*هذه القصة من ملفات مركز تمكين للمساعدة القانونية
باشرت روز عملها في 2006 لدى صاحب العمل بموجب عقد بأجر شهري مقداره مئتا دولار أمريكي ولمدة سنتين، استمرت روز بالعمل لمدة 9 سنوات من دون أجور باستثناء 1,100 دولار ، وسط ظروفِ عملٍ صعبةٍ تمثلت بعملها لحوالي 16 ساعة يوميا، نومها في الشرفة، وعدم السماح لها بالخروج من المنزل، باستثناء ذهابها للبقالة القريبة، إضافةً لحرمانها من الإجازات، وعدم استصدار تصريحِ عملٍ أو إذن إقامةِ لها، وحجز جواز سفرها، إضافة إلى تعنيفها من قبل صاحب العمل.
وفي العام 2013، علمت خالة روز المقيمة في الأردن عن وجودها في نفس البلد عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، وعند التواصل معها هاتفيا، أخبرتها روز بظروف عملها الصعبة وأنها تنام في الشرفة وشرحت لها ما تعيشه، ونصحتها بتقديم شكوى للشرطة إلا أنها لم تتقدم بذلك وقتها.
في 25/1/2015 تركت روز المنزل الذي كانت تعمل به مع شعورها بالخوف والقلق، إذ لم تجد مكانًا تذهب إليه غير منزل صديقتها، ولخشيتها من الذهاب إلى الشرطة بسبب وضعها غير النظامي وحتى لا يقوموا بحجزها نتيجة عدم استصدار إقامةٍ لها من قِبل صاحب العمل.
وبتاريخ 25/2/2015 عادت المشتكية واتصلت بخالتها فنصحتها مرةً أُخرى بتقديم شكوى، والتقيتا في مركز أمن الرمثا، وتقدمت المشتكية بشكوى ومن ثم توجهتا إلى السفارة الفلبينية في عمان وتقدمت المشتكية بشكوى لديها كذلك وعُرضت على الطبيب، إذ كانت تعاني من آلام في الرأس نتيجة ضربه بأحد أبواب منزل صاحب العمل، وسمحت لها السفارة بالإقامة في منزل خالتها بإربد.
ومكثت لديها مدة سنةٍ وشهر تقريبًا إلى أن أرسلتها خالتها عام 2016 للعمل لدى إحدى صديقاتها في عمان، إذ عملت بنظام المياومة مدة شهرين، والتي قامت بدورها بإرسالها إلى أحد مراكز الدعم والمساندة القانونيّة لمساعدة عاملات المنازل.
وحدة مكافحة الاتجار بالبشر
قام مركز الدعم بإخبار وحدة مكافحة الاتجار بالبشر عن العاملة وتم استدعاء صاحب العمل الا أنه لم يحضر كونه مطلوب أمنيًا، وجرى الوقوف على إفادة العاملة التي روت المعلومات السابقة وأحيلت إلى دار كرامة لإيواء ضحايا الاتجار بالبشر والذي يسمح نظامه ببقاء الضحايا فيه لمدة شهرين فقط.
مكثت روز في دار الإيواء مدة ثلاثة أشهر بعد حصولها على تمديد لمدة شهر واحد فقط، حيث أجبرت بعدها على العودة إلى بلدها ابعاد، لغايات إعفائها من غرامات تجاوز الإقامة التي لم يصدرها صاحب العمل.
وقد قامت وحدة مكافحة الاتجار بالبشر بإخبار مديريّة شرطة لواء الرمثا، عن وجود شبهة الاتجار بالبشر وبعد البحث و التحري و التحقيق تبين أنَّ المتهم يرفض إعطائها جواز سفرها ومستحقاتها المالية.
المدعي العام
بتاريخ 24\7\2017 قرر المدعي العام اعتبار صاحب العمل مشتكى عليه بجرم الإتجار بالبشر وجلبه لسؤاله عما أسند إليه. إلا أن المدعي العام قرر إغلاق التحقيق بتاريخ 10/10/2018 كون صاحب العمل مطلوبا لعدة قضايا وهو فار من وجه العدالة.
