الأردن وإيران.. هل ينتهي "الجمود"

الأردن وإيران.. هل ينتهي "الجمود"
الرابط المختصر

نقلت إذاعة "صوت إسرائيل" في موقعها الإلكتروني الجمعة الماضي أن إسرائيل تتابع بقلق احتمالات توثيق العلاقات بين الأردن وإيران، على خلفية الدعوة التي وجهها الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، في الثالث عشر من الشهر الحالي إلى جلالة الملك عبدالله الثاني لزيارة طهران.

ومن دون الدخول في الرد على الخبر الإسرائيلي باعتبار أن قبول الدعوة أو رفضها مسألة سيادية أردنية خالصة، فإن من المهم إثارة النقاش حول أفق العلاقات بين الأردن وإيران من زاوية تقويم الوضع الحالي الذي يضع هذه العلاقات في إطار "العاديّة" و "الجمود" أو الاتجاه لموازنة المصالح الأردنية والبحث في الحسابات التكتيكية والاستراتيجية التي ستطال الموقف الأردني في حال تمّت قمة أردنية ـ إيرانية من المرجّح حتى الآن أن تكون بداية العام المقبل، رغم أن لا تأكيدات رسمية معلنة بهذا الشأن.

ومن المهم عند بحث آفاق العلاقة بين عمّان وطهران، في ظل مؤشرات على اتجاه هذه العلاقة نحو كسر الجمود إثر دعوة نجاد الأخيرة للملك أو المهاتفة التي أجراها نجاد مع جلالته عند زيارة الرئيس الإيراني التاريخية إلى لبنان.. من المهم أن نضع نقاطا أساسية في الحسبان ومنها:

أولاً، أنّ إيران ليستْ عدوّة للأردن، على الرغم من التباين الواضح في المواقف السياسية والاستراتيجية بين البلدين. فالأردن حليف للولايات المتحدة والغرب ولديه معاهدة رسمية مع إسرائيل، ويعترف بالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينيين، فيما إيران حاليا على تصادم مع الغرب وعداء مع إسرائيل، وهي تدعم حركة "حماس" على حساب السلطة الفلسطينية...إلخ. الأردن جزء أساسي مما يعرف بـ"محور الاعتدال" في المنطقة فيما إيران تنتمي إلى "محور الممانعة" في المنطقة. زد على ذلك، أن أكثر المواقف الدبلوماسية العربية تشددا تجاه سياسة إيران الخارجية ذات المنحى التدخلي في الشؤون العربية بغية مدّ النفوذ، لا تصف العلاقة مع طهران بـ"العداء"، بل تجعلها، على الأقل رسميا، منافسا إقليميا وتحديا أساسيا على المستوى الداخلي والخارجي ومصدر قلق، وهو ما تعلنه بخاصة مصر وبعض الدول الخليجية مع الأخذ بالاعتبار خصوصية الموقف الإماراتي، حيث تحتل إيران ثلاث جزر إماراتية منذ أربعة عقود.

ثانيا، الموقف الرسمي الأردني يُعارض أي عمل عسكري (أميركي، إسرائيلي ، أطلسي..) ضد إيران. وقد كرر الأردن مرات عديدة بكل وضوح أنّ معالجة الخلافات بين طهران والغرب والمجتمع الدولي بشأن الملف النووي الإيراني ليس له طريق سوى الطرق الدبلوماسية والحوار السياسي وطاولة المفاوضات.

ثالثا، في حال انعقاد قمة أردنية ـ إيرانية سواء في عمّان أو طهران، فإنه ينبغي، في المدى المنظور، عدم المبالغة في تقدير حجم هذا الحدث وتداعياته رغم أهميته المؤكدة. فحتى اللحظة يمكن أن ينظر الجانب الأردني إلى هذا التحول الذاهب إلى كسر الجمود في العلاقات من زاوية تجارية واقتصادية وتوسيع الخيارات الأردنية في هذا السياق، فيما ستستفيد إيران من الموضوع، على الأرجح، سياسيا، لبعث رسالة إلى الغرب تقول "إن سياسة العقوبات الدولية لا تُغلق العالم بوجه إيران، بل أحيانا تفتحه، والتواصل مع الأردن ودولة قطر وسلطنة عُمان وتركيا.. أمثلة مؤشرة في المنطقة على ذلك".

السؤال هنا: هل الأردن مستعد لمثل هذه المواضعات، وهل ثمة تقدير بعيد المدى لتطوير الانفتاح التجاري والاقتصادي المحسوب الخطوات على إيران والانتقال به مستقبلا وتدريجيا إلى تطوير للعلاقات السياسية تحت موجبات ومسوّغات يراها بعض الخبراء ضرورة لإعادة "التموضع السياسي" الأردني في المنطقة وتوسيع دائرة الخيارات وبلورة سياسة خارجية مختلفة؟ هذه التساؤلات تلمسها وتقاربها مقالة يوم غد إن شاء الله.

الغد