عمّان - طارق الدعجة- مضمون جديد
دفع قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات بالتزامن مع دخول فصل الشتاء بالعديد من المواطنين امثال صالح محمد الى البحث عن بدائل للمدافئ التقليدية التي يات تشغيلها امرا مكلفا جدا.
والبديل الذي اهتدى اليه الثلاثيني صالح كان مدفأة باتت تشهد انتشارا في الاسواق، وتستخدم نشارة الخشب كوقود عوضا عن المشتقات النفطية.
وكما يؤكد صالح، فقد خفضت هذه المدفأة بشكل كبير من كلفة تدفئة منزله، واثبتت انها بديل عملي للمدافئ التقليدية التي تضاعفت كلفة تشغيلها اثر قرار رفع اسعار المحروقات.
ورفعت الحكومة منتصف الشهر الماضي أسعار كل من اسطوانة الغاز من 6،5 دنانير الى 10 دنانير، والبنزين الخالي من الرصاص اوكتان 90 من 700 فلس الى 800 فلس للتر، والسولار من 515 فلسا الى 685 فلسا للتر، والكاز من 515 الى 685 فلسا للتر.
بديل عملي
يقول صالح الذي يعيل ستة افراد ولايتجاوز دخله الشهري 350 دينارا، انه كان ينفق نحو 450 دينارا على وقود التدفئة طوال فصل الشتاء، اما بعد ارتفاع اسعار الوقود، فان الكلفة كانت سترتفع الى 750 دينارا.
ويضيف ان كلفة تشغيل مدفأة النشارة خلال فصل الشتاء لن تزيد عن 50 دينارا، وهو ما يعني انه سيوفر حوالي 375 دينارا من المبلغ الذي كان يخصصة لغاية التدفئة التي تعمل على المشتقات النفطية.
وهذه المدفأة التي تصنع في تركيا ويتراوح ثمنها بين 130 و150 دينارا تبعا للحجم، هي عبارة عن صندوق حديدي مربع الشكل في داخله صندوق صغير توضع فيه النشارة ويجري اشعالها.
وهي مزودة ببواري لتصريف الدخان متصلة بأسفلها وتمتد إلى خارج المنزل.
ويقول صالح انه قام بشرائها قبل نحو ثلاثة شهور، وتحديدا عندما بدأت الحكومات تتحدث عن رفع الدعم عن المحروقات.
ويضيف انه اشترى من اصحاب مناجر وكذلك محال متخصصة في بيع النشارة، قرابة 150 كيسا من هذه المادة لسد احتياجات تدفئة منزله طوال فصل الشتاء.
وحسب صالح، فان المدفأة تستهلك يوميا نحو كيس واحد ففط وبمعدل عمل يصل الى 14 ساعة، اي ان تكلفة تدفئة المنزل في اليوم الواحد هي 50 قرشا.
ويشير صالح الى امكانية استخدام مدفأة النشارة لاغراض اخرى مثل الطهي، وهو ما يقلل من استهلاك الغاز.
ومن جانبه، يؤكد عبد السلام خالد، وهو متقاعد من القطاع العام، انه لم يعد في وسعه استخدام المدافئ التي تعمل على الغاز والكاز بعد قرار رفع اسعار المحروقات.
ويقول الرجل الذي يعيل 9 افراد "دخلى الذي لا يتجاوز 550 دينارا، وهو لا يتحمل تخصيص مبالغ كبيرة لغاية الانفاق على المحروقات بعد قرار رفع اسعارها".
ولهذا، فقد وجد عبدالسلام ضالته في مدفأة النشارة التي اشتراها بنحو 150 دينارا، ويؤكد انها آمنة كما يمكن استخدامها لاغراض اخرى كالطهي.
وقد حصل على كامل احتياجاته من النشارة بالمجان من ان احد مصانع الاثاث كما يقول، ولم يكلفه الامر سوى اجور نقلها البالغة حوالي 50 دينارا.
ويؤكد عبد السلام ان مدفأة النشارة وفرت عليه مبلغا يقدر بـ 600 دينار كان يخصصه لشراء المحروقات خلال موسم الشتاء.
اقبال كبير
وقد بدأ رواج هذا النوع من المدافئ بالتزامن مع تلميحات الحكومة الى رفع اسعار المحروقات قبل بضعة اشهر، كما يؤكد احد مستورديها وهو عواد الغرير.
