رواتب المعلمات في المدارس الخاصة .. استغلال وخرق لقانون العمل!

الرابط المختصر

الدستور - التحقيقات الصحفية - منذر الحميدي

تتعرض العديد من المعلمات في المدارس الخاصة الى اجحاف وظلم كبيرين جراء تغييب حقوقهن العمالية الواجب توفيرها ضمناً من قبل القائمين على ادارات تلك المؤسسات الخاصة ، لا سيما اذا ما تعلق الامر بتدني مستوى اجورهن ، علاوةً على غياب مظلة للتأمين الصحي واستخدام آلية الخصم من الراتب في حال الموافقة على الاجازات السنوية والمرضية.

وبحسب تقرير لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الذي صدر مؤخراً تم الكشف عن واقع الازمة التي تواجه هذه الشريحة وما تعانيه من هضم لحقوقها الشرعية ، حيث بلغت اعدادهم حسب احصائية لوزارة التربية والتعليم (23484) معلما ومعلمة يعملون في المدارس الخاصة ورياض الاطفال ، وشكلت نسبة الاناث منهم %87 في القطاع التعليمي الخاص.

وانطلاقاً من فكرة جائزة "الملكة رانيا للمعلم المتميز" التي تهدف الى النهوض بالعملية التربوية في المملكة وتوفير المناخ الملائم لتلك الشريحة باعتبارها من اهم اطراف المعادلة التعليمية ، لا بد من تحرك المسؤولين من خلال مراقبة تلك المؤسسات وضبط المخالفين منها ووضع الحد الادنى للاجور وتأمين كافة الحقوق العمالية لهم كونها استحقاقا وليست هبة.

عدم التزام بالعقد

المعلمة غزلان ، وهي من ضحايا الاجور المتدنية في المدارس الخاصة ، قالت: نتيجة لشح الشواغر في القطاع الحكومي لجأت للعمل في احدى المدارس الخاصة ، وتم احتساب راتب لي مقداره "150" دينارا حسب العقد المبرم مع مديرة المدرسة ، الا انه عند استلام راتب الشهر الاول تبين انه لا يتجاوز الـ"85" دينارا فقط ، الامر الذي جعلني اترك العمل في هذه المدرسة ، وذلك نتيجة الاجحاف من قبل ادارة المدرسة. وبينت ان هنالك انتهاكاً اخر هو عدم شمول العاملين بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.

85 دينارا فقط

وقالت معلمة أخرى انها وبعد تخرجها مؤخراً من الجامعة بتخصص علوم حياتية وهندسة جينات بتقدير جيد جداً قامت بالبحث عن عمل يؤمن لها دخلا مقبولا ، الا انه اصابها اليأس في البحث عن وظيفة حكومية في ظل الاوضاع الراهنة نتيجة عدم توفر الشواغر ، لذا قامت بتقديم طلب باحدى المدارس نتيجة لحاجتها للراتب الذي تبين انه لم يتجاوز 85 دينارا فقط ، ومع ذلك لم تقم بالتوقيع على عقد مع ادارة المدرسة خوفاً من الالتزام لمدة معينة معها على اعتبار انها تتنظر فرصة اخرى للعمل في مكان آخر يؤمن لها حياة كريمة من خلال تأمين كافة الحقوق الواجب توفرها لاي عامل حسب نصوص قانون العمل الاردني.

معضلة الإجازات

من جهته قال رئيس اللجنة الوطنية لاحياء نقابة المعلمين مصطفى رواشدة ان هنالك صعوبات تواجه المعلمات في القطاع الخاص ، مبيناً ان ابرزها ما يتعلق بالاجور وحق التأمين الصحي. وبين ان بعض المعلمات وصلت رواتبهن الى الهاوية ، اي بحدود 70 - 80 دينارا شهرياً فقط ، مؤكداً ان ذلك يعتبر مخالفا لقانون العمل الاردني.

