العمال الأردنيون في المناطق المؤهلة: جهد مسروق ورواتب متدنية وشروط عمل مجحفة

الرابط المختصر

عمان- اعتبر عمال يعملون في المناطق الصناعية المؤهلة، ونقابيون أن غالبية العمال الأردنيين العاملين في شركات داخل هذه المناطق، يعانون من انخفاض معدل الأجور.

وأشاروا إلى أن اجور العمالة المحلية في مصانع النسيج في هذه المناطق اقل من الحد الادنى للاجور، والبالغ 150 دينارا، بالرغم من المطالبات العديدة لرفعه ليصل الى هذا الحد.

وأوضحوا ان انخفاض معدل الاجور قلص اعداد العمال الاردنيين في هذه المناطق من 24 ألفا قبل اربع سنوات الى 8 آلاف عامل للعام الحالي.

ومع ذلك، فان أوضاع عمال المناطق الصناعية المؤهلة شهدت تحسنا ملحوظا عن السنوات السابقة، بحسب عمال أكدوا ان التعليمات التي وضعتها وزارة العمل لاستخدام واستقدام العمال في المناطق المؤهلة، ساعدت على التخفيف من وطأة استغلال الشركات للعمال.

وبحسب الاتفاقية الموقعة مع الولايات المتحدة، فإن المناطق الصناعية المؤهلة هي أي منطقة يتم اعتمادها بهذه الصفة من قبل حكومة الولايات المتحدة الأميركية، ويتم تسميتها من قبل السلطات المحلية كمنطقة يسمح للبضائع المنتجة فيها بدخول سوق الولايات المتحدة الأميركية، من دون رسوم جمركية وضرائب، ومن دون اشتراط منفعة متبادلة، ومن دون وجود حد أعلى للحصص (كوتا)، "علماً بأن الميزة الاخيرة ألغيت منذ مطلع العام 2005، بعد انتهاء العمل باتفاقية الألياف المتعددة الأطراف".

وقال عامل في شركة للألبسة، عبد الإله احمد، انه لا توجد الان انتهاكات فيما يتعلق بالعمال في المناطق المؤهلة كما كان الأمر سابقا، باستثناء انخفاض الاجر وعدم التزام الشركات بالحد الادنى للاجور، اضافة الى انعدام الزيادات السنوية للعمال والاجازات.

فيما اشار العامل خالد سعيد ويعمل في مصنع للنسيج، إلى ان وزارة العمل تجري حملات تفتيشية بين الحين والاخر على المصانع والشركات، كما تركز على اقامات العمال وتصاريح عملهم، والحد الادنى للاجر، إضافة إلى الاتفاقيات العمالية بين النقابة العامة والشركات ومتابعة حسن تنفيذها.

واضاف أن جزءا من الشركات لا تلتزم بتلك الاتفاقيات، وتعتبرها ضغوطات تمارسها النقابة عليهم.

ولفت إلى أن أعداد العمال الاردنيين زادت خلال العام الماضي على السنوات السابقة، حيث تمنح وزارة العمل الاولوية للعامل الاردني للعمل في تلك الشركات.

بيد ان العامل سعد حميد أوضح ان أوضاع العمال في المناطق الصناعية المؤهلة لا تشجع العمال على الاستمرار في تلك الوظائف، بسبب ساعات العمل الطويلة، التي تستمر بمعدل 3 ساعات إضافية، وانعدام الحوافز والامتيازات، وانخفاض معدل الرواتب أسوة مع العمال الاجانب الذين يحظون بامتيازات أفضل من العمال الأردنيين.

واشار الى ان العامل الاجنبي يكلف تلك الشركات أكثر من العامل الاردني، بين تصاريح العمل والاقامة والرواتب، غير أن تلك الشركات تفضل العامل الاجنبي الذي يتحمل ضغط العمل.

بدوره، قال رئيس نقابة العاملين في مجال الغزل والنسيج فتح الله العمراني، ان اوضاع العمال في المناطق الصناعية المؤهلة مستقرة باستقرار الشركات العاملة، ما دام عمل تلك الشركات مستمرا، اضافة الى ان العمالة الوافدة ايضا تعيش ظروفا مستقرة في تلك الشركات.

