اطلب واتمنى!
"شبيك لبيك عبدك بين إيديك.. اطلب واتمنى"؛ قوائم من مختلف الأحجام والأجناس والأسماء، وطنية ومناطقية وقطاعية، للأغنياء والفقراء، للشباب والشيوخ، إسلامية ويسارية، يمينية ووسطية، شرقية وغربية، وبحجم عائلي أيضا.
قوائم "تواصي" تراعي كل الأذواق والأسعار. "المعلوم" يصل إلى منزلك بدون أن تكلف نفسك عناء الاختيار.
كنتم تطمحون بعشرة، عشرين قائمة. جاءكم الخير من أوسع الأبواب؛ ستون قائمة انتخابية. رقم يؤهلنا حتما لدخول موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية.
ستقف الديمقراطيات العريقة مذهولة من هذا الإنجاز.
من أول دورة انتخابية نطبق فيها نظام القائمة الوطنية، يتنافس 820 مرشحا على 27 مقعدا.
لم يحصل هذا في السويد ولا في فنلندا والدنمارك!
الإقبال على القوائم فاق كل التوقعات، كان أقرب ما يكون إلى هجوم بالقنابل الوطنية.
حتى الدقيقة الأخيرة، كانت القوائم "تنهال" على الهيئة المستقلة للانتخاب. وبعد إغلاق باب الترشح، ظل في ساحة الهيئة من لم يستطع اللحاق بركب القوائم.
الأوروبيون المساكين أرسلوا بعثة لمراقبة انتخاباتنا. كان الأجدر بهم أن يبعثوا بوفود حزبية ليتعلموا من تجربتنا؛ من منهم يستطيع أن يشكل 25 قائمة في يوم واحد؟!
إنه بحق الإعجاز الديمقراطي يتجلى في أروع صوره.سيحتار الناخبون يوم الاقتراع أي قائمة "يقطفون" من حديقة "الهيئة المستقلة".
المرجح أن ورقة الاقتراع للقائمة الوطنية ستكون أقرب إلى كتيب يحتاج الناخب وقتا غير قليل لتصفحه قبل أن يقترع. وقد يستدعي الأمر إعداد دليل خاص لمساعدة الناخبين على الوصول إلى القائمة التي يبتغونها.
من بين 820 مرشحا، يعلم 793 علم اليقين أنهم لن يفوزوا. ما الذي يدفعهم إلى الترشح وتكبد الخسائر إذن غير "ولعهم" بالديمقراطية والإصلاح السياسي، واستعدادهم لدفع "الثمن" من أجل نجاح التجربة؟
مثل هؤلاء يستحقون التكريم من الدولة، ومن جانب أصحاب المراكز المتقدمة في القوائم التي ارتضى هؤلاء الشجعان أن يجلسوا على مراتب متأخرة فيها.
سخر أحد المرشحين حين قلت له إن كلفة الحملة الانتخابية للقائمة الواحدة تصل إلى مليون دينار؛ قال: "اضرب في اثنين على الأقل".
تقدير المرشح المقتدر يدفع إلى السؤال: كيف توفر القوائم مبلغا كهذا؟ وكيف تنفقه؟يقول مطلعون على حيثيات التجربة، إن تشكيل بعض القوائم كلف أكثر من القيمة المقدرة للحملة الانتخابية.
ففي الأيام والساعات الأخيرة، كان المرشح يساوي وزنه ذهبا عند بعض الطامحين إلى التمثيل الوطني بعد أن عجزوا عن تأمين الحد الأدنى اللازم للقائمة.
ولم يترك أصحاب بعض القوائم بابا إلا وطرقوه لتوفير مرشحين حسب المقاس، لكنهم فوجئوا في اليوم الأخير من التسجيل بقوافل من مرشحي القوائم يدقون أبواب الهيئة المستقلة، في مشهد لامثيل له في العالم الديمقراطي.
لكل دورة انتخابية لمسة خاصة تظل محفورة في الوجدان الشعبي، منها على سبيل المثال: 100 بطاقة انتخابية للناخب الواحد، 70 صوتا لكل راكب في الباصات الجوالة، أصوات بالرزمة للمرشح الواحد في الصندوق الواحد، ناخب واحد لمجلس واحد، وأخيرا وليس آخرا الدوائر الوهمية.
الانتخابات المقبلة ستتجاوز ذلك كله، وستكون بحق انتخابات "القنبلة" الوطنية.
الغد