الاستفتاء الشعبي على خيارات الإصلاح
كنا في ضيافة زميلنا هاني البدري في مزرعته بجلعد، وكان النقاش ساخنا حول مستقبل الوضع في سورية. وفي ظل النقاش المحتدم سألت الحضور، ومن بينهم رئيس مجلس النواب دولة فيصل الفايز ووزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الزميل عبدالله أبو رمان عن مستقبل الوضع في الأردن، بدلا من الإفاضة في وضع البلاد العربية. سؤالي الافتراضي كان إذا تم إقرار التعديلات الدستورية في الدورة الاستثنائية، وبعدها أحيلت مخرجات لجنة الحوار الوطني وخاصة قانوني الانتخاب والأحزاب إلى البرلمان وأقرتا ووجدنا أن الشارع ما يزال غاضبا وغير راض، فما هي خطتنا للتعامل مع هذا الواقع؟
الرئيس الفايز يرى أن التعديلات الدستورية أخذت بوجهة نظر الشارع المطالب بدستور 1952، بل ذهبت أكثر من ذلك بإجراء تعديلات تجعل من دستورنا نموذجا. وهذا كله سيقر في الدورة الاستثنائية الحالية عبر ملحق للدورة الاستثنائية يصدره جلالة الملك. أما قانونا الأحزاب والانتخاب فيعتقد أنهما سيقران بالدورة العادية المقبلة، والتي ستمتد لمدة ستة شهور بعد التعديلات الدستورية.
رئيس مجلس النواب الفايز يقول إنه اقترح أن يعرض قانون الانتخاب الجديد إلى استفتاء الشعب عليه، وبهذا ننهي هذا الجدل ونترك الخيار للناس حتى يقولوا كلمتهم.
فكرة الفايز للاستفتاء قوبلت بترحيب وارتياح من جمهور الحضور وغالبيتهم من الإعلاميين، ولكن السؤال الأهم والأبرز: ولماذا لا تطرح التعديلات الدستورية للاستفتاء وهي الأولى، لأنها الوثيقة التعاقدية بين الشعب والحكم في ظل خلافات على بعض التفاصيل التي أقرتها لجنة تعديل الدستور.
بعد حديث الفايز أعطيت المداخلة لعضو لجنة الحوار الوطني النقابي خالد رمضان الذي أكد أنه لا يشعر بأن هناك إرادة سياسية جادة للإصلاح، وأن ما يحدث هو إضاعة للوقت ليس أكثر، وتقاطع مع هذا الكلام الدكتور موسى برهومة.
وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال بعد هذه المداخلات أكد على ملاحظتين؛ الأولى أن الأردن غير قلق ومطمئن ولا يمكن مقارنة وضعه بأي دولة أخرى، وأن مسيرة الإصلاح تسير بالاتجاه الصحيح. الأمر الآخر أن الحكومة ستحيل مخرجات لجنة الحوار الوطني للبرلمان كما هي، وخاصة قانوني الأحزاب والانتخاب، وأن مجلس النواب هو صاحب الولاية في التعامل معهما، لأننا اعتبرنا أن الضامن لهذه المخرجات جلالة الملك ولذلك استقر الرأي في مجلس الوزراء على تقديمها للبرلمان كما جاءت.
الحوار لم يحسم في اتجاه بلورة تصورات مشتركة، وما طغى هو إحساس الحضور في هذه الأمسية أن صورة المستقبل غير واضحة، وأننا لا نملك من ترف الوقت كثيرا للانتظار لانجاز خطوات حقيقية للإصلاح في وقت تتحدث الحكومة والبرلمان عن عام لإنجاز قانون الأحزاب والانتخاب. والأهم أن هناك من يتساءل عن مشروعية هذا البرلمان للتصدي لمخرجات لجنة الحوار وقوانين الإصلاح، ويؤكدون أن المؤشرات كلها تدل على أن النواب لن يمرروا نظام الانتخاب المقترح من لجنة الحوار الوطني، وأن البرلمان والحكومة يعدان لإعادة إنتاج قانون انتخاب 1989، وهذا يعني أن قائمة الوطن والقائمة النسبية للمحافظة لن تجد طريقها للنور. الشيء المؤكد أن صانعي القرار مطالبون باجتماعات كخلية تفكير تجيب عن سؤال مفصلي واحد "إذا لم تنل الإصلاحات التي قدمت للشارع رضاهم ماذا نفعل؟".
الغد