وبين أن 20 % من العمال الاردنيين يتقاضون أقل من الحد الادنى للاجور، وأن معدل عددهم هو ألفا عامل، تتراوح رواتبهم بين 115-125 دينارا، على الرغم من مطالبات النقابة برفع الحد لادنى للاجور الى 150 دينارا، غير ان تلك الشركات تضرب بعرض الحائط قرارات وزارة العمل، والاتفاقيات الجماعية المبرمة معها.

أما على صعيد انتهاكات حقوق الانسان، فقال العمراني إنها انخفضت بشكل كبير، مشيرا الى ان عدد الشكاوى الفردية للعمال انخفضت من 1442 شكوى العام 2009، الى 440 شكوى فردية العام 2010.

اما فيما يتعلق بواقع الاعتصامات والتوقف عن العمل، فقد استقر الوضع في العام 2010 عنه في العام 2009، حيث شهدت تلك المناطق 32-33 اضرابا عن العمل.

وكانت "الغد" رصدت وقوع نحو 49 إضرابا عن العمل في المناطق المؤهلة خلال العام 2008، حيث امتد كل إضراب منها بمعدل 1 - 28 يوما، وشارك فيها نحو 12849 عاملا وعاملة، فيما بلغ مجموع أيام الإضراب نحو 297 يوما، وذلك احتجاجا على الظروف السائدة في هذه المصانع.

ولفت العمراني الى ان اعداد العمال الاردنيين شهدت ارتفاعا العام 2010، بواقع 500 عامل، فيما ارتفع عدد العمال الوافدين إلى ألفي عامل.

وبين أن النقابة ابرمت العام الماضي 16 اتفاقية عمالية، تشمل تحسين الخدمات الصحية، من عيادة وطبيب وحوافز وامتيازات للعمال.

ويقدر الناشط النقابي في نقابة المهندسين المهندس ميسرة ملص، في دراسة اجراها عن المناطق الصناعية المؤهلة، انخفاض نسبة العمال الاردنيين الى العدد الكلي للعمال في المدن الصناعية المؤهلة، من 64  % العام 2001 الى 24.6  % في شهر آذار(مارس) من العام 2009.

ويلفت ملص الى أن مستثمري هذه المناطق يتجاوزون ما ورد في اتفاقية المدن الصناعية المؤهلة، والتي تنص على أن لا تتجاوز نسبة العمالة الأجنبية في أول عام لتأسيس المصنع 30  %، وفي العام الثاني

25  %، وفي العام الثالث 15  %.

ويقول ملص إنه، وعلى الرغم من أن قضية تشغيل العمالة المحلية هي، في الأصل، المبرر الرئيسي لجميع الرسميين لتسويق هذه المدن، الا انه يلاحظ التناقص المستمر للعمالة الاردنية، بسبب سوء ظروف العمل، والانخفاض الشديد في الرواتب، حيث يحدد الراتب بنحو 110 دنانير شهريا فقط، أي اقل من الحد الأدنى للأجور المقر رسميا.

وأضاف بأنه عندما صدر قرار وزارة العمل في منتصف العام 2006، برفع الحد الادنى للاجور من 95 دينارا الى 110 دنانير، تم تأجيل تطبيق القرار على عمال المناطق الصناعية المؤهلة حتى بداية العام 2007، وتكرر الحال عندما رفع الحد الادنى للرواتب في ايلول(سبتمبر) 2008 إلى 150 دينارا، حيث استثنيت المدن الصناعية المؤهلة من هذا القرار مجاملة لأصحاب المصانع.

وقال "وصل التلاعب من قبل بعض اصحاب المصانع الى الاستناد الى فتوى صدرت عن ديوان تفسير القوانين، في العام 2003، وقوامها أن بدلات السكن والمأكل تندرج ضمن تعريف الأجر، حيث بلغ الامر حد ان يتقاضى العامل 40 دينارا، على الرغم من ان راتبه 95 دينارا، باعتبار ان 55 دينارا تخصص كبدل مسكن ومأكل".

ويرى ملص ان هناك استغلالا للعمالة الأردنية، فبالاضافة الى الرواتب المنخفضة التي يتقاضاها العمال الاردنيون، فانه "يتم تشغيلهم لساعات عمل طويلة وفي ظل ظروف عمل قاسية تسيء لآدمية العامل الأردني، وتصادر حقه في العيش برفاه وحياة كريمة، مقابل ما يتقاضاه العامل الصهيوني، بمعدل 1000 دولار شهرياً ".

