الاقتصاد في حالة تباطؤ

الاقتصاد في حالة تباطؤ

النمو الاقتصادي المتحقق في النصف الاول والبالغ 2.8 بالمائة امر ليس مفاجئا على اي مراقب،  فالاقتصاد الاردني يعيش حالة تباطؤ شديد منذ الربع الرابع لسنة 2008 والتي لم يتجاوز النمو حينها ال2.6 بالمائة،  واستمر الحال على نفس الوتيرة في المراحل المقبلة.

محددات النمو الاقتصادي للاردن باتت واضحة للعيان،  فحالة الاضطراب الشديد في المنطقة وتصاعد اعمال العنف،  ادى الى عدم الاستقرار العام في المنطقة،  وهو ما اثر على الدخل الخارجي للمملكة.

في الاردن كان التاثر شديدا نتيجة تاثره بتداعيات الاحداث في المنطقة،  فالتدفقات الاستثمارية شبه مجمدة منذ عامين تقريبا،  وجميع الاستثمارات التي دخلت المملكة جاءت اما للحصول على اعفاءات حتى يتسنى لها تنفيذ مشاريعها في حالة الاستقرار الكامل في المنطقة،  او للحفاظ على استثماراتها القائمة.

الامر لا يختلف كثيرا عن التدفقات السياحية التي هبطت عوائدها في النصف الاول بنسبة 6 بالمائة،  والانخفاض الكبير كانت نتيجية الغاء الحجوزات لافواج السياحة الاجنبية التي ترتبط تحركاتها وقدومها للمملكة والمنطقة عامة بالواقع السياسي.

وحوالات المغتربين حافظت على مستوياتها في النصف الاول مقارنة مع السنوات الماضية،  لكن في المحصلة هناك تراجع في دخل المملكة الخارجي،  وهو ما جرى تعويضه من قطاعات اخرى لعل ابرزها المساعدات الخارجية التي تلقتها المملكة في الشهور السبعة الماضية،  والمساعدات هي القروض والمنح معا،  سواء التي وجهت للخزينة ام التي كانت مخصصة لتداعيات الازمة السورية،  فمجموع ما تلقاه الاردن حتى نهاية ايلول الماضي من مساعدات جرى التوقيع عليها بلغ 3.2 مليار دولار، وهو اعلى حجم مساعدات تحصل عليها المملكة في عام واحد، وهو الامر الذي ساهم بتجنيب الاقتصاد الاردني الدخول في نفق مظلم،  ويحافظ على نمو بنسبة 2.8 بالمائة في النصف الاول،  ولولا ذلك فان الاقتصاد كان سيدخل في منعطف جديد لاتقوى على مواجهته والخروج منه اعتى الاقتصاديات في المنطقة.

هذه المساعدات كان لها دور مهم في خلق انطباع ايجابي لدى المانحين والمؤسسات الاقتصادية الدولية،  التي واصلت تعاملها مع الاقتصاد بغض النظر عن التحديات،  وهو الامر الذي انعكس على احتياطات المملكة من العملات الصعبة التي تجاوزت قيمتها مع مخزون الذهب ال11.2 مليار دولار،  وهو مستوى مطمئن للغاية داعم لمستوردات المملكة لفترة ستة شهور.

رغم حالة الاضطراب الشديد في المنطقة فان التجارة الخارجية بقيت ضمن معدلات مقبولة نسبيا،  ولم تتدهور كما كان متوقعا نتيجة الحالة السياسية الصعبة في الجوار،  فالصادرات الوطنية في حالة تراجع منذ اكثر من 8 شهور، وقد سجلت في النصف الاول هبوطا بنسبة 5 3.5 بالمائة، إضافة الى التباطؤ في حركة المستوردات التي نمت بنسبة 8 بالمائة في النصف الاول، وهو امر يدلل على ضعف الطلب.

لكن الامر الذي سيجعل الاقتصاد يعود الى نقطة الصفر هو استمرار انقطاع الغاز المصري عن المملكة،  وهو ما يكبد الاقتصاد مليون دولار يوميا كاعباء اضافية نتيجة شراء زيت الوقود من الاسواق العالمية،  لذلك فان المطلوب من موازنة 2014 ان تنسحب شيئا فشيئا من الاعتماد على المساعدات الخارجية،  وتهيئ لتنمية بيئة الاعمال لان تكون اكثر جذبا للمشاريع الاستثمارية الكبرى،  واستغلال اكبر لمشاريع المنحة الخليجية في المشاريع الاستراتيجية.

الرأي

أضف تعليقك