مقاولون ومواطنون يؤجلون مشاريعهم الخرسانية لتذبذب أسعار مواد البناء في قطاع غزة

احتياطي محدود من مواد البناء، والأنفاق المصدر الرئيس لها و خسائر كبيرة يتعرض لها المقاولون لتذبذب أسعار مواد البناء.

غزة / مضمون جديد/ حسن دوحان
نتيجة تعرضه لخسائر متتالية في قطاع المقاولات بقطاع غزة، قرر المقاول بسام خالد 43 عاماً من خانيونس اعتزال عمل المقاولات في أعمال البناء والتشييد، والسفر للجزائر للبحث عن فرصة عمل أو إقامة مشروع استثماري هناك..
المقاول بسام خالد استطاع خلال عامي 2010، 2011 تحقيق مكاسب كبيرة من العمل في مقاولات المباني نظراً لارتفاع أسعار المواد الخام من الاسمنت والحصمة والحديد، فقد كان يتعاقد مع أصحاب المنازل والمشاريع وفق أسعار السوق التي كانت في انخفاض مستمر.
ومع انخفاض أسعار مواد البناء المهربة عبر الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية برفح، بدأ المقاولون يشكون من تعرضهم لخسائر كبيرة، نظراً لتذبذب الأسعار جراء قيام السلطات المصرية بحملات أمنية مكثفة لإغلاق الأنفاق الأمر الذي استغله التجار لرفع الأسعار رغم توفر كميات ومخزون من تلك المواد في قطاع غزة.
ويشير المقاول خالد إلى تعرضه لخسائر تقدر بنحو 70 ألف دولار خلال الستة أشهر الماضية نتيجة لتعاقده على مقاولات بناء واحتسابه أسعار مواد البناء وفقاً لأسعار السوق، والتي سرعان ما ارتفعت بشكل مذهل، فقد ارتفع سعر طن الاسمنت من 400 شيكل إلى ما بين 600 أو 700 شيكل للطن الواحد..
ويؤكد خالد أن عدد كبير من المقاولين المحليين باتوا يرفضون التعاقد وفقاً للأسعار المتداولة طالبين من صاحب الإنشاء توفير المواد الخام، ويقول كما أن عدد كبير من المواطنين ارجأوا أعمال البناء ، فيما طلب عدد من المواطنين من المقاولين التوقف عن العمل نظراً لعدم قدرتهم على دفع التكاليف الباهظة لمواد البناء نظراً لحالة التذبذب في أسعار مواد البناء.
ويعتمد قطاع المقاولات والتشييد والإنشاءات في قطاع غزة على مواد البناء المهربة عبر الأنفاق على الحدود الفلسطينية المصرية، بينما تحظر إسرائيل منذ منتصف عام 2007ادخال مواد البناء من خلال معابرها مع قطاع غزة إلا للمؤسسات الدولية ومشاريعها فقط..
خسائر للمقاولين
وتعرض قطاع الإنشاءات بقطاع غزة خلال الشهور الماضية إلى خسائر كبيرة، نتيجة تجميد العمل في العديد من المباني والمنازل قيد الإنشاء أو لتحمل المقاولين فروق أسعار مواد البناء التي ارتفعت بشكل مفاجئ..
ويقول المقاول حسام عبد الرحمن 39 عاماً من رفح نتيجة الارتفاع الذي طرأ على أسعار مواد البناء جراء الحملة الأمنية المصرية لإغلاق أنفاق التهريب على الحدود المصرية مع قطاع غزة، توقفت أعمال البناء بشكل كبير، فمنذ ثلاثة أشهر لم احصل إلا مؤخراً على تعاقد لبناء منزل شرق رفح، واشترطت على صاحب المبنى أن يتحمل أي فروق للأسعار في مواد البناء التي باتت أسعارها غير مستقرة"..
الأنفاق

وينفي مالكو الأنفاق وتجار مواد بناء مسؤوليتهم عن ارتفاع أسعار مواد البناء، معللين ذلك بان التجار وأصحاب الأنفاق في الجانب المصري هم من بادروا لرفع الأسعار، وتقليل الكميات التي يتم إدخالها يومياً عبر الأنفاق، ويشير أصحاب الأنفاق إلى أن الحملة المصرية وعمليات إغراق الأنفاق المستمرة أثرت كثيرا على المواد المهربة من الأراضي المصرية إلى القطاع بشكل عام ومواد البناء بشكل خاص.
