مربو الدواجن يخلطون البيض بالسياسة لتبرير اسعاره "الفلكية"
تقرير: طارق الدعجة- لمضمون جديد
دخل اللاجئون السوريون لاول مرة في قاموس المبررات التي يسوقها مربو الدواجن في الاردن لتبرير رفعهم المتوالي لاسعار بيض المائدة، والتي قفزت مؤخرا الى مستويات "فلكية".
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية كان الاتحاد النوعي لمربي الدواجن يبرر موجات رفع اسعار هذه السلعة التي تعتبر اساسية بزيادة كلف الانتاج ومنها الوقود والاعلاف والايدي العاملة.
وكان معدل الارتفاع خلال تلك الموجات يتراوح بين خمسة وعشرة بالمئة، وهو ما اعتبر معقولا الى حد ما.
ومع قرار الحكومة رفع اسعار الوقود الشهر الماضي وما رافق ذلك من موجة صقيع مرت بها البلاد وزادت كلف التدفئة في مزارع الدواجن، كان متوقعا ان ترتفع الاسعار بمعدلات تصل الى خمسة بالمئة.
ولكن المفاجأة كانت بان اسعار البيض قفزت دفعة واحدة بنسب ناهزت 30 بالمئة.
وقد برر رئيس اتحاد مربي الدواجن عبد الشكور جمجوم هذه القفزة قائلا انها نجمت عن "تراجع حجم الانتاج وزيادة الاستهلاك لا سيما بعد زيادة اعداد اللاجئين السوريين".
ويحمل هذا التبرير يحمل في طياته توظيفا لقضية اللاجئين السوريين الذين باتت تقترب اعدادهم من نصف مليون، وربما محاولة لكسب تاييد قطاعات اجتماعية وسياسية معارضة لوجودهم في المملكة.
وقال جمجوم ان "تراجع الانتاج يعود الى عزوف عدد كبير من صغار المربين عن تربية الدواجن وانتاج البيض بسبب تراكم الخسائر التي لحقت بهم خلال السنوات الماضية نتجة لارتفاع كلف التربية خصوصا مادة الاعلاف التي شهدت زيادة بنسبة 80%".
واضاف ان "ارتفاع اسعار المحروقات اثر ايضا على ارتفاع كلف التربية وادى الى عزوف صغار المربين -الذين يشكلون النسبة الاكبر من المرببين- عن تربية الدواجن وانتاج بيض المائدة".
وبحسب رئيس اتحاد مربي الدواجن، فقد انخفض انتاج بيض المائدة بواقع 10 ملايين بيضة شهريا من اصل 75 مليونا تنتجها 00 مزرعة يقدر حجم الاستثمار فيها نحو 300 مليون دينار.
ويبين جمجوم ان سعر الطبق الذي يحوي 30 بيضة وبوزن 2200 غراما "بلغ خلال ذروة الارتفاع نحو 3.70 دنانير من ارض المزرعة، في حين تراوح سعره للمستهلك بين 4 و4.25 دنانير".
سقوف سعرية
ولمواجهة الطلب وتلبية احتياجات السوق من بيض المائدة، فقد لجأت الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة الى تحديد سقوف سعرية اضافة الى السماح بإستيراد هذه المادة.
وكما يقول جمجوم، فقد ادت تلك الاجراءات الى انخفاض سعر الطبق الى 3.5 دنانير.
ويتوقع جمجوم ان يطرأ "انخفاض على اسعار بيض المائدة خلال الفترة المقبلة جراء قيام الاتحاد بتشجيع المربين على العودة للتربية في ظل ارتفاع درجات الحرار وانخفاض تكاليف الانتاج".
ولكنه حذر من ان "مزاراع انتاج بيض المائدة ستكون مهددة بالاغلاق في حال استمرار الحكومة في فتح باب الاستيراد وعدم دعم الاعلاف اسوة بمربي الاغنام ووجود ضرائب على البيض بنسبة 4%".
ويقول موظف القطاع الخاص منتصر نعيم الذي يعيل 5 افراد "اذا كانت حجة التجار متعلقة بكلف الانتاج سيما وقود التدفئة فهذه الحجة انتفت مع ارتفاع درجات الحرارة الامر الذي يؤدي بالضررة الى انخفاض الاسعار بمستوى اقل بكثر من الحالية".
ويؤكد منتصر ان "فتح باب الاستيراد يعني بالضرورة تلبية احتياجات السوق الامر الذي ينفي السبب الاخر الذي تحدث عنه التجار من ان ارتقاع الاسعار ناتج عن زيادة في اعداد المستهلكين بعد دخول السوريين مما يفترض ان يؤدي بالنهاية الى تخفيض الاسعار".
