الأحزاب والقرود الأربعة.. المعارضة عنّا أحلى

الأحزاب والقرود الأربعة.. المعارضة عنّا أحلى
الرابط المختصر

حين زحفت الحشود الشعبية نحو قصر فرساي، سألت زوجة لويس السادس عشر ماري أنطوانيت مَن حولها عما تريده هذه الحشود، فردّوا عليها بأن ليس لديهم خبز ليأكلوه، فقالت قولتها الشهيرة: دعوهم يأكلون البسكويت.

المفارقة أن الكثير من الفقراء الذين يفترض أنهم يفتقدون الخبز والبسكويت معا يتحدثون عن أنفسهم بتعليقات وأسئلة غائبة عن الواقع من قبيل "بسكويت انطوانيت".

ولكن، بينما خرج سؤال البسكويت من فاه ارستقراطية منعّمة (نصطلح عليها أردنيا اليوم طبقة الديجيتال) تخرج تعليقات وأسئلة فقرائنا من أفواه عاجزة، ومغشي عليها.

سألت أنطوانيت سؤالها التاريخي لأنها كانت منفصلة عن واقع مجتمعها منذ ولادتها، فيما أفرز العجز لدى فقرائنا ثقافة يمكن تسميتها بثقافة "الأربعة القرود والموزة".

إن ملخص هذه الثقافة هي تجربة علمية وُضع فيها أربعة قرود في قفص، بمنتصفه سلّم، وضعتْ في أعلاه موزة.

عندما جاع أحد القرود الأربعة صعد ليأخذ الموزة، فما أن أمسكها حتى قذف رجلٌ القرودَ الثلاثة الأخرى بماء بارد، من دون أن يصيب القرد صاحب الموزة.

يمرّ وقت. فتوضع موزة أخرى، ويصعد قرد آخر ليأخذها، فيعيد قاذف الماء البارد الكرة، بقذف القرود الثلاثة الأخرى بالماء البارد، من دون أن يصيب القرد صاحب الموزة، وهكذا تتكرر محاولات القرود، ويُرد عليها بالماء البارد.

أخيرا أدركت القرود الأربعة الصلة بين الموزة والماء البارد، فما عادت تصعد السلم من أجل الحصول على الموزة. وفي المقابل يتم تقديم الطعام لها بِقَدَر، ولكن يمنع عليها الاقتراب من الموزة التي في أعلى السلم.

بعد فترة أخرج العالم صاحب التجربة أحد القرود الأربعة من القفص، وأدخل آخر جديدا – والموزة ما زالت موجودة في أعلى السلم.

وتم ما هو متوقع.. ما أن رأى القرد الجديد الموزة حتى هم ّبالصعود ليأخذها، ولكن القرود الثلاثة الأخرى هجمت عليه وضربته ضربا شديدا، فجلس في الزاوية ذليلا، لا يفهم ماذا جرى. ولكنه فهم قرار المنع، ولم يعد يحاول الصعود إلى الموزة.

بعد مدة، أُخرج قرد آخر من القرود الذين شهدوا تجربة الماء البارد، وأدخل قرد جديد، فحاول الحصول على الموزة فتعرض هو الآخر لضرب شديد. والغريب أن القرد الآخر الذي تعرض للضرب قبل هذا القرد شارك في الضرب أيضا.

وهكذا.. يستمر استبدال القرود حتى لم يعد في القفص أي من القرود التي اختبرت الماء البارد. ورغم ذلك استمرت القرود الأربعة الجديدة في استشعار ثقافة خوف الاقتراب من "الموزة". واستمرت في ضرب القادم الجديد الذي يحاول الاقتراب من الموزة.

هكذا أصبحت الموزة محمية، حتى من دون الماء البارد. لأن ثقافة جمعية تم صنعها.

من هنا يمكن فهم لماذا صنع الشباب ثورتهم في تونس ومصر.. إن مجنونا ما وعلى غفلة من القرود الأخرى صعد إلى السلم وأخذ زمام المبادرة وحصل على الموزة ثم أكلها.. فانتبه الجميع في لحظة تاريخية، وتساءلوا: لماذا إذاً كنا نضرب من يصعد السلم؟ لقد كنا على الدوام قادرين على أكل الموزة.

تطمينات خارج النص إلى النائب محمد الكوز:

أيها النائب الكوز لا تخش شيئا .. المعارضة عنا أحلى .. فأحزابنا من جيل المجموعة التي خضعت لتجربة الماء البار

أضف تعليقك