ويقول صاحب احد الأنفاق رمزي أن أسعار مواد البناء وخاصة الاسمنت والحصمة مرتبطة باستقرار الوضع على الحدود الفلسطينية المصرية، ويشير إلى أن أسعار طن الأسمنت تتراوح حالياً بين 430 شيكل إلى 500 شيكل للطن الواحد بينما وصلت في السابق إلى 380 شيكل، وارتفعت أسعار الحصمة من 60 شيقلا إلى 100شيكل.
أضرار كبيرة
وتعرض المواطنون القائمون على إنشاء منازل جديدة أو ترميم منازلهم وإقامة طوابق جديدة في منازلهم لانتكاسات كبيرة نتيجة لتذبذب أسعار مواد البناء، ويقول المواطن يوسف هاشم 55 عاماً من رفح " عندما بدأت في إزالة منزلي الاسبستي وبناء منزل من الخرسانة ابلغني المختصون أن بناء طابقين سيكلفني 60 ألف دولار بشكل كامل، ولكني صدمت بأسعار مواد البناء التي كانت في ازدياد مستمر مما اضطرني للتوقف عن إكمال البناء لان نقودي ال 60 ألف دولار نفذت، ولم أحقق مبتغاي وعلى الرأي المثل "كأنك يا أبو زيد ما غزيت"..
ويحمل هاشم المسئولين عن حالة الإرباك غي أسعار مواد البناء لغياب الرقابة، موضحاً أن مواد البناء متوفرة لدى التجار ولكنهم يتعمدون رفع أسعارها واحتكارها دون أي رقابة، وشدد على ضرورة تعويض المتضررين من قبل الجهات الحكومية لأنها المسئولة عن حالة الإرباك والتذبذب في الأسعار، ولعدم قيامها بالرقابة الكافية على التجار..
ويشير المواطن محمد أبو عمر من مخيم النصيرات إلى انه اضطر لإيقاف العمل في منزله بعد أن أنهى بناء الطابق الأول، ولا زال ينتظر استقرار أسعار مواد البناء من اجل استكمال عملية بناء منزله..
ويؤكد أبو عمر أن الفارق يبدو قليلا عندما يحسب على الطن الواحد لكن عملية البناء الشاملة يطرأ عليها زيادة عالية في التكاليف تتخطى في بعض الأحيان 30 % ما يجعل تكلفة الطابق ترتفع من 22 ألف دولار إلى 30 ألف دولار..
ويوضح أبو عمر انه يسعى حاليا لتشطيب الطابق الأرضي للسكن فيه بما تبقى من أموال لديه، متمنياً أن تكفي في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء رغم انه كان عاقد العزم على بناء طابقين، متسائلاً هل المسئولين راضين أم مستفيدين من هذه الأوضاع؟
ويطالب بتفعيل الرقابة على التجار ووضع حد لحالة الاستغلال للمواطنين من خلال رفع الأسعار رغم وجود مخزون من مواد البناء لدى التجار..
خسائر مضاعفة
ونتيجة لمنع المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة المقاولين العاملين في مشاريع تمولها من استخدام مواد البناء المهربة عبر الأنفاق غلى الحدود الفلسطينية المصرية، اضطر أصحاب شركات المقاولات لتعطيل العمل لعدم توفر مواد البناء التي يتم إدخالها من إسرائيل عبر معبر كيرم أبو سالم جراء إغلاق المعبر، ولعدم وفاء شركة نيشر الإسرائيلية للاسمنت بالتزاماتها لتعطل احد خطوط العمل في مصانعها..
ويقول مدير شركة الوثبة الذهبية للمقاولات محمد الشريف "منذ أسبوع أوقفنا العمل في مشروع المساكن بمخيم الشاطئ الذي تموله وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا، لعدم إدخال شركة نيشر للاسمنت كميات الاسمنت المتعاقد عليها، إضافة إلى إقدام إسرائيل على إغلاق المعابر متذرعة بإطلاق الصواريخ والأعياد اليهودية..
إنشاء ميناء
وبدوره يؤكد رئيس اتحاد المقاولين أسامة كحيل وجود مشكلة في الاسمنت في الضفة وغزة، اضطرت وكالة الغوث لوقف العمل في مشاريعها، مشيراً إلى تعرض المقاولين لخسائر كبيرة، والخسائر تزيد يوم بعد يوم..
