أبناء الأردنيات؛ المساواة غائبة

أبناء الأردنيات؛ المساواة غائبة
الرابط المختصر

تناقش ابنتي دينا، البالغة 15 عاماً، أي شخص مستعد للاستماع لرأيها أن الدولة الأردنية تمارس تمييزاً ممنهجاً ومخالفاً للبند السادس من الدستور بسبب رفض إعطائها رقم وطني أردني رغم أن والدتها أردنية كركية.

تقول دينا إن الدستور الأردني ضمِن المساواة بين الأردنيين والأردنيات، ولذلك يجب أن تكون حقوق والدتها مساوية لحقوق أي رجل أردني آخر.

قبل سنوات عدّة؛ كنا في منزل والد زوجتي، وكان الأحفاد يشاهدون مباراة نهائة لكرة السلة بين المنتخب الأردني والمنتخب الصيني. ابنتي دينا كانت تشجع المنتخب الوطني بحماس، في حين ابن خالها رامي كان يؤازر الفريق الصيني.

الصين فازت وابنتي غضبت على رامي. تدخلت لمعرفة المشكلة، فكان رد رامي، ابن لبيب مدانات وزوجته البريطانية كارولين، في منتهى البساطة، إذ أنه يحب الأكل الصيني ولذلك كان يشجع الصين! أبناء شقيق زوجتي تحق لهم الجنسية الأردنية, لكنهم زهدوا بها فالجواز البريطاني الذين يحملوه كافٍ بالنسبة إليهم.

الأمر نفسه ينطبق على ابنتي، فلديها جواز سفر أمريكي، والمدارس الخاصة تقبلها رغم عدم حملها الرقم الوطني، علماً أن زوجتي اضطرت في سنوات سابقة أن تراجع دائرة المتابعة والتفتيش لتحصل على إذن لتنضم دينا للكادر الطلابي في مدرسة خاصة.

عدم الحصول على الرقم الوطني لا يؤثر على مجريات حياتها, لكن ابنتي ترفض القول إنها أردنية ما لم تحصل على ذلك الرقم الخاص.

أتفهم أن تضع أي دولة شروطاً معينة لمن يرغب الحصول على جنسيتها، فبعض الدول تصر أولاً أن تحصل على إقامة دائمة مدة معينة، ثم يمكنك طلب الجنسية، فتتقدم لمقابلات تثبت معرفة المتقدم بلغة أو تاريخ الدولة الوطني الراغب لجنسيتها.

تغيب أي خارطة طريق للجنسية الأردنية (سوى رأس المال أو الواسطة في بعض الأحيان) وتحديد الحق الاوتوماتيكي فقط للرجال أمر يعني ترسيخ للتمييز لأسباب وهمية وغير مبررة دستورياً. فالأمر يأخذ منحى سلبياً رغم أن العديد من الدول العربية قد تراجعت عن هذا النوع من التمييز، وأصبح للأب والأم حق إعطاء الجنسية لشركاء حياتهم وأولادهم وبناتهم.

نسمع لكثير من السياسيين عن أهمية بناء النسيج الوطني وتقوية اقتصادنا والمشاركة في بناء مستقبل قوي مبني على أساس المواطنة والحقوق والواجبات، غير أن السياسة التمييزية التي يقف خلفها عدد من المحافظين الراغبين في الحفاظ على امتيازاتهم ومصالحهم سياسة غير مجدية، ولا تشكل أساساً لبناء لدولة حديثة، ولا توقف هجرة أبنائها المبدعين.

توفير المساواة بين الرجل والمرأة يجب أن لا يخضع للمصالح والتجاذبات السياسية، فالمسألة يجب أن تكون مبنيةً على الحق الطبيعي لكل إنسان بحياة كريمة احتراماً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والدستور الأردني كما تصر كريمتي دائماً على التذكير به، إذ ينص صراحة أن "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات".

  • مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

 

 

أضف تعليقك