الفن كأداة للتغيير: دور الشباب في التعبير والإبداع

الرابط المختصر

يجتمع مجموعة من الشباب في حديقة عامة في وسط عمان، يحملون معهم أدوات الرسم والألوان، وعزيمة قوية على تغيير واقعهم، رائد أحد هؤلاء الشباب في العشرين من عمره، يشعر بالقلق إزاء المشاكل التي يعاني منها جيله: البطالة، التهميش الاجتماعي، والعنف. بينما كان يجلس مع أصدقائه، بدأ في رسم صورة عملاقة لشخصية تمثل الأمل، وهو يحمل شعلة تنير الطريق.

"لما لا نعبر عن مشاعرنا من خلال الفن؟" قال رائد. "لنخلق شيئًا يمكن أن يصل إلى قلوب الناس." بفضل هذا النداء، بدأ الأصدقاء في رسم جدارية كبيرة، تمثل كل واحد منهم وقصته. استخدموا الألوان الزاهية لتعكس الأمل، والرمادي لتمثل القضايا التي يواجهونها. 

مع مرور الوقت، بدأت الجدارية تكتسب حياة خاصة بها. اجتذبت المارة، وبدأ العديد من سكان الحي في الانضمام إليهم، مما خلق حوارًا حيويًا حول التحديات التي يواجهها الشباب في المجتمع. كان الفن وسيلة لتوحيد الجميع، ليعبروا معًا عن آمالهم وأحلامهم. 

قال محمد سميح وهو مخرج مسرحي لصوت شبابي "الفن، وبالأخص المسرح، هو أحد أقوى الأدوات التي يستخدمها الشباب للتعبير عن آرائهم حول التحديات المجتمعية. من خلال المسرح، يمكننا تجسيد قضايا مثل البطالة، التهميش، والعنف بشكل مباشر وواقعي. عندما نقف على المسرح، نتمكن من استحضار مشاعر حقيقية وإيصالها للجمهور، مما يتيح لهم التفاعل مع هذه القضايا على مستوى عاطفي.

ويكمل محمد لصوت شبابي "في العروض التي أخرجها، لاحظت كيف أن الشباب يشعرون بالحرية في التعبير عن آرائهم، حيث يمكنهم تجسيد تجاربهم الشخصية أو القصص التي يعيشونها في مجتمعهم. نحن لا نتحدث فقط عن الأداء الفني، بل عن خلق مساحة للنقاش والحوار حول موضوعات قد تكون حساسة . 

 

دور الفن في تعزيز الوعي بين الاجتماعي

وتؤكد نورهان وهي رسامة تعمل على رسم جداريات تعبيرية تهدف الى تعزيز الوعي بالقضايا المجتمعية، أن الفن يعتبر أداة قوية لتعزيز الوعي بين الفئات المختلفة في المجتمع. وتقول لصوت شبابي "من خلال الفنون يمكننا تقديم قضايا اجتماعية حساسة بطرق تصل إلى قلوب الناس وتؤثر فيهم، على سبيل المثال عندما نقيم معارض فنية أو فعاليات مسرحية، نجذب جمهورًا متنوعًا من جميع الأعمار والخلفيات فالفن يُشجع على الحوار والتفاعل، عندما يرى الناس عملًا فنيًا يعكس واقعهم، يبدأون في التفكير والتساؤل حول القضايا المطروحة. نحن لا نقدم مجرد فن، بل نخلق منصة للنقاش حول قضايا مثل العنف، حقوق المرأة، والتحديات الاقتصادية.

 

القيود المجتمعية والاقتصادية التي تعيق إبداع الشباب

ومع ذلك تشكل القيود المجتمعية والاقتصادية عائقًا كبيرًا أمام إبداع الشباب، حيث تشير ليلى يوسف، الفنانة التشكيلية لصوت شبابي " إلى أن النظرة التقليدية تدفع الشباب إلى اتباع مسارات مهنية محددة، مما يعيق تفكيرهم الإبداعي. وغالبًا ما تُعتبر الفنون مضيعة للوقت، مما يؤدي إلى نقص الدعم من الأسر والمجتمعات."

على الصعيد الاقتصادي، توضح أن نقص الموارد المالية يعد من أكبر التحديات، يواجه العديد من الفنانين الشباب صعوبات في الحصول على التمويل اللازم لمشاريعهم، مما يحد من قدرتهم على تطوير أفكارهم وتنفيذها. إضافة إلى ذلك قد تكون الأدوات والمواد الفنية باهظة الثمن، مما يقيّد حرية العمل لدى الفنانين الصاعدين.

وفي نفس السياق يعبر المصور الفوتوجرافي حسن أبو زيد لصوت شبابي، ان الشباب يحتاج إلى منصات لعرض أعمالهم والتواصل مع الجمهور، في حال عدم توفر هذه الفرص، يشعرون بالإحباط وقد يفقدون شغفهم بالفن.

ومع ذلك، يؤمن أبو زيد أن التغيير ممكن من خلال برامج الدعم والإرشاد التي يمكن أن تساهم في بناء بيئة تدعم الإبداع. داعيًا إلى دعم ثقافة الفنون ونشر الوعي حول قيمتها وأهميتها، مؤكدًا أن تغيير التصورات المجتمعية وتوفير الموارد اللازمة سيساهم في تحقيق انفجار من الإبداع والشغف بين الشباب، مما سينعكس إيجابيًا على المجتمع ككل.

 

 

كيف يمكن تعزيز دعم الفنون الشابة في المجتمع

يمكن تعزيز دعم الفنون الشابة في المجتمع من خلال عدة خطوات فعّالة، توضح نورهان لصوت شبابي "أهمية توفير التمويل اللازم لمشاريع الفنون الشبابية من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، حيث يُعتبر الدعم المالي أساسيًا لتحويل الأفكار الإبداعية إلى واقع ملموس.

ويضيف حسن أو زيد، أنه من المهم إنشاء مساحات فنية مفتوحة، مثل الاستوديوهات والمراكز الثقافية، التي تتيح للشباب التعبير عن أنفسهم بحرية. كما يدعو إلى تضمين الفنون في المناهج الدراسية لتعزيز فهم الشباب لقيمتها. ويعتبر إنشاء برامج منح تمويلية لدعم المشاريع الفنية الشبابية خطوة مهمة لتحقيق الأحلام الفنية وتحويل الأفكار إلى مشاريع فعلية، وبالإضافة إلى ذلك، يشير إلى ضرورة تكوين شراكات مع مؤسسات محلية ودولية لتوفير الدعم اللوجستي والمالي وتعزيز الوعي بأهمية الفنون

 

مشاريع فنية محلية

وعلى الرغم من التحديات تُعتبر المشاريع الفنية الشبابية في الأردن تجسيدًا حيًا لإمكانات الإبداع وقدرته على إحداث التغيير، من بين هذه القصص يبرز " مشروع الموهبة في خدمة المجتمع " حيث يسعى المشروع إلى توفير الدعم المالي والفني للأفكار والمبادرات والمشاريع التي تتيح للشباب الفرصة للتعبير عن أنفسهم وقضايا مجتمعاتهم