"شرطي بيفرلي هيلز" الكثير من الحنين للماضي والقليل من التجديد

الرابط المختصر

مر 40 عاما بالضبط على عرض الجزء الأول من سلسلة أفلام "شرطي بيفرلي هيلز" (Beverly Hills Cop) عندما كان إيدي ميرفي في الـ23 من عمره فقط، وهو شاب أسمر ذو حيوية فائقة وحس كوميدي يعادل مهارته في تقديم مشاهد الأكشن، فقدم تجربة ساحرة بالنسبة لمشاهدي هذا العصر، دفعه نجاحها لتكرارها مرتين، في عامي 1987 و1994 على الترتيب.

غاب أكسل فولي بطل "شرطي بيفرلي هيلز" عن الأنظار منذ 30 عاما، بعد الانتقادات التي تم توجيهها للجزء الثالث، سواء من النقاد أو من إيدي ميرفي نفسه الذي اعتبره أضعف أفلام السلسلة، ولكن ها هو ذا يعود الآن بالجزء الرابع وفيلم "شرطي بيفرلي هيلز: أكسيل فولي" (Beverly Hills Cop: Axel F) على نتفليكس، واحتل قائمة الأعلى مشاهدة حول العالم على المنصة لمدة أسبوعين، وقد أخرجه مارك مولوي.

جزء جديد بلا تجديد

مثل الكثير من الأجزاء الجديدة في السلاسل الشديدة النجاح حافظ فيلم "أكسل فولي" على البناء ذاته، فيبدأ بالشرطي المتمرد أكسل (إيدي ميرفي) يقوم بمهمة سرية في مدينته ديترويت تنتهي بكارثة كالمعتاد، قبل أن يأتيه نداء من بيفرلي هيلز بلوس أنغلوس يستدعيه ويجبره على القيام بمهمة شبه مستحيلة في المدينة المشرقة التي تشتهر بثراء سكانها -وتبعا للفيلم- بضعف نظام الشرطة بها، فلا يستطيعون حل القضايا المستحيلة دون مساعدة بطلنا فولي.

في الأجزاء الثلاثة الأولى تمثل النداء في صديق يتم إطلاق النار عليه أو قتله ينتقم له فولي بمساعدة اثنين من شرطة بيفرلي هيلز، هما بيلي روزوود (جدج راينولد) وجون تاجارت (جون أشتون)، لا يختلف الوضع كثيرا في الجزء الرابع، فأكسل يغادر ديترويت بعدما تكاد ابنته جاين (تايلور بيج) أن تُقتل على يد عصابة تقاطعت طرقها معهم خلال عملها كمحامية، ويكون على كل من جاين ووالدها وأصدقائه القدامى وصديقها بوبي (جوزيف جوردن) ليفيت الكشف عن المؤامرة الشريرة.

حاول فيلم "أكسل فولي" صنع توازن بين الحنين للماضي والتجديد المناسب لسينما القرن الـ21 التي لا يُرضي مشاهديها مجرد ضابط شرطة يطلق الرصاص على الأشرار، غير أنه في النهاية لم يقدم أي شيء مختلف عن الأفلام الثلاثة الأولى، واعتمد بشكل أساسي على كاريزما بطله وحيويته الشديدة على الشاشة حتى في عمر الـ60، وأعاد نفس أخطاء الأجزاء القديمة.

بالعودة للأجزاء الثلاثة الأولى نجدها أفلاما شديدة التقليدية حتى بالنسبة لعصرها، بحبكة واحدة يعاد تقديمها من جزء لآخر، وصراع بسيط بين الخير والشر، وبالماضي كان ذلك بناء مقبولا يصلح لأفلام شديدة النجاح، غير أنه الآن لا يصلح سوى لأفلام تجارية لا تُعرض إلا على المنصات الإلكترونية أو عرض سريع غير ناجح للغاية في صالات السينما.

فيلم "أكسل فولي" اعتمد بشكل أساسي على حنين المشاهدين في منتصف العمر لفيلم شاهدوه خلال طفولتهم، فأعطاهم نسخة من الأعمال القديمة ترضيهم، ولم يأخذ خطوات جدية لتقديم عمل يمثل إضافة أو تحسينا لهذه السلسلة.

فيلم لا ينافس السلاسل السينمائية الناجحة

انضمام الابنة جاين وحبيبها كان عاملا ضروريا لهذا الفيلم وإلا ضمن فشله قبل عرضه، فالبطل وزملاؤه لم يعودوا شبابا في العشرينيات والثلاثينيات، بل رجالا جاوزوا الـ60، بعضهم على وشك التقاعد، لا يتمتعون باللياقة أو حتى بالفهم الكامل للعالم الذي تغير من حولهم.

