أكثر من التوقع.. أقل من الترحيب
تتجدد فرص رئيس الوزراء، د. عبدالله النسور، بتغيير صورة حكومته في أذهان الأردنيين، مع إجرائه تعديلا موسعا عليها أمس.
الرئيس، وعلى مدى أشهر، أخفق للأسف في إقناع الشارع الأردني بجدية نواياه تجاه الإصلاح، وتطبيق ولو جزء من التصريحات والمواقف التي كان يعلنها حين كان نائبا.ا
لتعديل يأتي في وقت يكاد الشارع يفقد فيه الأمل بإمكانية تحقيق إصلاح يُجمِع الناس على أنه يحقق الطموح. هذا مع تشكيك في نوايا الحكومة بشأن المضي قدما في التغيير، مستغلة ما يحدث في سورية ومصر للتأجيل.
بإجراء التعديل أخيرا، ينضم للحكومة عدد من الأسماء التي قد يساعد وجودها في تشكيل مطبخ سياسي، وإن كان أصحاب بعضها لا يحملون حقائب سياسية.
رغم ذلك، جاء استقبال الناس للأسماء باهتا، وخاليا من التفاعل.
أمس، انضم د. عاكف الزعبي للفريق الحكومي بتوليه حقيبة الزراعة؛ وهو وزير سابق يحمل رؤية إصلاحية. كما جاء أيضا المعارض اليساري النقدي خالد الكلالدة، وزيرا للتنمية السياسية والشؤون البرلمانية.
ويضاف إليهما وليد المصري الذي أُعفي من "الأشغال"، حاملاً حقيبة "البلديات".
وهو الآخر يقدم أفكارا إصلاحية، تتفهم المرحلة الحالية بكل حساسيتها.
ما ميز التعديل الحكومي هو تخلي وزير الداخلية عن "البلديات"، رغم أنه لم يتبقَ على إجراء الانتخابات البلدية سوى أيام.
إلا أن انتقال الوزارة للمصري، وهو العالم بها، ربما يساعد على تجاوز المحطة بنجاح.
الشخصيات الجديدة، بصحبة أعضاء آخرين كانوا أصلا في الحكومة، ربما تعزز فرص تشكيل فريق سياسي يقدم رؤية مختلفة، ويعمل بروح جديدة في التعاطي مع المشهد السياسي المحلي، كما يسهم في التوصل إلى توافق وطني يخرجنا من المنطقة الحرجة التي ما فتئنا نراوح فيها بهدف التقليل من الآثار الجانبية المتوقعة لما يشهده الإقليم من أحداث جسام، وتحديدا في سورية ومصر.
فرص الفشل قائمة أيضا، لاسيما في حال أبقى رئيس الوزراء على مبدأ "حكومة الرجل الواحد".
الأمر الذي يعني نتيجة واحدة، هي "حرق" كل الأسماء السابقة وإفقادها بريقها وشعبيتها، لتغادر "الدوار الرابع" بعد عدة أشهر بدون الاستفادة من كل أفكارها، أو المشاركة في خلق أفق سياسي جديد.
لدى الحكومة فرصة لتقديم رؤية ديمقراطية حقيقية؛ تصون الحريات، وتوقف سياسة الاعتقالات، وتبثّ رسائل للمجتمع الأردني بأن ثمة روحا جديدة في العمل الحكومي.
والحديث هنا لا يتعلق فقط بإقرار قانوني انتخاب وأحزاب جديدين، وإنما أيضا بوجود رؤية وطنية جامعة تدرك المخاطر وتسعى لتجاوز التحديات، بدون زيادة الانقسامات الأفقية والعمودية في البلد.حضور النساء في التعديل كان واضحا هذه المرة.
فبعد أن نُسيت المرأة في حكومة النسور الأولى، وحصدت حقيبة واحدة في الحكومة الثانية، ارتفع نصيبها هذه المرة، ليكون في الحكومة ثلاث سيدات، نتمنى أن يحققن منجزات تسجل لهن؛ من بينهن الكاتبة الصحفية القديرة لانا مامكغ التي تمتلك رأيا خاصا في كثير من القضايا العامة.ثمة أسماء جديدة لا يعرفها أحد، أصحابها تكنوقراط، لكنهم لم ينخرطوا في العمل الميداني والسياسي من قبل.
وإذ قد يبدو هذا مأخذا، إلا أن الإجابة النهائية عن مدى قدرة هؤلاء على أداء دور مختلف وإحداث فرق تظل مرتبطة بالوقت.
عمر الحكومة مضمون حتى مطلع العام المقبل على الأقل. والحصول على الثقة الشعبية التي لاقت التعديل بفتور ووصفته بالباهت، يبدو أهم بكثير من ثقة النواب التي لن تخضع لها الحكومة.
الغد