انتقادات لمعاقبة من يحاول الانتحار.. ومطالب بدراستها إجتماعيا أولا

قرار مجلس النواب فرض عقوبة على كل من يحاول الانتحار، يثير حفيظة خبراء في المجال الاجتماعي والنفسي، ونشطاء ومواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، باعتبار هذه المادة تضر بهؤلاء الأشخاص، الذين هم أكثر حاجة لمتابعة صحتهم النفسية، ودراسة الأسباب التي تدفعهم لذلك، ومعالجتها بدلا من فرض عقوبة بحقهم.

 

وتنص المادة التي تم إقرارها في قانون العقوبات، على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من شرع في الانتحار في مكان عام، بأن أتى أيا من الأفعال التي تؤدي إلى الوفاة عادة، وتشدد العقوبة إلى ضعفها إذا تم ذلك باتفاق جماعي".

 

الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي يصف لـ عمان نت، " إقرار هذه المادة بالخاطئ  والمتسرع، وله أبعاد خطيرة على المجتمع، مستبعدا أن يكون مجلس النواب قام بإعداد الدراسات مسبقة قبل إقرار هذه المادة".

 

دائرة الإحصاءات العامة، تشير إلى ارتفاع أعداد حالات الانتحار في الأردن العام الماضي إلى 186 بنسبة 10% مقارنة مع عام 2020 بحيث سجل 169 حالة.

 

وحسب البيانات أن عدد حالات الانتحار المسجلة العام الماضي، هي الأعلى منذ 2017 بحيث وصلت إلى 130 حالة وفي 2018 نحو 142 حالة.

وراء كل سلوك دافع

وفق خبراء في علم الاجتماع والنفس فإن دوافع الانتحار تختلف من شخص الى آخر، لكن أبرز الدوافع العامة هي التفكك الأسري والإحباط والفشل والفقر والبطالة والاضطرابات والأمراض النفسية وتعاطي المخدرات، فكل هذه العوامل تدفع الشخص للتفكير في الانتحار هربا من الحياة التي يراها أنها أصبحت صعبة.

الخزاعي  يشير الى أن كل حالة انتحار في الاردن يقابلها ما يقارب 7 حالات محاولة انتحار، مرجعا ذلك لعوامل عديدة لعل أبرزها الظروف الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة والفقر التي وصلت الى اعلى مستوياتها.

 

 

ويوضح أن الأشخاص المحاولين للانتحار، يرسلون رسائل للمحيطين حولهم، بأن لديهم ضغوطات نفسية دفعتهم لذلك، مبينا ان الانتحار يعد سلوكا، خاصة ممن لديهم حالة من الاكتئاب، والأمراض النفسية، مشددا على ضرورة أن يتم التعامل مع هذه الدوافع ومعالجتها.

 

دراسات تشير إلى أن 90% ممن أنهوا حياتهم كان لديهم مرض نفسي مشخص سابقا، و10% من أسباب الانتحار غير مشخصة.

هذا وتوضح منظمة الصحة العالمية أن هناك 800 ألف حالة انتحار، تحدث كل عام في جميع أنحاء العالم، بمعدل حالة واحدة كل 40 ثانية، وأن الفئة الأكثر عرضة للانتحار على وجه خاص هم الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاما ، كما أشارت المنظمة إلى أن الانتحار يمثل السبب الثاني لوفاة الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 29 عاما.

مطلوب مركز لرعاية المقبلين على الانتحار وليس معاقبتهم

خبراء في مجال علم الاجتماع والصحة النفسية يرون أن أفضل مواجهة لمحاولات الإنتحار هي توفير خدمة نفسية وصحية لهؤلاء الأشخاص، ودعمهم نفسيا.

 

ولحل هذه الإشكالية يطالب الخزاعي بضرورة إنشاء مركز لتقديم الخدمات الصحية والنفسية بالمجان،  موضحا أنه دون العلاج سيكرر المقبلين على الانتحار فعلتهم حتى إنهاء حياتهم.

 

في تصريحات سابقة لمديرة مديرية الاختصاصات الطبية في وزارة الصحة الأردنية، إسراء الطوالبة، تؤكد أن "الإنكار والأسباب الاجتماعية لا تعطي أرقاما حقيقة حول الانتحار، والخوف من وصمة العار يقلل نسب الإعلان عن حالات الانتحار، مشيرة إلى أن 60 دولة من 172 لديها سجل وطني للأرقام الحقيقية للانتحار.

 

أما إحصائيات إدارة المعلومات الجنائية في مديرية الأمن العام الأخيرة تشير إلى أن 13% من المنتحرين تحت دون الـ 18 عاما، و20% من الاجانب المقيمين على أرض المملكة، بينما ثلث المنتحرين هم دون الـ 27 عاما.

 

معاقبة الشروع بالانتحار للمرة الأولى في قانون العقوبات

 

من جانبه يوضح المحامي عبدالرحمن الشراري ان قانون العقوبات المعمول به حاليا لا يتضمن أي نص يجرم المقبلين على الانتحار،  فالمشرع استحدث مادة بهدف التقليل من هذه الاشكالية، وذلك بإقرار مادة تعاقب الفاعل بالحبس والغرامة.

 

"وتأتي غاية المشرع بإدراج هذه المادة، لتحقيق غايتين، الاولى هي الردع الخاص لتجنب تكرار الفعل، والثانية الردع العام لتحقيق العبرة العامة وضمان الأمن المجتمعي"، بحسب الشراري.

 

"إلا أنه يرى بأن وضع مادة تجرم مشكلة الانتحار في المجتمع، ليس حلا كافيا، فالمقدم على الانتحار لديه مشاكل نفسية او امراض عقلية، وهذا يتطلب بالضرورة إجراءات تسبق العقوبة، وهي تشخيص الحالة من قبل مختصين واحالتهم الى مراكز علاجية لتلقي العلاج المناسب بحسب الشراري.

 

هذا وتوضح منظمة الصحة العالمية أن هناك 800 ألف حالة انتحار، تحدث كل عام في جميع أنحاء العالم، بمعدل حالة واحدة كل 40 ثانية، وأن الفئة الأكثر عرضة للانتحار على وجه خاص هم الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاما ، كما أشارت المنظمة إلى أن الانتحار يمثل السبب الثاني لوفاة الشباب في الفئة العمرية من 15 إلى 29 عاما.

 

*تم إنتاج هذا المحتوى من قبل مواطنين ضمن مشروع "صور ووثق" أحد برامج شبكة الإعلام المجتمعي، بالتعاون مع "هيئة شباب كلنا الأردن"لتعزيز صحافة المواطن والمساءلة لدى الشباب الأردني. 

أضف تعليقك