وطالب منتصر الجهات المعنية بمراقبة انتاج البيض وحلقات التسويق لضبط الاسعار وعدم حدوث استغلال للمواطنين.
من جانبه، يؤكد المستشار الاعلامي في وزارة الصناعة والتجارة ينال البرماوي انه جرى تحرير اكثر من 100 مخالفة منذ قرار تحديد السقوف السعرية لبيض المائدة.
واوضح البرماوي انه بموجب القرار فقد "اصبحت السقوف السعرية لطبق البيض واصلا للمستهلك على النحو التالي: وزن أكثر من 2200 غرام بسعر 3.65 دنانير، وأكثر من 2000 غرام بسعر 3.50 دنانير، ووزن اكثر من 1800غرام 3.30 دنانير، ووزن اكثر من 1600غرام 3 دنانير، ويضاف مبلغ 150 فلساً لكل طبق بدل تغليف".
وبين البرماوي ان القرار جاء استناداً إلى أحكام قانون الصناعة والتجارة وبناءً على الصلاحيات المفوضة للوزير بموجب قرار مجلس الوزراء بتحديد أسعار السلع في حال وجود اختلالات سعرية ومغالاة في الأسعار.
واشار الى ان القرار تم التوصل اليه بالتعاون والاتفاق مع منتجي بيض المائدة ونظراً للارتفاع غير المبرر لأسعار هذه المادة محليا.
ويؤكد البرماوي ان "الوزراة ستقوم بمراجعة قرار تحديد السقوف السعرية لبيض المائدة والغائه حال استمرار انخفاض الاسعار بما يضمن عدم وجود استغلال للمواطنين".
استغلال واضح
وفي المقابل، فقد وصف رئيس الجميعة الوطنية لحماية المستهلك محمد عبيدات اسعار بيض المائدة بانها "مبالغ فيها وغير مسبوقة على الإطلاق وفيها استغلال واضح للمواطنين".
وقال عبيدات إن "المبررات كافة التي يسوقها اصحاب المزارع لا تبرر هذا الارتفاع الجنوني لهذه السلعة الأساسية على مائدة المستهلك الأردني".
وفي ما بدا تفنيدا لحجة زيادة الاستهلاك بسبب اللاجئين السوريين، فقد رأى عبيدات ان عمليات التصدير تلعب دورا كبيرا في نقص المعروض.
ودعا في هذا الصدد إلى وقف عمليات التصدير كافة لهذه السلعة باعتبار التصدير كان وما يزال العامل الأول في زيادة أسعار هذه السلعة وغيرها من السلع الأخرى.
وكما ان قرار وقف الاستيراد او فتح بابه هو في يد الحكومة، فان التصدير ينطبق عليه نفس الامر، وكلاهما من المفترض ان تلجأ اليه الجهات الرسمية في حال تطلب الامر.
وكما يرى مراقبون، فقد كان اجدى وقف التصدير لفترة من الزمن حتى يستقر السوق بدلا من اصدار قرار بفتح الاستيراد قد لا يتم تنفيذه او يحصل ذلك لكن ضمن قيود على الكميات، الامر الذي يحد من قدرة هذه الخطوة على كبح الاسعار التي بلغت مستويات فلكية.
من جهة اخرى، فقد اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك ان قرار تحديد سقف سعري للبيض "يكشف تبرير رفع التجار لاسعار السلع، رغم عدم وجود دراسات تكاليف حول إنتاج البيض في المزارع وصولاً الى المستهلك".
وبحسب المراقبين، فان نقابات وتجمعات الصناعيين والتجار تؤدي في معظمها ادوارا احتكارية مبطنة عبر كارتيلات تتحكم من خلالها بالاسواق والاسعار.
والكارتيل هو اتفاق بين عدد من المشاريع تنتمي إلى فرع معين من فروع الإنتاج لأجل تقاسم الاسواق.
ورغم ان قانون المنافسة الاردني يجرم الاحتكار، الا انه غير مفعل الى حد بعيد في هذا المجال بسبب ما يرى المراقبون انه تقصير من جانب وزارة الصناعة والتجارة التي يتهمونها بمحاباة الصناع والتجار على حساب المستهلكين.
الى ذلك، فقد حث عبيدات المواطنين على "ترشيد استهلاك بيض المائدة ما أمكن في خطوة تصعيدية تهدف الى خفض الأسعار، إضافة العودة الى تربية الدواجن البلدية للتخفيف قدر الإمكان من وطأة الظروف الاقتصادية على ميزانيات الأسر".
وبالفعل فقد تحدثت تقارير عن قيام اعداد متزايدة من المواطنين باقتناء الدجاج بهدف الحصول على البيض.