه وفقا لما ينص عليه قانون الانتخاب الساري المفعول ومراعاة المعايير الدولية لسد الثغرات التي يمكن استغلالها من قبل المرشحين والناخبين على السواء!
أيام قليلة باتت تفصلنا عن اليوم الانتخابي الموعود الذي يعول عليه الوطن وهيئاته الرسمية والشعبية في أن يكون مختلفا عما عهدته التجارب السابقة، فهل نصبح على تغيير له ما بعده من نواب يمثلون إرادة الشعب ويحرصون على أداء دورهم في برنامج الإصلاح الوطني الشامل بلا أي تهاون مع الحكومات وغيرها.. هذا ما ينتظره الجميع بفارغ الصبر ولعل وعسى ! .
العرب اليوم