العمالة الوافدة حاجة اساسية ام سد فراغ لعزوف المحلية
ع. جو - عصام مبيضين
زاد عدد المتعطلين الأردنيين عن العمل إلى 180 ألف شخص، وفق دراسات متخصصة، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد العاملين الوافدين في الأردن يصل إلى 335 ألف عامل.
يحتج كثير من الشباب الأردنيين أمام مكتب عمل تشغيل العبدلي قائلين إن هناك فوضى في إعطاء تصاريح العمل" للعمال الوافدين" على حساب العاطلين عن العمل من أبناء البلد.
يؤكد علي الشبطات انه يحمل شهادة كوافير رجالي ، وهو عاطل عن العمل من سنوات؛ لأن العمالة الوافدة لا تتيح له فرصة للعمل.
وأضاف أن العمالة الوافدة العربية لم تترك لنا فرصة عمل، حيث يقبلون بأجور أقل وظروف عمل أصعب؛ فيكون الاختيار عليهم من القطاع الخاص.
حسب الإحصاءات فإن مجمل العمالة الوافدة في سوق العمل الأردني، من العمالة المصرية بالدرجة الأولى بنسبة 71,49 بالمئة، في حين شكلت العمالة العربية الأخرى ما نسبته 1,9 بالمئة فقط ويتركز أكثر من نصف العمالة الوافدة 50,97 بالمئة تقريباً في محافظة العاصمة
عبده الدمنهوري مصري (37 عاما)، حارس عمارة يقيم في الأردن منذ (16) سنة، متزوج وله ابنة في السابعة من عمرها، يعمل منذ سنوات في قطاع الإنشاءات، يقول إنه يحول شهريا (150) دولارا إلى مصر، ودخله يتجاوز (400) دولار.
حسنين الأسيوطي وفرغلى عونى، حارسا عمارتين تقعان في ضاحية الرشيد والجبيهة، يشيران إلى أنهما يجمعان من حراسة العمارات وتنظيف الأدراج والسيارات قرابة 350 دينار شهريا، موضحين أن رواتبهما تجمع من سكان العمارات من مالكين ومستأجرين، مع تأمين المسكن، اذ يتقاضى كل واحد منهم عشرين دينارا عن كل شقة مقابل الحراسة وتنظيف الممرات الرئيسية، إضافة إلى حصوله على "إكراميات" من السكان مقابل قضاء حاجياتهم، من شراء بقاله وغسل السيارات.
بواب وافد حاصل على دبلوم تجارة ، يقيم في الأردن منذ عام 2001، سبق له العمل في الزراعة والإنشاءات، قبل أن يستقر في مهنة "بواب" منذ أكثر من أربع سنوات، بتصريح من وزارة العمل.
أما أبو عبده (50 عاما)، المقيم في الأردن منذ عام 1999، ويعمل في إحدى المزارع في الشونة الشمالية، فيقر بأنه لا يحمل تصريحا للعمل في هذه المهنة، لكن طبيعة عمله تجعله بعيدا عن الضبط والتسفير. أبو عبده أكد أن دخله يتجاوز 300 دينار شهرياً، يحول أكثر من نصفه إلى أهله في الصعيد.
الأرقام تتحدث عن تحويل ما يزيد عن 500 مليون دولار سنويا إلى الخارج، وهو يساوي 16في المئة من إجمالي الحوالات الواردة من المغتربين الأردنيين.
من جانبه، أكد رئيس اتحاد نقابات العمال مازن المعايطة أن الشباب الأردني يعزف عن بعض المهن، ليس بسبب ثقافة العيب، ولكن بسبب ساعات العمل الطويلة وعدم الاستقرار المهني والوظيفي، وغياب التأمينات والمزايا الأخرى.
واستذكر المعايطة أن الاتحاد والجهات الرسمية الأخرى "سعت عبر برامجها ومشاريعها إلى تعزيز الثقافة العمالية وكسر ثقافة العيب أو عدم الإقبال على بعض المهن، ولاقت نجاحا في بعضها، لكن لم يكن من بينها مهنة حراسة العمارات".
إلى ذلك، جادل نقيب مقاولي الإنشاءات المهندس أحمد الطراونة بأن على وزارة العمل أن تكون مع تحقيق مبدأ التنافسية في سوق العمل الأردني، شارحا أن غالبية العمالة الوافدة من جنسية واحدة، وهم يتحكمون في سوق العمل.
وأشار الطراونة إلى أن البطالة في الأيدي العاملة الأردنية هي بطالة متعلمين، أما المهن التي تحتاج إلى جهد عضلي وبدني فإن هناك عزوفا عنها من قبل الأردنيين.
وقال: "أرى أن أفضل حل تقوم به الحكومة ممثلة بوزارة العمل بالتعاون مع القطاع الخاص، العمل على فتح شركة مشتركة للقيام بتنظيم عقود العمالة الوافدة، والإشراف على استقدامهم وتجديد تصاريحهم، وبالتالي حل مشكلة صاحب العمل والعامل في نفس الوقت".
