إعفاءات للمحتكرين وضرائب على المستهلكين
اثار قرار مجلس الوزراء بمنح اعفاءات ضريبية جديدة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جملة من التساؤلات ومدى استفادة شركات الاتصالات من تلك الاعفاءات و جدية انعكاس تلك الاعفاءات على جيوب المستهلكين الاردنيين.
بداية لا بد من التأكيد على ان قطاع الاتصالات هو من القطاعات المدرة للربح ولا يسبقه سوى قطاع البنوك وقطاع الصناعات الاستخراجية , لكن قطاع الاتصالات مثله مثل البنوك هو قطاع احتكاري تحميه الدولة التي لا تمنح التراخيص الا ضمن مدد امتياز تمنع دخول شركاء جدد.
من هنا يأتي تساؤل الناس, لماذا تعطى الاعفاءات الضريبية الى قطاع محمي تقوم الدولة بتوفير مظلة حمائية لاستثماراته حتى يربح? أليس من الاجحاف ان يحمى الاحتكار ويزاد عليه الاعفاء الضريبي? وما الهدف من ذلك ? وكيف يمكن للحكومة ان تؤمن سيولة من اجل تامين الموازنة العامة وسد عجزها المخيف في الوقت الذي تمنح فيه اعفاءات للشركات الرابحة? فهل ستنعكس تلك الاعفاءات على اسلوب الخدمات وتوفر على جيوب المستهلكين?
المشكلة ان الحكومة وعبر وزرائها تصرح باستمرار بان لا نية لديها لزيادة الضرائب, لكن يكتشف المواطن ان الضرائب تزداد لكنها تأتي تحت مسميات جديدة.
لا اعرف اذا كانت الحكومة ما تزال تذكر انها اصدرت منذ اذار الماضي قرارين برفع قيمة الضريبة الخاصة على خدمات الاتصالات الخلوية من4% الى 8% والاسبوع الماضي جاء القرار الجديد ليرفع الضريبة الخاصة على الخلوي من 8% الى 12 % , وهذا سيؤدي الى ارتفاع الاسعار على المستهلكين فورا.
منطق غريب عجيب, الحكومة تفرض ضرائب متصاعدة على المستهلكين وتمنح اعفاءات ضريبية للشركات المحتكرة والرابحة!
قرار مجلس الوزراء جاء ليمنح شركات الاتصالات ثلاثة انواع من الاعفاءات الضريبية, الاول: اعفاء كامل من ضريبة الدخل عن الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات المحلية في الخارج من استشارات وخدمات باعتبارها خدمات مصدرة للخارج وهي معاملة بالمثل مع كافة الشركات الاخرى التي تصدر سلعها وخدماتها وهو امر منطقي قد يكون مقبولا ما دامت الخدمة مصدرة للخارج.
لكن غير المنطقي ان تمنح شركات الاتصالات اعفاءات ضريبية بقيمة 750 الف دينار سنويا لكل شركة من الشركات الاربع التي تشغل خدمة الانترنت بحجة الطلب من تلك الشركات توفير خدمة الانترنت في المحافظات وعدم اقتصارها على العاصمة, والاصل ان تلك الشركات ليست بحاجة الى تسهيلات ضريبية من اجل تشجيعها على توسيع خدماتها خارج العاصمة , بل يجب ان تكون ملزمة بتوفير تلك الخدمات في كل مكان, مثلها مثل شركة مصفاة البترول التي تبيع اسطوانة الغاز او لتر البنزين بنفس السعر من الرمثا الى العقبة مع ان التكلفة تختلف.
اما الشق الثالث من قرار الحكومة فانه مختص بتخفيض وتوحيد ضريبة المبيعات على خدمات الانترنت الى نسبة 8 بالمئة بغض النظر عن التكنولوجيا المستخدمة والمطلوب ان تكون الاستفادة مباشرة للمواطن لان من مصلحة الشركات ان تنخفض الضرائب لان الاستهلاك يزيد حسب نظرية السوق الحرة.
والغريب ان شركات الاتصالات رغم الاعفاءات الجديدة الا انها مصرة على رفع اسعار البطاقات الخلوية اعتبارا من اول الشهر.