"أطفال الشوارع" قنابل موقوتة فمن المسؤول؟

وليد شنيكات

"أهرب من المدرسة وأحصل على عمل" .. تسرب طلبة المدارس الحكومية بازدياد!
لا يكاد يمر يوم من دون أن تصدف جمعا غفيرا من طلاب المدارس الحكومية وهم يلتفون حول بعضهم على جوانب الطرق، أو تجد بعضهم منهمكا باصلاح سيارة معطوبة أمام أحد الكراجات، أو حتى انهم قد يباغتونك بالسؤال _ متسولين _ وأنت تنتظر على الإشارة الضوئية، واذا نهرت أحدهم لا تستغرب تعرضك لشتيمة قاسية أو دمار يلحق بسيارتك.
فقد بدا مشهد طلاب مدارس حكومية وهم يهيمون على وجوههم في الشوارع كل صباح أمرا مألوفا للمارة، ففي المنطقة الصناعية في مدينة صويلح، تجد بعضهم وايضا في المدينة الصناعية في وادي السير، وعلى الميادين المرورية الى جانب العمالة الوافدة، هم أشبه بالجراد المنتشر : متسولين أو مخربين للمرافق العامة مثل الحدائق أو سرقة السيارات.
يقول أشرف وهو طالب في الصف السابع بإحدى مدارس مدينة صويلح إنه أرغم غصبا عنه على الهرب من مدرسته للعمل في أحد كراجات تصليح السيارات، " بعد وفاة والدتي أجبرني والدي على الذهاب الى كراجات السيارات للعمل فيها، مؤكدا أنه لا يريد ذلك فالدراسة كما يقول لمضمون جديد هي حياته".
ويتابع اشرف الذي يعمل في محل "تجليس سيارات"، "كل صباح انطلق من بيتنا مشيا على الأقدام لعملي الذي لا اطيقه، بسبب حبي للتعليم وهربا من الشتائم التي "أتصبح" بها من قبل صاحب المحل، اما لجهلي بالمهنة أو تأخري عن العمل، مشيرا إلى أن عملي شاق ولا أقوى عليه، فأنا ما زلت طفلا ولي رغبة في أن أعيش طفولتي كباقي أقراني".
ويقول الطفل ذو البشرة الحنطية وهو يغالب دموعه هناك اصدقاء كثيرون يعملون في كراجات للسيارات، وهم مكرهون ايضا مثلي على العمل، فالمدارس والتعليم حلم عند أغلبهم غير أن الأوضاع المادية وقسوة الأهل في مرات عديدة، هي ما يدفعهم الى مجابهة المخاطر للعمل في مثل هذه المهن، مبينا أن المردود المالي قليل مقارنة مع التنازلات التي نقدمها يوميا مثل توبيخ صاحب المحل وأشياء اخرى.
بينما يرفض الطالب هشام 12 سنة الذهاب الى المدرسة بسبب فشله في الدراسة كما يقول والده عدنان القيسي لمضمون جديد "منذ أن دخل الصف السادس وهو يتهرب من الدراسة حتى في البيت يواجه اشقاؤه صعوبة في تدريسه، وفي مرات عديدة أجده يقف مع أصدقاء له أمام المحال القريبة من مدرسته، لذا قررت أن أراجع المدرسة وأن الحقه بإحدى المهن".
في كراج شريف ابو فتحي في منطقة بيادر وادي السير يعمل الطالبين أيهم 9 سنوات وراشد 11 سنة، كما يقول صاحب الكراج نفسه "في البداية كان الطفلان يعملان لدي بعد ان ينهيا دوامهما في المدرسة لكن مع مرور الأيام تركا مدرستهما وتفرغا للعمل في المحل وذلك بعلم أهليهما.
بدوره يقسِّم استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د.مجد الدين خمش ظاهرة التسرب من المدارس الى ثلاث فئات الأولى وهي التي لديها القدرة على العمل وهذه الفئة لها مستقبل مشرق ويجب تشجيعها، والثانية تكون مصدر خطر وقلق عند الجميع بسبب الأعمال التي تلجأ اليها في سبيل تنفيذ أهدافها وفي الغالب تلجأ لطرق مخالفة للقانون مثل التخريب والإيذاء، بينما نجد أن الفئة الثالثة بالنسبة للذكور "مغلوب على أمرها" فهي خامة مبدعة وجاهزة للتعلم لكن تحت ضغط الأهل أو اهمال المدرسة نجدها تتسرب للخلاص مما هي فيه وهنا تكون العواقب غير جيدة.
وتتركز الفئات المتسربة في الغالب _ كما يقول د. خمش _ في المناطق الفقيرة مثل شرق عمان الشعبية وهي قليلة الدخل وعدد الاطفال لديها كبير والمسكن ضيق والمتابعة الأسرية صعبة، ويترافق مع ذلك عجز رب الأسرة عن تأمين المصروف اللازم للطالب لذا تبدأ تظهر معايير اجتماعية يضطر معها الأهل الى اجبار أبنائهم على البحث عن العمل وايهامهم بأنهم كبروا وأصبحوا قادرين على العمل.
بيد ان الخبير الاجتماعي يرى في تسرب الطلبة من المدارس وجها "ايجابيا" من خلال الذهاب الى سوق العمل ومساعدة الأهل وقد يصبح هذا المتسرب بعد عشرين عاما صاحب محل أو رجل أعمال، مبينا لمضمون جديد أن هذه الفئة حتى لو استمرت في الدراسة فانها ستفشل لأنها غير قادرة على التعلم أو غير مقتنعة به.
والحل من وجهة نظر د. خمش في رفع مستوى دخل الاسرة وتفعيل دور المرشدين في المدارس بحيث يكون هناك اهتمام اكبر وتكون بيئة المدرسة محفزة لهم.
هذا التقرير أعدّ لصالح مضمون جديد

أضف تعليقك