مسيرة نقابة المعلمين من إحيائها إلى وقف عملها (استمع)



مر المعلمون بالعديد من التحديات منذ العقود الماضية، سعيا الى تأسيس نقابة لهم تهدف الى الحفاظ على حقوقهم، إلا أنها كانت تواجه في كل مرة، صداما مع الحكومة يؤدي إلى إيقاف عملها وحظر أنشطتها، لعدم التوافق ما بينهما في القضايا المطلبية للمعلمين، فيما ترفض الحكومة الاستقواء على الدولة، على حد وصفها.

 

فبعد مرور ما يقارب الـ 60 عاما على تأسيس أول نقابة للمعلمين، تم حلها آنذاك أسوة بحل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية نظرا لفرض الاحكام العرفية في البلاد، إلا أن هذا الأمر لم يدم طويلا وتم التراجع عن هذا القرار وبدأت النقابات بإعادة تأسيسها باستثناء نقابة المعلمين.

 

تكرر المشهد بإيقاف هيئات النقابة وفروعها وإداراتها لمدة عامين، بقرار من نائب عام مدعي عمان السبت الماضي، وتوقيف  13 من أعضاء مجلسها على ذمة التحقيق بعدة قضايا مرفوعة ضدهم.

 

توقيف المعلمين لم يكن المرة الأولى، ففي عام 1975 طالبوا آنذاك مرارا لاستعادة حقهم في نقابة أسوة بباقي النقابات المهنية، إلا أن طلبهم قوبل بالرفض، وسجن عدد منهم.

 

وفي أوائل التسعينات من القرن الماضي، انطلق حراك واسع للمطالبة بنقابة إلا أن الحكومة استخدمت المادة 120 من الدستور والتي تنص على عدم أحقية الموظف الحكومي بتشكيل نقابات لإحباط هذه المحاولة.

 

ولم يهدأ المعلمون عن إحياء نقابتهم من جديد، حتى بادرت مجموعة من المعلمين عام 2010 لعقد اجتماعات للتباحث حول هذا الأمر، ليتفاجأوا بإغلاق الحكومة لنادي المعلمين ومنعهم من دخوله لوقف جهودهم بإحياء النقابة، الأمر الذي ترسخ بحراك المعلمين المؤسسي على مساحة المملكة نهاية شهر أيار عام 2010، معلنين عن مطالبهم مع إعطاء مهلة للحكومة لتحقيقها، ملوحين بالإضراب الشامل.

 

وبسبب صمت الحكومة وعدم التعاطي مع مطالب المعلمين بدأ الإضراب الشامل الذي التزمت به الغالبية العظمى من المعلمين في المدارس، حتى تراجعوا عن هذا الإضراب كي لا يتعارض مع مصالح الطلبة والمجتمع، ليتم تأجيله مع بداية العام الدراسي الجديد.

 

 

وفي عام 2011 تحقق حلم المعلمين بإعادة إحياء النقابة من جديد، بعد إجازة المجلس الأعلى للتفسير الدستور، بإصدار قانون لإقامة نقابة المعلمين، مستنداً إلى المادة 16 من الدستور.

 

وتجددت الأزمة من جديد ما بين النقابة والحكومة في أيلول الماضي، عقب استخدام قوات الأمن القوة لفض وقفة احتجاجية نظمها معلمون في العاصمة عمان، للمطالبة بعلاوة مالية، حيث تم توقيف عشرات المعلمين المحتجين، وسرعان ما تصاعدت الأزمة، ليقرر المعلمون الدخول في إضراب مفتوح عن العمل، استمر شهرا كاملا، وهو الأطول في تاريخ المملكة.

 

ولفك الإضراب، اشترط المعلمون أن تعتذر الحكومة عما تعرض له زملاؤهم من "انتهاكات" خلال الوقفة الاحتجاجية، وتنفذ اتفاق بصرف علاوة الـ50 % من الراتب الأساسي، وفق اتفاقهم مع الحكومة عام 2014.

 

وتوصلت النقابة مع الحكومة إلى اتفاق من 15 بندا من بينها زيادة الرواتب، إلا أنه، وبسبب جائحة كورونا، أعلنت الحكومة وقف العمل بالزيادة المالية المقررة لموظفي الجهازين الحكومي والعسكري لعام 2020، بما يشمل المعلمين، اعتبارا شهر أيار الماضي، وحتى نهاية العام الحالي.

