آفاق جديدة لإصلاح قطاع المياه

آفاق جديدة لإصلاح قطاع المياه
الرابط المختصر

من المهم أن تتم الإستفادة ، على مستوى التخطيط السليم لقطاع المياه في الأردن من تجربة صيف 2010 والتي شهدت أزمة مياه ناجمة عن تراكم عدد كبير من الدوافع والاسباب في فترة محددة من الزمن ومنها ارتفاع درجات الحرارة ، وإنقطاعات الكهرباء وسوء إدارة نظام التزويد المائي ، وهي الدوافع التي أضيفت على "الوضع التقليدي" الذي يمر به الأردن سنويا في قطاع المياه حيث تتحقق وبالكاد حالة التوازن ما بين الطلب والتزويد المائي في كل صيف نتيجة الأزمة الخانقة في شح المياه والتي هي أزمة أمن وطني ذات بعد إستراتيجي.

من المهم أن يدرك الجميع بأنه حتى في حال وصول مشروع الديسي إلى النهاية السعيدة والبدء في ضخ المياه إلى عمان فإن هذا ليس حلا مستداما ولا يمكن التعامل معه إلا بأنه مرحلة انتقالية ، وخاصة أن الأزمة قد تستمر في المحافظات والقرى ولا بد من استثمار فترة الخريف والشتاء القادمة في تطوير خطة محكمة لتطوير إدارة المياه في الأردن بدلا بالمؤسسة الأهم والتي يجب أن تتركز عليها جهود الإصلاح وهي سلطة المياه.

سلطة المياه هي المسؤولة عن تشغيل وصيانة كافة المرافق المائية في الأردن إضافة إلى الصرف الصحي حسب قانون السلطة لعام 1988 ، وهذه المسؤولية مشتركة مع سلطة وادي الأردن في مناطق الأغوار ، وتمتلك كلا السلطتين حوالي 10 آلاف موظف بينما لا يتجاوز عدد موظفي وزارة المياه 200 في أحسن الحالات حيث تكون الوزارة مسؤولة عن السياسات والمشاريع بينما السلطة مسؤولة عن الإدارة. وفي واقع الأمر فإن كل "الأعراض" التي ظهرت مؤخرا في الترهل الإداري في تزويد المياه وخاصة من قبل المسؤولين المحليين في تحديد مسارات المياه ومواقع توزيعها وكمياتها وأزمنة التوزيع هي من مسؤوليات سلطة المياه ، والتي تعمل حاليا ضمن نظام يحقق مزيجا من بين ملكية القطاع العام للموارد المائية والشراكة مع القطاع الخاص في التشغيل والصيانة والتزويد وتحصيل الفواتير.

الإستراتيجية الجديدة لقطاع المياه 2008 - 2022 توفر أداة سياسة وتخطيطية في غاية الأهمية وهي تحتاج الآن إلى تعديلات تشريعية وخاصة تطوير قانون متكامل للمياه يزيد من الكفاءة والحرص الإداري من خلال تحديد الصلاحيات والمسؤوليات لكل من وزارة المياه وسلطتي المياه ووادي الأردن ، حيث توجد حاليا بعض الاقتراحات لإنشاء مجلس أعلى للمياه بصلاحيات واسعة يكون مسؤولا عن كافة شؤون الحوكمة والإدارة لقطاع المياه بما يكفل عدم تداخل الصلاحيات.

وتبدو أهمية إعادة النظر في الأطار المؤسسي لقطاع المياه جوهرية مع الانتقال إلى مرحلة اللامركزية والتي يمكن أن تتضمن لامركزية في إدارة وتشغيل وصيانة مرافق المياه في المحافظات من خلال مجالس محلية أو من خلال جمعيات لمستخدمي المياه تكون مسؤولة أمام رئاسة الوزراء والمجتمع المحلي في حسن إدارة هذه المرافق وهذا ما سيجعل المسؤولية محلية وأكثر استجابة للواقع ولكن ضمن رقابة مركزية. ولكن مثل هذه التوجهات يجب ايضا أن تكون أيضا متوافقة مع خطط التخاصية لتشغيل وصيانة المياه وخاصة إنشاء شركة اليرموك لمياه الشمال والتي ستخدم محافظات الشمال الأربعة بنفس الطريقة التي تعمل فيها شركة مياهنا في عمان وشركة مياه العقبة التي سوف تمتد إلى محافظة معان أيضا.

أزمة قطاع المياه في أزمة ذات أبعاد بيئية تتمثل في شح الموارد الطبيعية وذات أبعاد إدارية تمثل إرثا متراكما من قرارات وسياسات كان يمكن تجنبها ولكن تم مؤخرا إدراك مساوئها وهنالك أزمة تتعلق بحجم التعدي غير المشروع على الموارد المائية ، ومن المهم منح الوقت الكافي لوزارة المياه لمحاولة إصلاح الحالة الإدارية المتعثرة والمزمنة والتي تتطلب الكثير من الإجراءات الصارمة لإيقاف التجاوزات والتعديات بغض النظر عن مصدرها وبدون تطبيق القوانين والإجراءات على الجميع واستعادة كافة موارد المياه المنهوبة من الصعب الإستمرار في إدارة قطاع المياه بالطريقة التقليدية.