واضاف: تظهر ايضا معضلة الاجازات باعتبارها استحقاقا لشريحة المعلمين والمعلمات في تلك المدارس حسب قانون العمل والعمال. وقال ان القطاع النسائي يعتبر الحلقة الاضعف ، باعتباره من ضحايا عقود العمل المبرمة مع تلك المدارس ، مبيناً ان هناك حالات تهديد لبعض المعلمات بفسخ العقد المبرم مع المدرسة عند حصولهن على الاجازة السنوية او المرضية ، بالاضافة الى عدم تمتعهن باجازة الامومة بشكل كامل او قد يصل الامر الى خصم جزء من رواتبهن مقابل تلك الاجازة.

انتهاك صريح

وبين المدير العام للمرصد العمالي الاردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية احمد عوض ان اوضاع المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة اصبحت تشكل انتهاكاً صريحاً لحقوق هذه الشريحة الاساسية ، مبيناً ان تدني المستوى التعليمي للطلبة في المدارس الخاصة عائد الى هشاشة الدخول والرواتب التي تتقاضها الهيئة التدريسية في بعض تلك المدارس.

واشار عوض خلال التقرير الصادر عن المركز الى ما تعانيه هذه الفئة من تدني معدلات الاجور والرواتب المقدمة ، لافتاً الى ان غالبية المدارس الخاصة لا تتجاوز رواتب الهيئة التدريسية فيها الحد الادنى للاجور البالغ (150) دينارا شهريا باستثناء بعض معلمي المواد العلمية للتوجيهي.

وقال "أما فيما يتعلق بالاجازات والعطل الرسمية فقد لوحظ ان غالبية المدارس الخاصة تقوم بحرمان المعلمات من حق الاجازة المرضية ، والتي تصل الى (14) يوماً سنوياً ، وفي ظروف مرضية خاصة تصل الى (28) يوما ، واذا ما اضطرت اي معلمة للغياب لاسباب مرضية تقوم ادارة المدرسة الخاصة باقتطاع اجور ايام الغياب من راتبها الشهري".

اتفاقية جديدة

من جهته ناشد رئيس اتحاد نقابات العمال الاردني مازن المعايطة المسؤولين في وزارة التربية والتعليم النظر بقضايا المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة بصورة سريعة ، لاسيما المتعلقة منها بالاجور المقدمة لهم ، بالاضافة للتأمين الصحي واشراكهم بالضمان الاجتماعي وتحويل الرواتب للبنوك حتى لا يفسح اي مجال لادارات المدارس بالتلاعب على الضمان الاجتماعي وقانون العمل ، مبيناً انه لابد ان يتساوى معدل الدخل الذي يتقاضاه الطبيب والمهندس مع دخل المعلم.

وبين المعايطة ان اختلال ميزان العرض والطلب في المؤسسات التعليمية الخاصة وارتفاع نسب البطالة في المجتمع وخصوصاً في القطاع النسائي جعل بعض اصحاب المدارس الخاصة يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة للعاملين فيها وانتقاص الاجور مما يشكل انتهاكا لحقوقهم ، مشيراً الى ان هناك تحايلا على قانون العمل الاردني من خلال التوقيع على عقود وهمية بين الطرفين دون ادنى التزام حقيقي ببنودها.

واشار المعايطة الى ان هذا الخلل مرده تهاون المسؤولين في وزارة التربية والتعليم مع بعض ادارات المدارس الخاصة وغض الطرف عن تجاوزات هذه الادارات تجاه الهيئات الدريسية عندهم. وطلب من هؤلاء المسؤولين تشديد الرقابة على تلك المدارس المخالفة وايقاع العقوبات الرادعة بحقها.

وألمح المعايطة الى ان هناك اقتراحات سيتم طرحها على نقابة اصحاب المدارس الخاصة لتنفيذ اتفاقية جديدة ترفع من المستوى التعليم في القطاع الخاص ، ومن ضمنها ألا يقل أجر المعلم في القطاع الخاص عن أجر نظيره في وزارة التربية ، وضمان ايداع شهري للرواتب في البنوك ، وان يكون العقد المبرم ما بين المعلم وادارة المدرسة الخاصة محدود المدة لغاية السنة الاولى ، وغير محدود المدة في حال تخطيها ، علاوةً على انشاء لجنة نقابية داخل اي مؤسسة تعليمية خاصة لمن يتعدى كادرها التعليمي 25 معلما ، وتنسيق الاجتماع بهم مرتين من كل عام لمناقشة ابرز القضايا المتعلقة بهم.