وهو الدرس الذي تعلمه صناع الفيلم من سلاسل أخرى أعيد إحياؤها في السنوات الأخيرة مثل سلسلة أفلام "روكي" (Rocky) وإطلاقها من جديد تحت اسم "كريد" (Creed) و"توب غن" (Top Gunn)، حيث ضمت هذه الأفلام طاقما تمثيليا متجانسا بين النجوم المخضرمين من السلسلة القديمة، والشباب القادرين على إضافة الديناميكية والاستمرارية للحبكات.

بالإضافة إلى نقطة تشابه أخرى تتمثل في العلاقة المعقدة التي تجمع بين البطل القديم والشخصيات الجديدة، فأدونيس كريد هو ابن الصديق الراحل لروكي بالبوا، والذي يرغب في احتراف الملاكمة التي قتلت والده قبل ولادته، الأمر الذي يرفضه روكي في البداية حتى تنشأ بينهما علاقة أبوة بديلة، الأمر نفسه يتكرر مع "توب غن" الذي يتمحور الصراع الأساسي فيه حول علاقة مافريك بروستر ابن صديقه الراحل الذي يحمله ذنب وفاة والده.

مر أربعون عاماً بالضبط على عرض الجزء الأول من سلسلة أفلام "شرطي بيفرلي هيلز" (Beverly Hills Cop) عندما كان إيدي ميرفي في الثالثة والعشرين من عمره فقط، شاب أسمر ذو حيوية فائقة وحس كوميدي يعادل مهارته في تقديم مشاهد الأكشن، فقدم تجربة ساحرة بالنسبة لمشاهدي هذا العصر، دفعه نجاحها لتكرارها مرتين، في عامي 1987 و1994 على الترتيب. غاب أكسل فولي بطل "شرطي بيفرلي هيلز" عن الأنظار منذ ثلاثين عاماً، بعد الانتقادات التي تم توجيهها للجزء الثالث، سواء من النقاد أو من إيدي ميرفي نفسه الذي اعتبره أضعف أفلام السلسلة، ولكن ها هو يعود الآن بالجزء الرابع وفيلم "شرطي بيفرلي هيلز: أكسيل فولي" (Beverly Hills Cop: Axel F) على نتفلكس، واحتل قائمة الأعلى مشاهدة حول العالم على المنصة لمدة أسبوعين، وقد أخرجه مارك مولوي.

لم يقدم "أكسل فولي" إلا مساحة محدودة للغاية لشخصياته الجديدة (الجزيرة)

ولكن إلى هنا ينتهي التشابه  فعلى عكس "كريد" و"توب غن" لم يقدم "أكسل فولي" إلا مساحة محدودة للغاية لشخصياته الجديدة، فالابنة جاين بالفعل تحمل غضبا شديدا تجاه والدها الذي تركها في لوس أنجلوس مع والدتها واهتم بعمله في مدينة أخرى، ولكن لم تتطور هذه العلاقة على مدار أحداث الفيلم، وظل الحوار بينهما لا يتجاوز تبادل الاتهامات نفسها مرارا وتكرارا، حتى قررت في النهاية دون أي سبب منطقي مسامحة الأب.

ظهرت عدة شخصيات ثانوية من الأجزاء السابقة في "أكسل فولي" مثلما حدث في "توب غن" و"كريد"، إنما مرة أخرى فشل الفيلم في توظيف هؤلاء الممثلين بشكل يستدعي الشعور بالحنين للماضي لدى المشاهد، فبمقارنته مع "توب غن" نجد أن مشهدا وحيدا لاقى فيه البطل مافريك صديقه القديم أضفى قيمة عاطفية على الحبكة، كجزء من ماضي البطل يتم إحياؤه ويشعره في الوقت ذاته بمرور الزمن عليه بشكل حوله ليصبح شخصا ناضجا يتحمل مسؤولية أجيال جديدة.

أعلن إيدي ميرفي عن أن الجزء الخامس من سلسلة "شرطي بيفرلي هيلز" قيد التنفيذ الآن، وهو أمر مفهوم في عصر سادت فيه السلاسل السينمائية، خصوصا مع وجود منصة داعمة مثل نتفليكس، ولكن لا يجب على المشاهدين رفع توقعاتهم للأجزاء القادمة التي من المتوقع أن تنافس الجزء الثالث أضعف أفلام السلسلة.