تسريح العمال في الأردن بين الواقع ولغة الأرقام المعلنة

عمان - كشف تقرير متخصص أن عدد العمال الذي تم تسريحهم من أعمالهم بشكل جماعي خلال عام 2009 بلغ ما يقارب 10500 عامل،  منهم ما يقارب 3750 أردنيين و 6900 من غير أردنيين

وجاء في التقرير الصادر عن المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية وبالتعاون مع مؤسسة فريدرش ايبرت الألمانية أن المادة 31 من قانون العمل الأردني رقم 8 لعام 1996 وتعديلاته، مكنت عدد من المؤسسات والمصانع من تسريح ما يقارب 1500 عامل أردني خلال عام 2009 والشهرين الأولين من عام 2010. في حين تم الاستغناء عن خدمات ما يقارب 2250 عاملاً أردنيا وما يقارب 6900 عامل آخرين من العمالة الوافدة (المهاجرة) غالبيتهم من الجنسيتين الهندية والبنغالية، خارج إطار موافقات وزارة العمل والطلبات التي تقدمت بها الشركات ال 37 خلال الفترة المذكورة، غالبتهم يعملون في قطاع الغزل والنسيج والمناطق الصناعية المؤهلة.

وحسب ما أفاد أحمد عوض مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، فإن "هنالك مئات العاملين الأردنيين الذين تم تسريحهم من أعمالهم دون الرجوع إلى وزارة العمل، حيث فاوضت العديد من الشركات العاملين لديها على التسريح من العمل على طريقة ما "بين نارين" فإما أن يقبل العامل بتسوية من خلال تعويض الفصل التعسفي وغالبا ما تكون قيمة التسوية أعلى من الحد المنصوص عليه في تعويض الفصل التعسفي كما يقره قانون العمل, وهنا يظهر التسريح من العمل في صورة استقالة طوعية وليست فصلا تعسفيا مسجلا في دائرة الأرقام".

وأشار التقرير إلى أن موضوع فصل 256 من العاملين في وزارة الزراعة بنظام المياومة ما زال قيد التفاوض بين اللجنة النقابية لعمال المياومة والحكومة بعد قيام العمال المفصولين بسلسلة من الاعتصامات أمام مجلس الوزراء.

وبين التقرير أن أعداد الذين فقدوا وظائفهم خلال عام 2009 والشهرين الأولين من عام 2010 يتجاوز هذه الأرقام كثيراً، في ضوء طبيعة وبنية سوق العمل الأردني. إذ أن العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل الغالبية بين المؤسسات الاقتصادية في الأردن، تقوم بتسريح عمالها دون الإعلان عن ذلك، ودون الرجوع إلى وزارة العمل، هذا إضافة إلى أن غالبية العمال في الأردن لا يتواصلون مع النقابات العمالية لأسباب متعددة، وبالتالي لا يبلغونها عن أحوالهم، وبذلك لا تعلم هذه النقابات بوجود عمليات فصل أو تسريح من العمل.

وحسب التقرير فإن أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بعملية التسريح الجماعي للعمال كان قطاع الغزل والنسيج، إذ تم خلال عام 2009 تسريح 9432 عاملا من عمال أردنيين ووافدين منهم 2480 عامل أردني و 6952 عامل وافد. حيث أغلقت عشرات الشركات العاملة في المناطق الصناعية المؤهلة. تلا ذلك قطاع العاملين في البناء إذ تم إنهاء خدمات 1150 عاملاً بسبب الظروف المالية المتعثرة التي واجهتها العديد من الشركات العاملة في هذا القطاع بسبب تراجع قطاع الانشاءآت والبناء إلى جانب تعثر بعض المصانع الأردنية العاملة في مجال السيراميك بسبب ضعف منافسة المنتج الأردني أمام المنتجات المستوردة الشبيهة والتي أغرقت السوق الأردني بأسعار منخفضة مقارنة مع أسعار المنتجات الأردنية.

أما بخصوص العاملين الأردنيين في الخارج، فإنه لا يوجد أية تقديرات رسمية أو غير رسمية حول أعداد الذين فقدوا وظائهم خلال عام 2009 الماضي. إلا أن المعلومات الأولية التي تم رصدها تشير أن هنالك بضع مئات من الأردنيين فقدوا وظائفهم في دول الخليج العربي جراء تأثر هذه الدول بالأزمة التي ضربت الاقتصاد العالمي أواخر عام 2008 والعام 2009، غالبيتهم تركزوا في قطاعات الانشاءآت والمالية وتكنولوجيا المعلومات، والبعض منهم عاد إلى الأردن وآخر بقي هنالك، وتشير المعلومات المتوفرة أن التخوفات من عمليات تسريح من العمل في هذه الدول ما زالت قائمة.

وبين التقرير أنه على الرغم من إقرار العديد من النقابيين العماليين والمسئولين الحكوميين من أن الكثير من الشركات تتحايل على القانون في مطالبتها بالإغلاق أو إعادة الهيكلة للاستفادة من المادة 31 من قانون العمل، إلا أن وزارة العمل وافقت على 81 بالمائة من الطلبات التي قدمت لها. إذ تم الموافقة على طلبات 30 شركة وتم رفض 7 طلبات خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

وأشار التقرير أن القراءة الأولية لواقع القطاعات الاقتصادية وواقع سوق العمل تؤشر إلى أن غالبية القطاعات ستتراجع فيها عمليات تسريح العمالة بسبب توقعات النمو الايجابي فيها. إلا أن هنالك قطاعات اقتصادية تواجه صعوبات كبيرة ستؤدي إلى ازدياد عمليات تسريح العمال منها، مثل قطاع البناء والانشاءآت، خاصة في ظل تراجع نشاط البناء، وتعثر وتراجع الأداء الإنتاجي للعديد من الشركات العاملة في قطاع إنتاج السيراميك وغيرها،

كذلك هنالك تخوفات من أن تلقي تداعيات خطط الحكومة الرامية إلى تقليص الإنفاق العام للحكومة لهذا العام، إلى تراجع بعض القطاعات الاقتصادية وبالتالي فقدان العديد من العاملين في هذه القطاعات لوظائفهم.

وأوصى التقرير بضرورة تعديل المادة 25 من قانون العمل الأردني والمتعلقة بالفصل التعسفي، بحيث يتم إلزام الشركات بإرجاع العامل إلى عملة وزيادة قيمة التعويض للعامل حال ثبوت حالة الفصل التعسفي، إذ أن قيمة التعويض في النص الحالي منخفضة ويتراوح بين 3 إلى 6 أشهر فقط. وكذلك أوصى بأهمية تعديل نص المادة 31 من قانون العمل التي تسمح لصاحب العمل بتسريح العمال؛ بحيث يتم وضع ضوابط مشددة أمام صاحب العمل لتسريح العمال الجماعي. وشدد التقرير على ضرورة توسيع مظلة التأمينات الاجتماعية لمشتركي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بحيث تشمل التأمين ضد البطالة، وخاصة للعمال الذين يتم تسريحهم  من أعمالهم وذلك للتخفيف من الآثار السلبية الاقتصادية التي يتعرضون لها عند وبعد تسريحهم من أعمالهم. وطالب بأهمية بناء قاعدة بيانات للإحصائيات المتعلقة بالعمال المسرحين من وظائفهم، سواء من الشركات التي تقدم طلباتها لوزارة العمل أم تلك التي لا تتقدم بطلبات للوزارة، إلى جانب مطالبة التقرير بضرورة حماية بعض الصناعات الأردنية من عمليات إغراق السوق بسلع منافسة تهدد وجودها

نص التقرير الكامل:

أضف تعليقك