ارتفع بيض المزراع فعاد "البلدي" إلى موائد المواطنين
عمان - احمد التميمي - مضمون جديد
تحت أشعة الشمس الحارقة، تجلس الستينية أم سليمان في "حسبة الخضار في مدينة اربد لبيع فائض البيض البلدي التي جنته جراء تربيتها لـ 8 دجاجات في ساحة منزلها في إحدى قرى غرب اربد.
تقول أم سليمان لـ "مضمون جديد" إنها تعمل في الحسبة منذ 15 سنة تبيع البيض البلدي والسمن.
"
سوق اليوم مختلف"، فالإقبال على البيض البلدي ضعيف مقارنة بالماضي، وفق ام سليمان. الحاجة العجوز لا تجد مبررا لهذا الضعف سوى أن تكرر ما يقال في مثل هذا الموقف: ربما يكون ذلك لضعف الموارد المالية لدى الناس".
وتشير أم سليمان إلى أنها تعودت منذ سنوات أن تتحمل حرارة الشمس ولهيب الأرض من أجل أولادها، بعد وفاة والدهم، مشيرة إلى إنها تمكنت من سد احتياجات المنزل جراء بيعها البيض الفائض عن الحاجة.
وتلفت إلى أن سعر صندوق البيض البلدي ذات سعة 30 بيضة حوالي 4 دنانير ونصف، مقارنة بـ 4 دنانير سعر صندوق بيض المزارع، مشيرة إلى أن ارتفاع الأعلاف ومنع البلديات من تربية الدجاج داخل الإحياء السكنية تسبب في عزوف الكثير عن تربية الدواجن في المنازل.
وتشاركها في البيع، صديقتها بالحارة أم محمد التي تقول إن الحياة تحتاج إلى تعب لتجد لها معنى، مشيرة إلى إن إنتاج الدجاج من البيض يسد احتياجات المنزل والفائض يتم بيعه في الأسواق.
وتقضي أم محمد نحو 6 ساعات من العمل المستمر في بيع البيض البلدي "الطازج" وتعبئته في أكياس بلاستيكية، إضافة إلى بعض الأعمال الخاصة بتربية الدواجن.
في ظل ارتفاع أسعار الدجاج وبيض المائدة، الذي تزامن مع موجة غلاء واسعة تشهدها المملكة بعد تحرير المحروقات، عاد أردنيون إلى تربية الدجاج في منازلهم على أمل التخفيف من حدة آثار ارتفاع الأسعار الذي يشمل قائمة كبيرة تضم مختلف السلع والخدمات، عدا عن المواد الغذائية والمتطلبات الأساسية الأخرى.
وعادت عائلات في قرى ومدن محافظة اربد إلى شراء الدجاج البلدي، وتوفير المكان المناسب لتربيته وخصوصا على أسطح المنازل، وفي الحدائق المنزلية تجنبا لشراء بيض المائدة، والدجاج اللاحم الذي شهدت أسعاره ارتفاعا كبيرا.
تقول العجوز أم طارق كان لديها "ايام زمان" مجموعة من الدجاج البلدي الذي كان يوفر لعائلتها البيض، واللحوم باستمرار، إلا أنها باعتها لارتفاع أسعار الأعلاف وشائعات انفلونزا الطيور.
لكنها تشير إلى عودتها الى عادتها السابقة واشترت أخيرا عدة دجاجات بلدية، وستعيد تربيتها من جديد، ولن تتخلى عنها هذه المرة "لأي سبب كان".
زميلاتها في أماكن أخرى يبعن اللبن البلدي والزيتون والمخلالات، غير أنها مع زميلاتها أمام مسجد اربد الكبير ينفردن ببيع البيض البلدي الطازج على وقع صياح الديكة وأصوات الدجاج المحبوس في أقفاص تفتح أحيانا لتعطي بعض البيض أو لتعطي إحداها لزبون جديد يفضل الدجاج بطعمه القديم، بعيدا عما صار يعرف بدجاج الهرمونات.
وشهدت السوق المحلية ارتفاعا متباينا في أسعار بيض المائدة في محال التجزئة المتواجدة إذ وصل فرق السعر إلى 70 قرشا للطبق الواحد، من وزن ألفي غرام، ليصل سعر الطبق إلى 4 دنانير في بعض المحال والمراكز التجارية، فيما اكتفت محال أخرى ببيعه بسعر 3.5 دينار.
