أسبوع الأحداث الساخنة
حَفِل الأسبوعُ الماضي بعدد من الأحداث، لعل من أهمها تحديد موعد الانتخابات البلدية القادمة، وكذلك مسألة ازدواجية الجنسية التي أدت إلى خروج وزراء، مما يستدعي التعديل العاجل للحكومة، كما خروج نواب وأعيان، الأمر الذي يتطلب في الوقت ذاته إعادة تشكيل مجلس الأعيان، وإجراء انتخابات فرعية لملء المقعد الشاغر في مجلس النواب.
وموضوع البلديات كان يشغل حيزا أكبر لدى المواطن العادي، في حين أن النخب المنقسمة عموديا شغلتها قضية ازدواجية الجنسية بشكل أكبر، لحسابات وتصفيات في سياق التأكيد على هذا الانقسام. ويبقى الموضوع الأهم البلديات، حيث شهدنا عددا من أشكال التعبير الغاضبة على قرارات الدمج والفك، الأمر الذي استدعى من الحكومة عقد اجتماع على عجل لحل الأزمة، خصوصا عندما أغلق المواطنون الطريق الصحراوية، تعبيرا عن احتجاجهم على عدم فصلهم عن البلديات القائمة واستحداث بلديات جديدة.
كل هذا يؤكد أن ثمة خللا كبيرا في معالجة ملف البلديات. وهذا الخلل من الصعب حله بالطريقة الحالية التي تبتعد كثيرا عن فهم الحاجات الموضوعية للمجتمع باستحداث تلك البلدية أو دمجها في هذه المنطقة أو تلك. وبالتالي، أصبح من الواضح أن صورة الدولة في أذهان كثيرين أصبحت مهزوزة، على الرغم من أن تاريخ الأردن في سياق البلديات وانتخاباتها يعود إلى قرن وربع القرن من الزمان، أي قبل ولادة الدولة الأردنية الحديثة وقبل انهيار السلطنة العثمانية؛ أي أننا نتحدث عن تاريخ طويل من ممارسة العمل الانتخابي المحلي الذي كان عنوانه البلديات في الطفيلة والكرك والسلط وعجلون وإربد، ولاحقا عمان، منذ 125 عاما!
ما يحدث من حراك على الساحة للتعبير عن هذا الرفض يتم بالضرورة بمعزل عن الأحزاب والقوى السياسية التي هي الأخرى عاجزة عن اللحاق بالشارع وحركته المتسارعة، بل على العكس هي في أحيان كثيرة متخلفة عنه ورقبتها أقصر مما كان يتوقع البعض، بحيث بدت عبارة عن هياكل ضعيفة تحاول التعبير عن ذاتها في مسيرات وحراكات هامشية هي أقل بكثير من حركة الشارع، وهي عاجزة عن تقديم طرح تصورات مقنعة لوضع حلول للمشكلات التي تطرحها حركة الشارع، والمراوحة في مربع الإصلاح، بدليل أنها لم تقدم حلولا عملية للحراك في الشارع الذي يرفض قرارات الدمج أو الانسلاخ، واكتفت بتقديم بيانات حزبية لا تسمن ولا تغني من جوع عن عدم نية بعضها المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة.
في المقابل، فإن غالبية الجمهور يقدم وجهات نظره عبر التعبير عنها بهذه الطريقة أو تلك. ولكن الأهم في ظل هذه الظروف، تحقيق الحدود الدنيا من هيبة الدولة، وكذلك الحدود الدنيا من التوافق على مشروع إصلاح وطني يشترك فيه الجميع، تكون فيه الانتخابات البلدية المدخل العملي لهذا المشروع الإصلاحي الذي يخطو بنا خطوة حقيقية إلى الأمام، ويمتص غضب الشارع الذي يقدم طروحات يخشاها الكثيرون.
الغد