بعد مرور عام على أحداث "طوفان الأقصى"، يعكس الشباب الأردني اهتمامًا متزايدًا بالقضية الفلسطينية، حيث تزايد وعيهم السياسي بشكل ملحوظ وتعمقت لديهم مشاعر التضامن على كافة الأصعدة مع القضية الفلسطينية وخاصة العدو الغاشم على قطاع غزة، وظهرت مواقفهم أكثر وضوحًا تجاه الصراع مع الكيان المحتل، مما يعكس تأثيرًا ملموسًا للأحداث على رؤيتهم للمشهد السياسي الإقليمي.
تقول الناشطة الشبابية المهندسة هيام خنيصر الرشود لـ"صوت شبابي :" إن عامًا كاملاً من الحرب كان له تأثير عميق على الجيل الجديد في الأردن، وأن هذه الحرب، الأطول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ساهمت بشكل كبير في إعادة إحياء القضية الفلسطينية. مؤكدة "أن الشباب الأردني نجح في إحياء القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها التاريخية، بفضل الدور الكبير الذي لعبه الإعلام، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت الأقرب لهذا الجيل".
وتابعت الرشود أن تأثير "طوفان الأقصى" تجاوز مجرد الدفاع عن الجبهة الخارجية، مشيرة إلى تنامي الوعي بين الشباب الأردني حول أهمية حماية الجبهة الداخلية، في ظل محاولات جهات معروفة لإثارة الفتن والترويج لفكرة "الوطن البديل"، الذي أكده جلالة الملك باستحالة حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن وشعبه، في الاردن للاردنيين وفلسطين للفلسطينيين".
وهذا ما ذهبت إليه الناشطة الحقوقية ديما الخرابشة في حديثها لـ "صوت شبابي" بقولها: "إن الأحداث التي شهدتها فلسطين منذ 7 أكتوبر خلقت وعيًا جديدًا بين الشباب الأردني حول أهمية السردية الفلسطينية العربية، وإن هذا الوعي مكّن الشباب من كشف ما يحدث في غزة، كما زاد تصميمهم على تقديم الدعم الذي أحدث فارقًا جوهريًا في سلوك الشباب العربي عامة، والأردني بشكل خاص. وأشارت إلى أن الجيل الجديد، المعروف بجيل "Z"، أسهم بشكل نوعي في إثراء المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما "تيك توك"، عبر تسليط الضوء على القضية الفلسطينية وكل المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الوحشي على مدى 76 عامًا.
وبيّنت الخرابشة "أن الشباب استخدموا نفس الأدوات التي يعتمدها أقرانهم حول العالم على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر وتوثيق ما يحدث في غزة، رغم محاولات الخوارزميات المستمرة للحد من وصول هذا المحتوى. ورغم ذلك، تمكنوا من إعادة القضية الفلسطينية إلى مقدمة الأولويات بين الشباب، مؤكدة على ضرورة الاستمرار في العمل لتحقيق السلام والعدالة في ظل وجود الكيان المحتل".
فيما يرى الباحث السياسي م. أحمد الربابعة 25 عام، أن طوفان الأقصى وما تبعه من أحداث أصبح عاملا مفصليا بتشكيل وعي وعي الشباب الأردني تجاه القضية الفلسطينية والصراع مع الكيان المحتل. ويتابع :"أصبحت هذه الأحداث نافذة يتطلعون من خلالها إلى فهم أعمق لجذور الصراع والتهديدات المستمرة التي يتعرض لها المسجد الأقصى. فيما تطورت لديهم رؤية أكثر نضجًا للصراع الفلسطيني، حيث لم يعد مجرد صراع حدودي أو ديني، بل أصبح متشابكًا مع قضايا حقوق الإنسان، العدالة، والاستقلال الوطني. كما أن هذه الأحداث ساهمت في تعميق إدراكهم لأهمية التضامن العربي، والتوازن بين القوة الدبلوماسية والعسكرية في التعامل مع القضايا الإقليمية".
من جانبه يؤكد الناشط الشبابي وخبير العلاقات العامة والدولية كايد غنّام، أن عملية "طوفان الأقصى" خلقت حالة من الصدمة الأخلاقية والسياسية لدى الشباب الأردني. مضيفًا " أن الشباب أصبحوا أكثر اهتمامًا بما ترتب على العملية من عدوان على غزة وما تبعه من تصعيد في الضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن وسوريا، وحتى إيران. وأشار غنّام إلى أن مواقف الشباب الأردني تباينت حيال السرديات المختلفة التي تبنتها الأطياف المتعددة، ما يعكس حالة صحية من الجدل السياسي.