وتحت وطأة ارتفاع الأسعار، يؤكد مواطنون أنهم أصبحوا "غير قادرين" على شراء البيض لا سميا العائلات الكبيرة التي تستهلك كميات كبيرة منه.
وفي ظل الإقبال على تربيته بالتزامن مع انخفاض أعداده وازدياد الطلب عليه في الآونة الأخيرة ارتفعت أسعار الدجاج البلدي.
ووصل سعر الدجاجة الواحدة إلى ما يقارب 6 دنانير بعد أن كان سعرها سابقا لا يتجاوز الدينارين، وفق مواطنين.
ويقول الموظف عادل البطاينة إن ارتفاع أسعار البيض والدجاج جعله يشتري مجموعة من الدجاج البلدي، فبنى "قنّا" خاص بها بالقرب من منزله ليحصل منها كل يوم على حاجة الأسرة من البيض واللحوم.
لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف سيرفع كلفة تربية الدجاج البلدي خصوصا في حالة حجز الدجاج البلدي داخل "القن" ومنعه من الخروج ليلتقط حشائش الأرض.
وحدة الارشاد الزراعي
وتضررت تربية الدواجن المنزلية في اربد التي كانت تزود المواطنين بحاجاتهم اليومية من الاحتياجات الغذائية. يقول مدير وحدة الإرشاد الزراعي ورئيس فرع نقابة المهندسين الزراعيين في اربد المهندس ماجد عبندة: "هناك تناقص كبير في أعداد الدجاج البلدي في السنوات الماضية".
ويدعو المواطنون إلى تربية الدواجن المنزلية، خصوصا في ظل الارتفاع الكبير في أسعار البيض والدجاج اللاحم، لكنه يشدد في الوقت نفسه على ضرورة القيام بحملات إرشادية لتوعية المواطنين بالإجراءات السليمة لتربية الدجاج في المنازل.
ويشير إلى انه كان في السابق هناك إقبال لدى الأردنيين على اقتناء الدجاج البلدي الذي تعتمد عليها بعض الأسر الريفية، كمصدر دخل إضافي من خلال المتاجرة بالبيض، وبيعه بأسعار جيدة مقارنة ببيض المزارع.
ويوضح أن الدجاج البلدي بشكل واسع يعتمد عليها من قبل الأهالي لتامين مصدر جيد للبروتين الحيواني، مشيرا أن الإحصاءات كشفت عن وجود مليون دجاجة بلدية، في المملكة، وأكثر من 24 مليون دجاجة مزارع عالي الإنتاجية.
ويعتمد الدجاج البلدي في علفه على الخبز المرطب بالماء، وبقايا الطعام ومخلفات المطبخ وأحيانا بعض الحبوب من شعير وقمح مقدمه من قبل المربي، كما يعتمد في تأمين علفه في البحث والتفتيش الدائم بين الأعشاب والتراب حيث يلتقط بعض الحبوب والبذور، وفق عبندة.
وتقدر نسبة الدجاج البلدي حوالي 30% من مجموع التعداد الكلي للدجاج المنتج لبيض المائدة، كما يشكل إنتاجه من البيض حوالي 14% من الإنتاج الكلي لبيض المائدة.
وسبق وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لمقاطعة بيض المائدة الذي ارتفع سعر الطبق الواحد 2000 غم منه مؤخراً إلى ما يلامس الأربعة دنانير في الأسواق المحلية والاستعانة بالرجوع بتربية الدجاج البلدي على أسطح المنازل.
يشار الى أنّ استهلاك المملكة من بيض المائدة يبلغ 80 مليون بيضة شهريا، وينخفض معدل الطلب خلال شهر رمضان بنحو 50 في المئة، كما يبلغ معدل الإنتاج ما يقرب 75 مليون بيضة شهريا، كما يبلغ مجموع إنتاج الدواجن 15 ألف طن شهريا ما يعادل 180 طن سنويا، ويبلغ معدل استهلاك الفرد 30 كيلو دجاج في السنة، ويستهلك ما مجموعه 140 طن سنويا.
إستمع الآن