 

بحسب تصريحات وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي الاخيرة حول هذه الاتفاقية، يقول إن نقابة المعلمين انكرت في بياناتها الحقائق وما تم إنجازه منها، مؤكدا أن مجلس النقابة الموقوفة أعمالها لم يقدم للوزارة أي مقترحات بناءة، فيما كان الحوار سبيلا في التعامل مع النقابة.

 

رئيسة لجنة التعليم الخاص في نقابة المعلمين عبير الأخرس، تؤكد بأن بعض بنود الاتفاقية لا تحتاج إلى زيادات مالية وانما الى قرار فقط، كازدواجية التأمين الصحي، واحتساب خبرات المعلمين ممن يعملون في الدول الخارجية، بالإضافة الى تعديل نصاب المعلم، وإشراكهم بتعديل المناهج.

 

وتوضح الاخرس ان عمل النقابة جاء وفق القانون الذي يضمن حماية حقوق كل معلم يعمل بهذه المهنة، لما يسهل عليهم أكاديميا ومهنيا واجتماعيا واقتصاديا.

 

وتوضح الاخرس بأن اللجنة قامت بمعالجة العديد من الملفات والقضايا المتعلقة بالمعلمين في القطاع الخاص، كعدم حصول البعض على مستحقاتهم المالية وإنهاء خدماتهم تعسفيا، وحصولهم على اجور اقل من الحد الأدنى للأجور وعدم شمول البعض تحت مظلة الضمان الاجتماعي.

 

كما أظهرت أزمة كورونا العديد من الانتهاكات التي تعرض لها المعلمين في القطاع الخاص،وجاءت أوامر الدفاع ضدهم بسبب تخفيض نسب رواتبهم بما يقل عن 50% باعتبار أن قطاع التعليم الخاص من أكثر القطاعات تضررا بحسب الأخرس، التي اكدت بان النقابة كانت بمساعدتهم من خلال متابعة قضاياهم.

 

العمل النقابي حق كفله الدستور

 

ينص الدستور المادة  2/ 16 على الحق في التنظيم النقابي الحر للعمال، ولهم الحق بتأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية، على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكامه.

 

رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة الأردني عزام الصمادي يؤكد أن العمال لهم الحق المطلق بتشكيل النقابات والأحزاب والجمعيات، وفق ما كفله الدستور ضمن شروط قانونية.

 

ويدعو الصمادي الى ضرورة التزام الحكومة  بنصوص الدستور من خلال اصدار قانون ينظم العمل النقابي، ما يسهم بتشكيل مظلة لكافة القوى العاملة تستطيع حماية الحقوق العمالية.

 

رغم وجود محاولات لتأسيس نقابات للقطاع الحكومي، استنادا الى قرار المحكمة الدستورية رقم 6، إلا أن هناك مخاوف من تشكيل النقابة لعدم إصدار الحكومة لقانون ينظم العمل الرقابي لهذا القطاع بحسب الصمادي.

 

وينتقد الصمادي التعديلات الاخيرة على قانون العمل والتي منحت صلاحيات للحكومة بتحديد وحصر المهن التي يسمح لها إنشاء نقابات بـ 17 مهنة، ما ساهمت بتحجيم الحركة النقابية والحد من توسعها والتضييق على فرص الالتحاق بها بالإضافة الى  حرمان عديد من القطاعات من تشكيل نقابات خاصة بهم كالعاملين في القطاع الزراعي والقطاع الحكومي.

 

هذا وتنص المادة 98 من قانون العمل على ان تؤسس النقابة من عدد المؤسسين لا يقل عن خمسين شخصا من العاملين في المهنة الواحدة أو المهن المتماثلة أو المرتبطة ببعضها في إنتاج واحد، ويحق لأصحاب العمل في أي مهنة لا يقل عددهم عن خمسة وعشرين شخصا تأسيس نقابة لهم لرعاية مصالحهم المهنية المتعلقة بأحكام هذا القانون.

 

 

أضف تعليقك