أسطول الحرية إعادة تصحيح الشعارات

أسطول الحرية إعادة تصحيح الشعارات
الرابط المختصر

احدث "اسطول الحرية" تفاعلات ضخمة على مسار القضية الفلسطينية, وهو ما يعطي الامثلة على كيفية تحريك المجتمع الدولي لنصرة القضية ابتداء من القاعدة الشعبية وليس من مكاتب صنع القرار في الحكومات العالمية المؤثرة.

وبالطبع سنرى ادعاءات عربية بانها تقف خلف التحركات الدولية لفك الحصار عن غزة. لكن الفضل كله سيسجل لهؤلاء الشجعان ولارواح الشهداء منهم الذين ابحروا على الاسطول فنجحوا في القاء حجر كبير في بحر السكون, بحر العار والصمت على الجرائم ضد الانسانية التي تمارسها حكومة اسرائيل في وضح النهار.

لم تخسر اسرائيل فقط حياد (70) مليون تركي وحكومتهم القوية بزعامة اردوغان, انما كسبت القضية الفلسطينية قوة تركيا الشعبية والرسمية الى جانبها مع قطاع واسع من الرأي العام العالمي ليتشكل بذلك عامل ضغط سياسي ودبلوماسي قوي ضد الاحتلال الاسرائيلي وخاصة في مسألتين (1) حصار القطاع (2) الاستيطان في القدس.

لقد قرأت العديد من التحليلات في الصحافة العربية والعالمية التي تؤكد ان اسطول الحرية قد احدث تحولات استراتيجية لصالح القضية الفلسطينية وضد اسرائيل. والواقع ان تزايد التفاعلات لهذا الحدث التاريخي على الساحة الدولية يؤكد صدق هذه التحليلات. وهو ما يفرض على جميع مؤيدي القضية الفلسطينية واصدقائها في الجمعيات والمنظمات العالمية خاصة في اوروبا وامريكا وشرق اسيا ان تتجه بقوة نحو توسيع المعركة ضد الاحتلال بنشاطات لا تكل من اجل تعرية اسرائيل واصدقائها في واشنطن, ومن اجل وضعها في مكانها الصحيح, كدولة عنصرية, شغوفة بالحروب وبناء المعتقلات للشعب الفلسطيني وفرض الحصارات والجدران عليه في القطاع والضفة.

لقد حان الوقت لتصحيح المفاهيم المتعلقة بالقضية الفلسطينية. ومنها التوقف عن وصف ما يجري في فلسطين بانه صراع عربي- اسرائيلي. فالواقع انها قضية حرية شعب فلسطين واسترداد ارضه وعودة لاجئيه ضد قوة غزو واحتلال غاشم.

اما حكاية الصراع العربي- الصهيوني, فهي تخدم اسرائيل واحتلالها في ظل هذا التقاعس والتخاذل وحالة التردي العربية على المستويات الرسمية والشعبية في دعم القضية الفلسطينية.

تخدمها لان اسرائيل تأخذ هذا الشعار (الصراع العربي- الصهيوني) لمواصلة شن حملة الاكاذيب في العالم, بانها دولة صغيرة تحاصرها (22) دولة عربية ووسط بحر من العرب والمسلمين الذين يتربصون بها من اجل تدميرها.

بينما الحقيقة, ان اسرائيل هي قوة احتلال, وقوة حرب وعدوان, وهي التي تشن الحروب على الفلسطينيين وتحاصرهم وتقتلهم وتهجرهم وتنتزع ممتلكاتهم وحقوقهم. وغير ذلك مجرد هراء. فبعض المواقف العربية تساعد اسرائيل في حصارها, وتقاوم اي حركة لمقاومة احتلالها, وفوق هذا وذاك تمنع حتى مجرد خروج مواطنيها الى الشوارع للتنديد بجرائم اسرائيل!. في الحقيقة والواقع, فان الصراع هو فلسطيني - اسرائيلي يكتسب بعداً دولياً على المستوى الشعبي في اوروبا وآسيا وامريكا اللاتينية لدعم الشعب الفلسطيني.

لقد تحطم اخر ما في جعبة النظام الرسمي العربي من مبررات التمسك بعملية سلام غير موجودة اصلا, حدث ذلك على ظهر السفينة التركية (مرمرة) عندما اظهرت اسرائيل بانها لا تعرف غير اساليب القوة, وان افكار هيرتزل الصهيونية في ابادة شعب وسرقة وطن لا تزال العقيدة المسيطرة على حكام اسرائيل. وهذا ما يجعل غزة المحاصرة, غزة الرافضة للخضوع والخنوع, الرمز الوطني للصراع الذي اثبت نجاحه في تحريك المجتمع الدولي والرأي العام العالمي للتركيز على ان حصار هو جريمة انسانية بكل مفاهيم القوانين والشرائع وعلى كون اسرائيل دولة احتلال, دولة تحاصر الفلسطينيين, وهي غير محاصرة من قبل العرب.

أهم دروس اسطول الحرية ان التضامن الدولي وآلياته لنصرة القضية الفلسطينية قد تشكل عاملا مؤثرا في استنهاض الشعوب العربية لاعادة الاعتبار لمفهوم الصراع العربي الصهيوني شكلاً ومضموناً. في الوقت الذي سيشكل فيه هذا التضامن الدولي عامل احراج قوياً للانظمة العربية التي تكتفي بالصمت وبيانات الجامعة الهزيلة بعد تخليها عن القيام بواجبها الوطني والقومي في مواجهة الخطر الصهيوني.