الإدارة الأردنية.. فوضى على طريقة القذافي

الإدارة الأردنية.. فوضى على طريقة القذافي
الرابط المختصر

فعلت وزارة التربية والتعليم الشيء الصحيح، عندما رفضت التراجع عن قرارات نقل مديري مدارس في إحدى مديريات عمان، رغم حالة الشغب التي يثيرها طلبة تلك المدارس احتجاجا على القرارات.

من بين المظاهر المتعددة للتعدي على هيبة الدولة وسلطة صاحب القرار، ما نشهده من احتجاجات على قرارات إدارية بالنقل والإحالة على التقاعد، والتي كانت في السابق مجرد إجراء روتيني، لا يناقش فيه أحد.

في السنوات الأخيرة، أصبحت الاعتبارات الجهوية والشخصية، والتدخلات النيابية، تقيد سلطة المسؤول في اتخاذ القرار.

أجواء "الربيع العربي" التي منحت الشعوب الحق الشرعي في رفع صوتها منادية بالتغيير والمشاركة في صناعة القرار، جرى توظيفها من بعض الأوساط على نحو خاطئ؛ صار الاعتقاد أن بإمكان أي مجموعة تعطيل القرارات إذا لم تخدم مصالحها، وأن بوسعها "إسقاط" هذا المسؤول أو ذاك بمبررات شتى، لا صلة لها بالمصلحة العامة.

في القطاعين العام والخاص، يتردد المسؤول قبل أن يتخذ عقوبة بحق موظف قصّر في عمله، أو إجراء مناقلات بين أقسام، تحسبا من ردود فعل غاضبة، تنتهي باعتصام مفتوح أمام مكتبه، وضجة إعلامية قد تطيح به إذا لم يتراجع أمام "إرادة الجماهير".

التساهل مع هذه السلوكيات يُفقد الإدارة الأردنية ميزاتها التاريخية، وأولاها الانضباط، الذي جعل منها نموذجا قابلا للتصدير، استفادت منه دول عربية عديدة في بناء إداراتها.

هنا علينا التمييز بين حق العاملين، في شتى القطاعات الحكومية والخاصة، في المطالبة بحقوقهم المادية والوظيفية، وبين التدخل في سلطة صاحب القرار وتعطيلها، أو توجيهها حسب أهواء ومصالح شخصية.

إن هذا النهج في الإدارة يذكرنا بطريقة الإدارة في ليبيا إبان حكم القذافي؛ فبدعوى سلطة الشعب الكاذبة، كان أعضاء ما يسمى بالمؤتمرات الشعبية يهاجمون المؤسسات العامة، ويخلعون مسؤوليها، ويحتلون مكاتبها.

لقد حصلت حالات مشابهة في بلادنا مؤخرا، دفعت بمسؤولين إلى ترك مواقعهم، و"التنحي" فعلا؛ فيما آخرون أسرى مكاتبهم، عاجزون عن اتخاذ القرار، بعدما اقتحم العاملون مكاتبهم ولم يجدوا من يحميهم.مظاهر التطاول على سلطة القانون وصلت إلى رجال الأمن أحيانا؛ يمكن رصد ذلك في مقاطع فيديو، تُظهر الأسلوب غير اللائق الذي يتعامل به محتجون أمام مؤسسات عامة مع أفراد الأمن.

وكان آخر ما شاهدت، سلوك مواطنين تجمهروا في ساحة مجلس النواب بعد حادثة "الكلاشنكوف" الشهيرة.

وفي إحدى مناطق عمان، كان طلاب مراهقون يحتجون على نقل مدير مدرستهم، يمارسون كل أشكال الخروج عن القانون، واستفزاز رجال الأمن، بدون أن يجدوا من الأهالي من "يلمهم" ويعيدهم إلى حيث يجب أن يكونوا، في غرفة الصف.

ولا تغيب عن البال احتجاجات طلاب "التوجيهي" في إحدى المدن القريبة من العاصمة، على "توجه" الحكومة لتشديد إجراءات الامتحان لمنع الغش.

وقد نفذ هؤلاء وعيدهم، وشهدنا نماذج مسيئة لاقتحام قاعات الامتحان بالأسلحة الرشاشة، والاعتداء على المراقبين.السكوت على هذه الحال يؤسس لفوضى تتنافى تماما مع الحرية وحق الناس في التعبير والاحتجاج السلمي.

إما أن نعود إلى قيم الإدارة الأردنية، أو نمضي نحو النموذج الليبي البائد؛ فوضى باسم حكم الشعب.

الغد

أضف تعليقك