ويشير كحيل إلى تذبذب أسعار مواد البناء المهربة عبر الأنفاق نتيجة تضييق السلطات المصرية على الأنفاق ، ويوضح أن وضع أعمال البناء في تراجع بشكل كبير لكنه لم يصل لحد الأزمة، الأسعار متأرجحة ما بين 430 وحتى 480 ، ففي فترة ما وصلت أسعار الاسمنت 700 شيكل ، الحكومة شددت الرقابة على التجار لعدم التلاعب بالأسعار..
ويؤكد كحيل أن جميع المقاولين تعرضوا للخسائر والأضرار بشكل متفاوت ما بين الشركات الكبرى والصغرى، وحتى الآن لا توجد إحصائيات عن تلك الخسائر ولكنها تختلف من شركة لأخرى، ونحن بصدد عمل إحصاءات..
ويقول كحيل "نحن في فترة إعمار بقطاع غزة، ولكننا نعاني من تضييق المصريين على الأنفاق وعدم وجود أي رؤية لإدخال مواد البناء من مصر، الحل إنشاء ميناء فلسطيني نعتمد عليه في الاستيراد والتصدير، وحتى لا نبقى تحت رحمة احد.
وشدد على ضرورة الحفاظ على التهدئة على التهدئة الموجودة حاليا لضمان استمرار إدخال مواد البناء..
ويوضح رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية علي الحايك أن مصانع الباطون والطوب تعرضت لخسائر كبيرة نتيجة أزمة اسمنت النيشر، وكذلك أزمة الأنفاق، ويقول نحن نحمل شركة النيشر المسؤولية، وكذلك السلطة لاعتمادها على مصنع واحد لتوريد الاسمنت، الأمر الذي اثر على الإعمار والمشاريع نتيجة خاصة وان شركة نيشر التي توقف احد خطوط إنتاجها أعطت والأولوية للسوق الإسرائيلي.
ويؤكد الحايك وجود نقص في مواد البناء التي تعبر عن طريق الأنفاق نتيجة الحملة الأمنية المصرية، تزامن إغلاق المعبر الإسرائيلي مع إغلاق الأنفاق وعدم إرسال الاسمنت من شركة نيشر.
ويضيف هناك نقص حاد في الاسمنت ، يؤثر على شغل المقاولين، وهناك ارتباك في الأسعار خاصة وان المشاريع التي تنفذ محلياً يتم إنشاءها بأسعار قديمة، مطالباً بضرورة وضع حل حذري، وألا تكون شركة نيشر المورد الوحيد، وإنشاء مصنع اسمنت والاستيراد مباشرة من مصر أو تركيا..
احتياطي محدود
وينفي مسئول كبير في وزارة الاقتصاد المقالة بغزة وجود تذبذب في أسعار مواد البناء، ويؤكد أن الأسعار مستقرة في قطاع غزة، وان الوزارة تعمل على ضبطها وتراقب حركة السوق والبضائع باستمرار، ويقول "كل مواد البناء في متناول في يد المواطنين، قطاع غزة يشهد حركة نشاط كبيرة وديناميكية وحاجته متزايدة من مواد البناء، وتوجد في قطاع غزة كميات محدودة من مواد البناء ونحن بحاجة مستمرة ومتنامية لمواد البناء"..
ويضيف "نحن نعمل من خلال حواراتنا مع المصريين من اجل فتح معبر رفح لحركة الأفراد والبضائع وخاصة مواد البناء التي تحظر إسرائيل إدخالها إلى قطاع غزة، ونأمل أن نصل إلى اتفاق مع الأخوة المصريين في هذا الصدد.
ويشير إلى أن المنطقة الحرة لا زالت قيد البحث والنقاش والحوار مع الأخوة المصريين، والمنطقة الحرة ستعطي تسهيلات كبيرة لحركة البضائع، ونعتقد أن فتح معبر رفح للسلع والبضائع أفضل الحلول في الوقت الراهن مع العمل من اجل إنشاء ميناء للنقل البحري لأنه الحل الاستراتيجي والمستقبلي..
واتهم الحكومة الإسرائيلية بخرق اتفاقية التهدئة وعدم إنهاء الحصار عن غزة من خلال الاستمرار في عدم إدخال مواد البناء.

أضف تعليقك