من جانبه، قال أمين عام وزارة العمل مازن عودة، إن وزارة العمل تولي المناطق الصناعية المؤهلة عناية خاصة، وتعتبرها من الملفات المهمة، مشيرا الى ان هذا القطاع من القطاعات الواعدة لجلب استثمارات مهمة.

ولفت الى ان وزارة العمل تعمل على زيادة حصة العمال الاردنيين في تلك المناطق، وترجيح كفة العامل الاردني على حساب العامل الوافد، اضافة الى تحسين بيئة وشروط العمل.

واشار عودة الى ان الوزارة تنفذ حملات تفتيشية مسائية على تلك المناطق، لمراقبة ظروف العمل والتأكد من ساعات العمل.

واوضح ان الوزارة فعلت الخط الساخن لاستقبال الشكاوى، كما تعمد بين فترة واخرى الى توزيع "بوسترات" حول حقوق العمال، وتعريف العمال بارقام الخط الساخن بلغات بلادهم، تمهيدا لحل الشكاوى التي ترد إليها.

واشار عودة الى ان الوزارة نفذت خلال العام الماضي 53825 زيارة تفتيشية، منها 238 زيارة ليلية، واستهدفت 6517 زيارة المناطق الصناعية المؤهلة.

واضاف ان الوزارة وجهت 765 إنذارا لمؤسسات وشركات في المناطق الصناعية المؤهلة، كما خالفت 2709 مؤسسات في تلك المناطق.

وبين عودة أن الوزارة انتهجت تكثيف الزيارات الليلية، واثناء العطل على تلك المناطق، مشيرا الى انها تراقب عن كثب، من خلال مفتشيها وبالتعاون مع فروع نقابة الغزل والنسيج، مجريات الامور في تلك المناطق.

ويبلغ عدد العمال الاردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة نحو 8700 عامل، مقارنة مع 24 ألف عامل وافد.

ولفت عودة الى ان اولويات الوزارة تكمن في زيادة حصة العمالة الاردنية، واحلالها بشكل تدريجي بدل العمالة الوافدة، والعمل وفق القائمة الذهبية، حيث تضع الوزارة اي شركة تخالف قانون العمل على القائمة السوداء، بهدف تحسين ظروف وشروط بيئة العمل ومعايير السلامة والصحة المهنية.

وشدد عودة على ان الوزارة اقرت تعليمات معدلة لشروط وإجراءات استخدام واستقدام العمال غير الأردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة، وتم اصدارها في الجريدة الرسمية.

وعدلت الوزارة تعليمات المادة (2) البند (2) الوارد في جدول (ب) من معايير القائمة الذهبية الخاصة بمعايير اضافية للمنشآت والمؤسسات ذات العمالة الوافدة، لتصبح "باشتراط ان يحصل جميع العمال على تصاريح عمل أو إقامة سارية المفعول".

واعطت التعليمات حصول العمال على تصاريح العمل (10) درجات، وبتصنيف يندرج في المستوى الأول، وأقل من 5 % في المستوى الثاني، فيما رفضت طلب المؤسسة أو المنشأة بموجب التعليمات في المستويين الثالث والرابع.

وتمنع التعليمات شركات مخالفة فيما يتعلق بعمالة الأطفال والحد الأدنى للأجور والحقوق الأساسية للعامل وحقوق الإنسان، من التقدم إلى القائمة الذهبية. كما شملت التعليمات تعديل معايير ومتطلبات السلامة الصحية.

وكانت مطالب العمال الوافدين "الآسيويين" لادارة الشركات في السابق، تتركز بالحصول على مياه نظيفة وإفطار، إضافة إلى خبز طازج بدلا من الخبز الجاف، وتوفير عناية طبية، ومعاملتهم معاملة إنسانية".

وجرى حل هذه الشكاوى، وديا من قبل وزارة العمل، وأثارت تساؤلات عديدة حول المعاملة التي يلقاها العمال الوافدون في المناطق الصناعية المؤهلة، وآلية الرقابة على ظروف العمل، وطريقة تعامل إدارة الشركات والمصانع في هذه المناطق مع العاملين.