وللخبير الاقتصادي سامي شريم رأي آخر، حيث يقول: "لعبت العمالة الوافدة( المصرية) دورا لا يمكن إنكاره في مسيرة البناء والتطوير في معظم القطاعات كالزراعة والإنشاءات والعقار والصناعات التحويلية، إلى الخدمات والكهرباء وغيرها، في ظل ابتعاد العامل الأردني طواعية عنها. وهناك جملة ظواهر رافقت وجود العامل الوافد في الأردن، منها انخفاض الأجور خاصة في المراحل الأولى لاستقدامه، وقلة إن لم يكن انعدام مهاراته".
ووصف شريم العمالة الوافدة بأنها "عمالة ذات مؤهلات تعليمية متدنية، لا سيما أن إحصاءات وزارة العمل تظهر أن 89,7 بالمئة من إجمالي العمالة الوافدة أميون، وأن 7,8 بالمئة يحملون شهادة الدبلوم المتوسط. وتتركز تلك العمالة في قطاع الزراعة المنخفض الإنتاجية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، وكذلك في قطاع الإنشاءات متقلب النشاط".
وأكد شريم أن يجب الإسراع في تطبيق خطة إحلال العاطلين الأردنيين عن العمل مكان العمالة الوافدة ، لان من شأن ذلك أن يخفض نسب البطالة إلى أكثر من النصف.
واستطرد شريم قائلا: ويبدو ذلك ممكنا؛ لأن حوالي 100 ألف أردني عاطل عن العمل هم من حملة الشهادات الثانوية فما أقل (وهم يشكلون حوالي 56 في المئة من كافة العاطلين عن العمل)، ما يعني أن هذه الفئة تصلح نظريا للعمل في الوظائف والمهن التي يشغلها الوافدون الذين يعمل معظمهم في وظائف لا تحتاج لمؤهلات علمية".
وجادل شريم بأنه في حال اشتغال 100 ألف عامل أردني من أصل 180 ألف عاطل، ستكون نسب البطالة قد انخفضت لأكثر من النصف.
وفي ذات السياق، يقول رئيس اتحاد المزارعين أحمد الفاعور أن الحاجة إللى العمالة الوافدة ماسة في وادي الأردن ومختلف المحافظات، نظرا لطبيعة الأعمال التي تقوم بها، التي تستند في جانب كبير منها على القوة العضلية والتحمل الجسماني دون حاجة لمهارات كبيرة، ما جعلها أقل كلفة وأكثر طواعية وأفضل إنتاجية مقارنة بالعامل الأردني الذي يقوم بنفس الأعمال (إن وجد)، وهو ما زاد من حجم الإقبال عليها بل مكنها في مرحلة لاحقة من الحصول على خبرات حصلت عليها من السوق الأردني نفسه، لتنتقل إلى العمل ضمن مستويات أعلى.
يلخص أمين عام وزارة العمل مازن عودة موقف وزارته بأنها تسعى إلى تشجيع الأردنيين للعمل في مهن مختلفة. وبيّن أنها أغلقت (16 مهنة) أمام العمالة الوافدة لتوفير فرص العمل للأردنيين، وهي المهن الطبية، والهندسية، والإدارية، والمحاسبية، والكتابية، والطباعة، والكوافير والحلاقة، والسكرتاريا، وأعمال المقاسم والاتصالات والهواتف، وأعمال المستودعات، وأعمال البيع كافة، والديكور، والمهن التعليمية باستثناء التخصصات النادرة، وبيع المحروقات في المدن الرئيسية، ومهن الكهرباء، وتصليح السيارات والميكانيك، والسواقة، والحراس والمراسلون، وخدم العمارات.
وأضاف أن الوزارة اتخذت مجموعة من الإجراءات لتخفيض تدفق العمالة الوافدة، من خلال تحسين شروط وظروف العمل في القطاعات التي يعزف الأردنيون عن العمل فيها، كتحسين الأجور وشمول العامل بمظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وتحسين بيئة العمل، لكن خطوة إغلاق بعض المهن أمام العمالة الوافدة لم تكن ناجعة.
وقال: "لم يقبل الأردني على المهن الخدمية، لأسباب مختلفة، منها ثقافة العيب وطول ساعات العمل وغيرها". وتقوم وزارة العمل بالتنسيق مع الجهات الأمنية بحملات تفتيشية يومية لضبط سوق العمل، وتسفير العمال الذين يتم ضبطهم يعملون بصورة مخالفة، بحسب عودة، سواء أكانوا يعملون بمهنة غير المصرح لهم العمل بها، أو من دون أن يحملوا تصريح عمل، أو أن يكون هذا التصريح منتهيا، أم كانوا يعملون لدى صاحب عمل آخر بصورة مخالفة لشروط التصريح الممنوح لهم وفقا لأحكام قانون العمل الأردني
إستمع الآن