أحوال النساء: ما الجديد؟

أحوال النساء: ما الجديد؟
الرابط المختصر

تكشف دراسة حديثة، صادرة عن البنك الدولي، عن أن ارتفاع مستويات التعليم بين النساء في الأردن، لم ينعكس بشكل إيجابي على مشاركتهن الاقتصادية. غير أن النتيجة ليست جديدة؛ إذ لا تختلف أبدا عن فحوى جميع الدراسات السابقة المتعلقة بمشاركة النساء الاقتصادية.

المؤسف أن أحوال النساء لم تتغير بعد الثورات العربية، التي كان من المفترض أن تحمل النساء، كما المجتمعات ككل، إلى مرحلة جديدة؛ سياسيا واقتصاديا، لكن ما حدث جاء عكس التوقعات تماما.

اقتصاديا، لم يكن ما تحقق إيجابيا للجميع. وسياسيا، رأينا ردة على مشاركة النساء. كما لم تكن أحوال المرأة العربية اجتماعيا أفضل بكثير في دول "الربيع".

وبعكس المشهد الذي ساد خلال الثورات؛ حين تقدمت النساء الصفوف المطالبة بالتغيير، رأينا الانقلاب بعد ذلك على النساء وليس الأنظمة! لتعود المرأة إلى الصفوف الخلفية من دون حدوث فرق في حياتها.

التغيير الحقيقي في أحوال النساء لن يرتبط بالثورات السياسية على الظلم والاستبداد، بل بتمكينهن اقتصاديا. فمتى امتلكت النساء أمرهن المالي، استطعن أن يغيّرن المفاصل الأخرى. ولا يتم ذلك إلا بمواجهة التحديات التي يواجهنها في سوق العمل وفي مشاركتهن الاقتصادية.

أبرز المعيقات تتمثل في العادات والتقاليد التي تميّز ضد النساء؛ كما تبرز في القوانين، ولاسيما قوانين العمل التي لا توفر معاملة متساوية بين الجنسين؛ من ناحية الأجور والتطور الوظيفي. ومن ثم، يبقى وجود النساء في المواقع القيادية مجرد حالات فردية.

محليا، وبحسب الدراسة السابقة، تراجع الأردن عالميا على صعيد مشاركة المرأة الاقتصادية إلى المركز 128 نزولاً من المركز 126 في العام الماضي. وفي الوقت نفسه تقدم 14 مركزا في مجال التعليم وصولا إلى المركز 68 بدلا من 82. النتيجة السابقة ليست وليدة التقرير، فعلى مدى سنوات طويلة، كانت العلاقة عكسية بين تعليم النساء وبين حصتهن من سوق العمل. وما تزال نسبة البطالة بين الأردنيات البالغات هي قرابة 21 % من مجموع القوى العاملة النسائية في الأردن، مقارنة مع نسبة بطالة تصل إلى نصف ذلك تقريبا بين الرجال، فتبلغ 11 %.

لا شك في أن تعرض النساء، خلال المراحل العمرية المختلفة، لأشكال متعددة ومتنوعة من العنف والتمييز والتهميش، إنما يفاقم الفجوة بين الجنسين في سوق العمل. إذ تشير الأرقام إلى أن 79 % من العنف يقع، للأسف، بحق النساء. هذا عدا عن علاقة

 التبعية المشوهة بين النساء والرجال؛ إذ تؤكد دراسة "البنك" أن خمس عشرة دولة يرتبط فيها عمل النساء بموافقة أزواجهن.

كل ما قيل عن تحسين واقع المرأة لم يُجْدِ نفعا؛ فما تزال مشاركتهن السياسية صورية، والاقتصادية متدنية، وتضبط إيقاع أحوالهن الاجتماعية قيمٌ مجتمعية بالية.

زيادة مشاركة المرأة الاقتصادية، وتمكينها اقتصاديا، ينعكسان إيجابيا على المجتمع ككل؛ إذ يحسّن ذلك مستوى معيشة أسرهن، ويحقق التنمية المستدامة التي لن نشهدها إلا بعد ثورة على الأحوال السيئة للمرأة العربية.

في النهاية، لا جديد على صعيد أحوال النساء. لكن علينا أنْ لا ننسى أن أوضاع النساء ليست إلا جزءا من حالة عامة ومشهد يعاني العديد من التعقيدات، وأن إصلاح أحوالهن هو بدوره ليس إلا جزءا من الإصلاح الشامل، وطالما أن الاخير منقوص، فلن ترى النساء جديدا.

ما إن يطل الثامن من آذار (مارس) من كل عام، حتى تتسابق المؤسسات للاحتفاء بالنساء. لكن، ما نفع كل هكذا فعاليات؟ ومتى نشهد تغييرا جذريا في حياة المجتمعات، وضمنه النساء حتماً؟

الغد