أسئلة ما قبل الانتخابات وما بعدها!

أسئلة ما قبل الانتخابات وما بعدها!
الرابط المختصر

اليوم، يُختزل النقاش داخل "أروقة القرار" بأسئلة محددة: هل تستطيع الحكومة الحالية أن "تحمل" الانتخابات البلدية القادمة كما هو مطلوب أم لا؟ وهل المسار الحالي للانتخابات، كما يؤكد رئيس الوزراء، مطمئنٌ فعلاً، وأنّ ما يثار من مشاكل وتداعيات يمكن احتواؤه والتعامل معه أم لا؟ وهل ستؤثر مقاطعة "الإخوان" على أهمية الانتخابات بوصفها "عتبة الإصلاح" وفاتحته الواقعية؟!

وفي حال أنّ هذه الخريطة تواجه صعوبات ومشكلات حقيقية، فهل من الممكن، في اللحظة الراهنة، التفكير في بدائل؟ ومن هي "الشخصية" القادرة على عبور "المرحلة الانتقالية" التي بدأت تشهد تدهوراً سياسياً واضحاً، سواء في ارتفاع "سقف الحراك الشعبي" أو المقاطعة الإخوانية أو حتى التداعيات المقلقة لدومينو "استحداث البلديات"، ما يخلق حالة من الارتباك والقلق من نتائج ذلك، إدارياً ومالياً وتنموياً؟ 

بالرغم من تحديد موعد الانتخابات، إذا فكّرت "دوائر القرار" بتأجيل الانتخابات، وإجراء تغييرات في الطبقة السياسية الحاكمة، فإنّ المعضلة الحقيقية ستتمثّل بصعوبة العودة عن قرار استحداث بلديات جديدة، فما الفائدة، إذاً، من التأجيل؟! كما يتساءل سياسيون.

قبل أن تبدأ أروقة القرار بطرح تلك الأسئلة وما يدور في فلكها؛ أحسب أنّ عليها أن تضع في الاعتبار حقيقة أساسية حاسمة، هي أنّ "الحلقة المفقودة" في خريطة الإصلاحات السياسية المنشودة تتلخص بعبارة واحدة: "فقدان الثقة بالدولة". 

ما يحتاجه الشارع، حصرياً، كي يمنح "المشروعية" لهذه الإصلاحات، ويسير معها، هو الثقة بالدولة وبنزاهة سياساتها من الفساد، وبجديتها في إعادة توزيع السلطة والصلاحيات، وهو السؤال الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا: كيف نستعيد هذه الثقة، ونبعث برسالة إلى المواطنين بأنّنا أمام مرحلة جديدة؛ وبعبارة أخرى تجديد "العقد الاجتماعي" بين المواطن والدولة؟.. لكن هل بالفعل هذا ما يفكّر به "مطبخ القرار"!

عندما نفكّر في الانتخابات البلدية، فإنّ السؤال الرئيس: لماذا؟ ما هي الأهداف؟ هل يخدم إجراؤها في "الوضع الراهن" مشروع الإصلاح السياسي والإداري- فيما لو قررت المعارضة المقاطعة؟ وهل يخدم هذا "الإفراط" في استحداث البلديات مشروع التنمية الاقتصادية، الذي ساهم فشله في توليد الحراك في المحافظات والأطراف؟ إذا كان الجواب عن الأسئلة السابقة: لا، في ضوء المعطيات الراهنة، وأزعم ذلك؛ فلماذا -إذاً- نصرّ على الانتخابات بوقتها، وضمن شروط أقرب إلى الفشل؟! 

الانتخابات البلدية إذا لم تكن خطوة في مسار متسلسل متراكم يجمع بين استحقاقات الإصلاح السياسي والإداري (الانتخابات بمشاركة من المعارضة والقوى السياسية، بخاصة في المدن الكبرى) واستحقاق التنمية (إعادة هيكلة النفقات الرأسمالية والجارية والتفكير في مشاريع الاستثمار، والبنى التحتية)، فإنّ النتيجة ستكون سلبية.

بيت القصيد؛ إنّ الهدف لا يجوز أن يصبح إجراء انتخابات "نزيهة" لذات الانتخابات فقط، حتى لو عدنا إلى مرحلة ما قبل الدمج، وكانت الكلفة الاقتصادية والإدارية كبيرة! فما نحتاج إليه في هذه المرحلة بوصلة وطنية واضحة، ووصفة محددة، يعرف الجميع من خلالها ما هي الأهداف وكيف نصل إليها؟

في نهاية اليوم، لدينا أزمات وطنية حقيقية لا تحتمل التجريب والتخبط أكثر من ذلك؛ فلدينا أزمة اقتصادية قاسية، وتنموية خانقة، وفوق هذا وذاك أزمة اجتماعية ممزوجة بعدم يقين بمستقبل البلاد السياسي، وهذا أخطر شيء! 

ما تطرحه، الآن، الدولة من "خريطة طريق" ما يزال يحتاج إلى روح توافقية وطنية تتولّد بحوار صريح وجلسات استماع مع القوى الحقيقية في الشارع، لا مع نخب تقليدية، بروح من الشراكة والشفافية، لا منطق المناكفة والخصومة.

الغد

أضف تعليقك