إجراءات المحاكمة
وفي المحاكمة الجاريّة علنًا بحضور المتهم ووكيله بعد ان تم القاء القبض عليه، قررت المحكمة ولكون المتهم فارًا من وجه العدالة وصدور مذكرة القاء قبض من النائب العام، جرى عرض المتهم على مدعي عام الرمثا لاستجوابه عن الجرم المسند إليه، حيث ذكر للمدعي العام بأن الوقائع واضحة ولا يرغب بإضافة شيء إليها.
وسُئل المتهم عن الجرم المسند إليه فأجاب بأنه "غير مذنب"، وطلب المدعي العام دعوة شهود النيابة العامة وتلاوة شهادة العاملة التحقيقية واعتبارها دليلاً له وذلك بسبب ابعاد العاملة وعدم تمكنها من حضور الجلسة، والتمس المدعي العام إبراز ملف القضية التحقيقية بكافة محتوياته وبها ختم البينة، وترافع محامي العاملة طالبًا لتجريم المتهم حسب أحكام القانون، ثم أعلن ختام المحاكمة.
بتفصيل قرار المحكمة
صدر القرار بإعلان عدم مسؤولية المتهم عن جرم الاتجار بالبشر، ونتج عنه قرار المحكمة التالي:
"بالتطبيق القانوني على الوقائع وحيث ثبت للمحكمة أن المتهم قام باستقدام خادمة للعمل لديه خادمة في منزله عن طريق أحد مكاتب استقدام العاملين كان ذلك في عام 2006 واستمرت بعملها حتى عام 2015، وأنه كان يرغمها على العمل ساعات طوال ويمتنع عن دفع أجرها (العمل بالسخرة) ويلزمها بالعمل لدى منازل أبنائه وحجز جواز سفرها، إلا انه وعلى الرغم من كل ذلك فإن محل الجريمة غير متوافر لعلة اشتراط أن يكون المحل (عدة أشخاص) وليس (شخصًا واحدًا) ، بالتالي فإن فعل المتهم لا يشكل جرمًا، مما يتعين إعلان عدم مسؤوليته ..."
الاستئناف
تقدم مساعد النائب العام بطلب الاستئناف وذلك لأسباب ملخصها بأن المحكمة قد أخطأت بإعلان عدم مسؤولية المتهم، وطلب بمطالعته الخطية قبول الاستئناف شكلًا وموضوعًا.
وبالتالي أصدرت المحكمة قرارها ودون البحث في أسباب الاستئناف بأن الجرم المسند قد وقع قبل تاريخ 12/12/2018 فيكون وعلى فرض الثبوت مشمولًا بقانون العفو العام رقم (5) لسنة 2019.
وتم تمييز القرار السابق من قبل مساعد النائب العام، وأيدت محكمة التمييز القرار باعتبار أن الجريمة مشمولة بقانون العفو العام الصادر في العام 2019 علماً بأنه لا يشمل العفو عن جرائم الاتجار بالبشر.
تعليقا على مجريات القضية
قررت محكمة الدرجة الأولى عدم مسؤولية صاحب العمل عن ارتكابه الجرم المُسند إليه، لكون المجني عليها شخصًا واحدًا، رغم أن الشك في تفسير النصوص الجزائية يفسر لصالح المتهم وأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فالقضاء الأردني أخذ في العديد من القرارات بخصوص جريمة الإتجار بالبشر بأن لفظ أشخاص أو المجني عليهم هو لفظ عام يشمل الشخص الواحد والأشخاص المتعددين ولم يقف عند النص الحرفي للمادة، فلا يعقل أن تنزع الحماية عن الضحية كونها كانت مجني عليها فردًا ولا شك أن هذا ليس مقصد المشرع.
ونضيف إلى أنه لم يرتضِ المدعي العام بالقرار السابق واستأنف القرار لأنه وجد أنه مشمولٌ بقانون العفو العام وأيدت محكمة الاستئناف والتمييز ذلك.
وبالتالي لم يتم فقط إبعاد روز، الا أنها لم تحصل على أي من مستحقاتها، وجرى إسقاط قضيتها بالعفو العام.