ويقول الغرير أن إقبال المواطنين على شراء مدفأة النشارة تضاعف بشكل كبير خلال العام الماضي بسبب حديث الحكومات السابقة عن قرار زيادة اسعار المحروقات.
ويضيف انها آمنة ومزودة بنظام للتحكم بدرجات حرارتها.
ويوضح الغرير إن "فكرة استيراد هذه المدافئ جاءت خلال رحلة عمل الى تركيا لاستيراد بعض أنواع الأثاث قبل نحو اربعة اعوام ، وحينها اصطحبنا أحد التجار هناك إلى بيته الذي يستخدم فيه مدفأة النشارة".
ويبين الغرير أن استخدام مدفأة النشارة ساهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء المالية على المواطنين، خصوصا أصحاب الدخول المحدودة، وأدى إلى تخفيض مخصصات التدفئة بنسبة لا تقل عن 80 %.
وعلى صعيده، يقول استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري انه من الطبيعي ان يلجأ المواطنون ذوو الدخول المحدودة والمتدنية الى البحث عن بدائل اقلة كلفة عندما ترتفع اسعار سلع اساسية كالمحروقات.
ويبين الحموري ان مدفأة النجارة تعتبر بديلا للاسر الفقيرة للهروب من لهيب أسعار الوقود التي تحملهم اعباء مالية كبيرة تكون على حساب سلع اساسية كون اسعارها مرتفعة لا تناسب دخولهم .
ويضيف ان استخدام المواطن لهذا النوع من المدافئ هو مؤشر على انه يمر في ظروف مالية صعبة لم يجد معها حلولا معقولة اخرى للهرب من ارتفاع اسعار المحروقات.
ويطالب الحموري الحكومة بضرورة "ايجاد حلول للطبقة الفقيرة واصحاب الدخول المحدودة ليس كما هو الحال بالدعم وانما من خلال قسائم مخصصة للمحروقات يتم صرفها لهم لتعويضهم عن فرق ارتفاع اسعار المشتقات النفطية".
رقابة مطلوبة
من جانب اخر يقول رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الدكتور محمد عبيدات "نحن مع اي وسيلة تتحقق الغاية منها في التخفيف من الاعباء المالية على المواطنين والتي من بينها استخدام مدفأة النشارة كبديل عن استخدام المدافئ الاخرى".
ويبين عبيدات ان الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها معظم الاسر الاردنية بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات تجبرهم على البحث عن وسائل اخرى للتدفئة، مؤكدا ان المدافئ التقليدية التي تعمل على الغاز والكاز وحتى الكهرباء لم تعد خيارات متاحة لنسبة كبيرة من المواطنين.
وطالب عبيدات في هذا الصدد الجهات الرقابية بتكثيف رقابتها على مدافئ النشارة للتاكد من شروط الامان.
ولا يخلو احتراق النشارة الناتجة عن الخشب المعالج بعضه بمواد كيماوية لمنع التشققات والتسوس وغيرها من مخاطر محتملة على صحة الانسان، وهو ما يستوجب الحذر في التعامل معها.
ولكن كما يبدو، فان المواطنين يرون ان حجم الفوائد يفوق المخاطر التي لا تبدو كبيرة في ظل نظام البواري الذي يطرد الدخان الى خارج المنزل.
وقد سجلت مبيعات المحروقات تراجعا بعد قرار الحكومة رفع الدعم عنها، وبنسب وصلت الى 25% كما يبين رئيس نقابة اصحاب محطات المحروقات والتوزيع فهد الفايز.
واوضح الفايز ان الطلبات على اسطوانات الغاز المنزلي باتت تبلغ يوميا 121.667 اسطوانة وبتراجع وصل حجمه إلى 40 ألف اسطوانة مقارنة بالايام التي سبقت قرار رفع الدعم.
أما بالنسبة لباقي أصناف المحروقات، فقد أوضح الفايز ان اجمالي الطلب مادة الكاز انخفض بشكل ملحوظ مقانة بالايام التي سبقت قرار رفع الدعم
وأرجع الفايز السبب في ذلك، إلى احتفاظ المستهلكين بمخزون وفير من احتياجاتهم من هذ الاصناف خلال الفترة التي سبقت رفع الدعم عنها خوفا من زيادة اسعارها، مبينا ان عزوف المواطنين عن شراء المحروقات بسبب ارتفاعها لا يمكن قياسه إلى بعد مرور فترة تنفذ فيها الكميات التي خزنها المستهلكون