وكانت تقارير عديدة أصدرتها منظمات حقوقية محلية ودولية رصدت انتهاكات خطيرة بحق العمال في الشركات والمصانع في المناطق الصناعية المؤهلة.

واستعرضت تقارير المنظمات الحقوقية الكثير من الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في الشركات والمصانع في المناطق الصناعية المؤهلة، والتي تدخل في باب امتهان كرامة وحقوق العمال ووضعهم في ظروف غير إنسانية.

وكانت اعتصامات العمال الوافدين في مدينة التجمعات الصناعية، تركزت شكاواها على "عدم دفع أجورهم مدة ستة أشهر، ورفض إدارات المصانع دفع الغرامات المالية المستحقة لوزارة الداخلية لتسهيل إجراءات تسفيرهم لبلادهم".

ويشار إلى أن عدد العاملين الأردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة، يبلغ 8 آلاف عامل، غالبيتهم من عمال قطاع الملابس، فيما قدر عدد العمالة الوافدة بنحو 28 ألفا.

كما يبلغ عدد العمال الأردنيين خارج المناطق الصناعية المؤهلة نحو 15 ألف عامل، بحسب آخر إحصائية لنقابة العاملين في الغزل والنسيج.

وبينت الوزارة أن اتفاقية التجارة الحرة مع كندا، المتوقع دخولها حيز النفاذ خلال الأشهر المقبلة، ستسهم أيضا في زيادة صادرات المناطق الصناعية المؤهلة، خصوصا وأنها تحتوي على قواعد منشأ سهلة التطبيق، وتتضمن إعفاء جمركيا كاملا منذ بدء تطبيقها.

وعلى الرغم من ارتفاع صادرات الألبسة من المناطق الصناعية المؤهلة، غير أن أرقام الصادرات تخالف أهداف الأجندة الوطنية، التي كانت تسعى لرفع صادرات الألبسة، إلى مستوى 1.270 بليون دينار في العام 2010، وتوفير فرص عمل لـ 163 ألف عامل.

كما تراجعت أعداد العاملين في مصانع الألبسة، الموجودة ضمن المناطق الصناعية المؤهلة، خلال النصف الأول من العام 2009، من 45 ألف عامل إلى نحو 37 ألفاً، أي بنسبة انخفاض بلغت 17  %، نتيجة إغلاق نحو 27 مصنعا، من أصل 110 مصانع، ليصبح عددها 83 مصنعاً.

ومن سلبيات المناطق الصناعية المؤهلة التي يشير اليها ناشطون نقابيون، وفق مؤتمر للجنة مقاومة التطبيع النقابية عقد العام الماضي "التعدي على ثروات الأردن، ومنها استغلال مياه الشرب الشحيحة، حيث يحتاج مصنع واحد لصناعة الجينز إلى 1000 متر مكعب من المياه يومياً، وهو ما يكفي لسقاية مدينة اردنية لمدة يوم واحد، بحجم سكان يبلغ 5000 نسمة، إضافة إلى كلفة المعالجة العالية للمياه الناتجة عن هذه المصانع، وكذلك تقديم الطاقة كهربائية بسعر يتراوح من 0.03 - 0.54 دولار للكيلو واط، إضافة الى المشتقات النفطية المدعومة من خزينة الدولة، علاوة على طرح النفايات الناتجة من هذه المصانع في الاردن، واستغلال اراضيه، حيث ان الكيان الصهيوني يحتاج الى اراض إضافية بسبب ضيق الاراضي التي يحتاجها للاستيطان والهجرة".

كما اشار المؤتمر نفسه الى سلبيات اخرى، منها ان مصانع المناطق الصناعية المؤهلة "تسببت عند انشائها، باغلاق حوالي 600 مشغل نسيج وحياكة محلي، بسبب رفض بعض الدول العربية التعامل مع صناعة النسيج الوطنية لوقوع شبهة التطبيع عليها".

ومن السلبيات، أيضا، ان الصناعات في المناطق الصناعية المؤهلة "لا تضيف أي خبرة مميزة (know how) لعمالنا، بل ان معظم هذه الخبرات هي خبرات بسيطة لا تتعدى عمليات يدوية محدودة، من تثبيت قطع النسيج على الماكنات المبرمجة سلفاً، وتركيب الازرار والسحابات"، وفق ما جاء في المؤتمر.

[email protected]