وأوضح غنّام "أن هناك فئتين من الشباب؛ إحداهما مطلعة على الأوضاع السياسية الإقليمية للصراع الفلسطيني الصهيوني، والأخرى تأثرت بالمجازر دون معرفة عميقة بالسرديات، مما دفعها لتبني آراء أكثر يمينية، ورغم ذلك اجتمعت الفئتان على اعتبار الكيان الصهيوني غاصبًا يرتكب المجازر، وأن المقاومة الشريفة ستظل قائمة فكريًا".
يلعب الشباب الأردني دورًا بارزًا في دعم القضية الفلسطينية خلال "طوفان الأقصى"، عبر التبرعات وتنظيم حملات إغاثية والمشاركة في المسيرات الاحتجاجية، والتفاعل الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي. فأسهموا في تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وتعزيز الوعي العالمي بالقضية.
وأكد غنّام أن الشباب الأردني لعب دورًا بارزًا في دعم أهالي غزة خلال العدوان، من خلال تبرعات فورية تشمل بيع مقتنياتهم وذهب الشابات، بالإضافة إلى استقبال اللاجئين والمشاركة في مسيرات مؤيدة للقضية الفلسطينية، كما ساهموا في تنظيم حملات إغاثية عبر الهيئة الخيرية الهاشمية ومقاطعة الشركات المرتبطة بالكيان المحتل، رغم تأثير ذلك على الاقتصاد المحلي، مما يظهر عزمهم القوي على دعم فلسطين".
ويرى الربابعة أن الشباب الأردني أظهر خلال "طوفان الأقصى" قدرة وعيهم السياسي والاجتماعي على تجاوز الحدود الجغرافية، حيث انخرطوا في مظاهرات دعم واسعة وشاركوا في حملات محلية ودولية لمساندة الشعب الفلسطيني. وأكدوا أن الدفاع عن القدس والمقدسات الإسلامية جزء لا يتجزأ من هويتهم الوطنية. على الصعيد الدبلوماسي، شارك الشباب في مؤتمرات وندوات حول القضية الفلسطينية، ساعين لتسليط الضوء على الحلول السلمية والضغط على المجتمع الدولي لتبني مواقف أكثر إنصافًا، مستندين إلى الموقف الأردني الداعم لحل الدولتين لتعزيز مطالبهم بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وترى الرشود أن تأثير "طوفان الأقصى" تجاوز مفاهيم الحرب التقليدية، مؤكدًا على أهمية حماية الجبهة الداخلية في ظل محاولات النيل من الأردن. تبرز أهمية الدور الإنساني والسياسي الذي لعبه الأردن في القضية الفلسطينية، خصوصًا في غزة، رغم محاولات تهميشه. واعتبرت أن مواقف جلالة الملك والملكة الشجاعة ستدفع الشباب الأردني إلى الوحدة والتصدي للتحديات، مشددة على ضرورة الاهتمام بالاقتصاد الوطني كجزء أساسي من دعم القضية الفلسطينية.
احصائيات بعد عام على عدوان الكيان الإسرائيلي على غزة
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 41,965 شهيدا و97,590 إصابة منذ 7 تشرين الأول 2023.
فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الحرب في غزة على مدار العام الماضي أسفرت عن مقتل أو إصابة 6% من إجمالي السكان، مع تسجيل نسبة كبيرة من المصابين بين النساء والأطفال الذين يعانون من إعاقات دائمة. وأشارت المنظمة إلى مقتل نحو 1000 عامل في القطاع الصحي، مما زاد من تدهور الوضع الصحي والإنساني في المنطقة، و300 أسير من الكوادر الطبية بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وبحسب تقرير ل مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين (PJPC)أكّد ارتكاب جيش الاحتلال أكثر من 1600 انتهاكًا ضد الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية خلال هذا العام، حيث أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن استشهاد 175 صحفيا وصحفية وإصابة العشرات، بينهم من فقد أطرافه، إضافة إلى فقدان 514 من أفراد أسرهم نتيجة استهداف منازلهم. واعتقال 124 صحفيا آخرين.