تقارير دولية وأخرى محلية ، تحذر من استمرار الأردن لذات النهج فيما يتعلق بالتضيق على حرية العمل النقابي وتنظيمه، الأمر الذي قد يساهم بحالة الاحتقان الشعبي في ظل تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية،
وفق تصنيف الإيكونومست للديمقراطية مؤخرا، تراجع ترتيب الأردن في مختلف المؤشرات المتعلقة بالحياة السياسية والحريات، حيث تم تصنيفه كدولة غير حرة "سلطوية".
وسبق أن حذر المسؤول الإقليمي بمنظمة العمل الدولية للأنشطة العمالية في المنطقة العربية بقوله إن هناك ملفا كبيرا من الشكاوى وصل للمنظمة ضد الحكومة الأردنية، يتعلق بحرية العمل النقابي وتنظيمه ، حيث كان آخرها ما تلقته من شكوى موثقة من رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة.
وفي تفاصيل الشكوى، تقدم رئيس الاتحاد لمنظمة العمل الدولية في عام 2018 ، تفيد بأن قانون العمل يقيد حق العمال في التنظيم النقابي، والقيام بالمفاوضات الجماعية بحرية، بالاضافة الى ارتكاب الحكومة إلى أفعال تمييزية ضد النقابات المستقلة، كالتدخل في عملها وحل النقابات، وفرض القيود على الحق في التنظيم النقابي لدى بعض الفئات من العمال، كالعمال المهاجرين.
ومن البنود التي تضمنتها الشكوى، بأنه رغم تعديل قانون العمل في 2008 لتوسيع بعض الحقوق لتشمل العاملين في المنازل والزراعة، إلا أن بعض العمال غير مشمولين فيه، حيث خصصت تشريعات منفصلة لهم.
فيما كانت أبرز ردود الحكومة على الشكوى بقولها إن المادتين 16 و 23 من الدستور تكرسان حرية تكوين النقابات والجمعيات، وأن أحكام قانون العمل تنطبق على العمل دون تمييز، بغض النظر عن الجنس أو الجنسية او العرق او اللون او الدين.
وفيما يتعلق بحقوق العمال المهاجرين، تشير الحكومة إلى أنه لا يوجد في قانون العمل ما يمنعهم من التصويت في نقاباتهم، ويسمح القانون للجميع بتأسيس عمل نقابي وذلك بوضع نظامها الأساسي الذي يحددها، والسير بإجراءات العمل وإجراء الانتخابات وعملية التصويت، ولا تقوم وزارة العمل بالتدخل.
رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة سليمان الجمعاني مقدم الشكوى يتحدث لبرنامج " عمال البلد "، بقوله ان الهدف من الشكوى ياتي بعد مواصلة الحكومة رفضها لتأسيس نقابات عمالية مستقلة، وتضييق عليها.
حيث تراجع عمل النقابات خلال الأعوام السابقة بشكل كبير، ليصل الى 17 نقابة عمالية مصرح لها، بعد أن كان عددها ما يقارب 56 نقابة عمالية، بحسب الجمعاني.
ويشير إلى أن الحكومة في ردها على الشكوى المقدمة كانت تتحدث عن تبريرات دون التوصل الى حلول، معتبرا أن قانون العمل يحد من العمل النقابي، خاصة بعد إعطاء الصلاحيات لوزير العمل بحل النقابات وفق المادة 116 من القانون .
ويوضح أن منظمة العمل الدولية لديها قناعة بمخالفة الأردن للعديد من الاتفاقيات والحد من العمل النقابي، ولكنها لا تلزم الاردن باخذ اي اجراء، ولكن من المتوقع أن تضع الأردن على القائمة السوداء لمخالفتها للقوانين الدولية المنبثقة عن المنظمة فيما يتعلق بالقضايا العمالية.
وطالبت اللجنة المتخصصة بالنظر في الشكاوى المقدمة للمنظمة العمل الدولية، من الحكومة تعديل المادة 98 من قانون العمل، والتشاور مع ممثلي اصحاب العمل والعمال ، وذلك لإزالة القيود المفروضة على تنظيم حقوق العمال المهاجرين واطلاعها على كافة الإجراءات المتخذة في هذا الصدد.
فيما يتعلق بحظر المناصب على العمال المهاجرين ، أوضحت اللجنة عدم وجود أي ملاحظات للحكومة في هذا الصدد، ويشير إلى أن التشريع يوضح بأنه يجب أن تكون مرنة للسماح للمنظمات بانتخاب قادتها بحرية ودون عوائق ، والسماح للعمال الأجانب بالوصول إلى المناصب النقابية ، على الأقل بعد فترة إقامة معقولة في البلد المضيف .
وطلبت اللجنة من الحكومة اتخاذ التدابير اللازمة ، بالتشاور مع ممثلي اصحاب العمل والعمال ، لضمان تمتع العمال الأجانب بحقوقهم في حرية تكوين الجمعيات ، بما في ذلك الحق في أن يُنتخب لمنصب نقابي.
المختصة بقضايا الحقوق العمالية المحامية هالة عاهد تشير إلى أن منظمة العمل الدولية لها دور رئيسي بالدفاع عن القضايا العمالية بصفتها المعنية بتطبيق معايير العمل الدولية، واتفاقيات حقوق العمل الخاصة، التي يتم إقرارها ضمن مؤتمرها السنوي.
وتوضح عاهد أن ما ينظم قضايا العمال هي الاتفاقيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ، اتفاقيات حقوق الإنسان العامة أما الاتفاقيات التفصيلية الخاصة بكافة القضايا العمالية المسؤولة عنها هي منظمة العمل الدولية، حيث تعمل على متابعة الدول لضمان التزامها بتطبيق الاتفاقيات الصادرة عنها.
" الأردن لم يصادق حتى الآن على الاتفاقية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية ، وهذا يشكل انتهاكا كبيرا لحرية العمل النقابي، نظرا لردود الحكومة على الشكاوى تتمثل بأنها غير ملتزمة بهذه الاتفاقية كونها غير مصادقة عليها بحسب عاهد
وتشير إلى أن عدم التزام الأردن بهذه الاتفاقية، قد يضعه على القائمة السوداء، وعدم تشجيع عمل أي استثمارات فيه كما حدث مع دول اخرى، وينعكس سلبا على المساعدات المالية المقدمة لها.
وتشدد عاهد على ضرورة أن تعمل الأردن على الاستجابة لمختلف الاتفاقيات المعنية بالحقوق العمالية، لما يساهم بالحد من الاضطرابات العمالية والاضطرار للخروج الى الشارع للمطالبة بحقهم .
وتطالب "بضرورة إعادة النظر بقانون العمل بحيث يتوافق مع الاتفاقيات الدولية والدستور ، أما الخروج بقانون مستقل ينظم العمل النقابي، بحيث يصب بمصلحة القطاع العام والخاص .
ومن الاختلالات التي انتقدتها المنظمات الدولية وخاصة منظمة العمل الدولية نظرا لما تمثله من تراجع عن التزامات الأردن، في هذا الصدد بحكم عضويته في هذه المنظمة، التعديلات الاخيرة في قانون العمل والتي أجازت للحكومة أن تتدخل في إعداد الأنظمة الداخلية للنقابات وأن تحل هيئاتها الإدارية وتعيين هيئات مؤقتة بدلاً منها، وأن تصنف الأعمال والصناعات لغايات تأسيس النقابات ونقابات أصحاب العمل دون التشاور مع ممثلي أصحاب العمل والعمال.