"شباب القرن الـ 24".. قادة التغيير المستدام.. وخبراء: يجب على الحكومة دعمهم
يعتبر الشباب محرك التغيير والابتكار الاساسي في المجتمعات نسبةً للطاقة والأفكار الإبداعية التي يتمتعون بها، فهم يمثلون قوة هائلة في تحقيق التنمية المستدامة، ومن خلال مبادراتهم وقيادتهم في مختلف المجالات يستطيع الشباب المساهمة بشكل فعال في معالجة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه العالم اليوم. سواء كان ذلك من خلال ريادة الأعمال الخضراء، أو المشاركة في الحركات البيئية، أو تطوير الحلول التكنولوجية المبتكرة.
قال مدير مركز نحن للتنمية المستدامة عامر أبو دلو إن الشباب في الأردن يواجهون تحديات عديدة تحول دون انخراطهم ومشاركتهم في مسيرة التنمية المجتمعية، حيث يعاني معظم الشباب من نقص فرص العمل، وتواضع الحد الأدنى للأجور، مما يضع مستقبلهم الاقتصادي والسياسي رهن التحديد، وذلك باعتبار أن التمكين الاقتصادي وسد الاحتياجات الأولية تشكل البوابة نحو المشاركة السياسية والتأثير على صناع القرار وتساهم في تعزيز المشاركة السياسية.
وأضاف، أنه منذ صعود الاحتجاجات الشعبية في العالم العربي عام 2011 بدأ الشباب العربي يهتف للمطالبة باالعدالة الاجتماعية التي يشعر الشباب أنها تصلح نقطة بداية نحو الإنطلاق بمسيرة الإصلاح والتنمية المجتمعية المستدامة، فلا يمكننا بطبيعة الحال أن نعمل على خلق مشروع تنموي مستدام في بلادنا في ظل تفاوت المساواة، وتدهور القطاع التعليمي والصحي.
وتابع، أبو دلو أن إشراك الشباب في صنع السياسات والقرارات المتعلقة بالاستدامة يتطلب عدة خطوات وإجراءات لضمان مشاركتهم الفعالة وتأثيرهم الإيجابي، وفي المقدمة تبرز الحاجة إلى تقديم برامج تعليمية وتوعوية حول أهمية الاستدامة ودور الشباب في تحقيقها، مشيراً أنه من الممكن أن تعمل المبادرات وحملات كسب التأييد على تفعيل دور الشباب في الاستدامة.
"ويرى البعض الآخر أن إنشاء المنصات الوجاهية والإلكترونية سيمنح الفرصة أمام الشباب للتعبير عن آرائهم وأفكارهم بخصوص السياسات البيئية، كما تشكل المسابقات وتحديات الابتكار الاجتماعي مسار عظيم لابتكار أفكار إبداعية تشرك الشباب في الاستجابة نحو التغيير التشاركي المستدام".. وفق أبو دلو.
ولفت قائلاً:"حتى نحقق تأثير مستدام للشباب في صنع السياسات علينا أن نضمن تواجد الشباب في مراكز صنع القرار عن طريق تخصيص مقاعد لهم في اللجان والمجالس الحكومية والمؤسسات التي تتخذ قرارات تتعلق بالبيئة والاستدامة، لضمان أن تكون وجهات نظرهم جزءًا من عملية صنع القرار، مشيراً أن توفير الدعم المالي والتقني للشباب لتنفيذ مشاريعهم ومبادراتهم المتعلقة بالاستدامة، أمر في غاية الأهمية، حيث يمكن أن يشمل ذلك منح، قروض ميسرة، أو تقديم موارد تقنية ومهنية".
وبيّن، أن هنالك بعض المجالات التي تعد حديث الساعة كونها تشكل المساحة الأكبر للشباب للمساهمة في التنمية المستدامة، كـ قطاع التعليم البيئي الذي بدأ يلقى رواجا كبيرا في الآونة الأخيرة، والتكنولوجيا والابتكار المجتمعي، اللذان باتا يشكلا آفاقاً مجتمعية تسهم في تقديم الحلول للتحديات بأسهل طريقة ممكنة، دون أن ننسى الاقتصاد الأخضر والعمل التطوعي والمبادرات المجتمعية.
وفي ذات السياق قالت المختصة في التنمية المستدامة نداء المعاني إن التحديات الرئيسية للشباب في الأردن بشأن التنمية المستدامة تتمثل بـ البطالة والفقر، والتغير المناخي، والمياه والموارد الطبيعية، وأيضاٍ الفقر والتمييز الاجتماعي، وذلك ينتج من قلق الشباب بتزايد ارتفاع معدلات البطالة ونقص فرص العمل المستدامة، والمخاوف بشأن تأثيرات التغير المناخي على الموارد الطبيعية والبيئة، وحاجتهم لتطوير مهارات تناسب سوق العمل المتغير.
وحول التصدي لهذه التحديات قالت إننا يمكننا التصدي لها من خلال مستويين الشخصي والمجتمعي وذلك من خلال التعلم والتطوير الذاتي، المشاركة في الأنشطة البيئية، تشكيل مجموعات وفرق، المشاركة في الحملات، الابتكار والمبادرات؛ لاستثمار الوقت في التعليم والتدريب لتطوير المهارات المطلوبة في السوق، والانخراط في مبادرات محلية لحماية البيئة وتوعية المجتمع بأهمية الاستدامة.
واردفت المعاني، أن إشراك الشباب في صنع السياسات والقرارات المتعلقة بالاستدامة يمكن تحقيقه من خلال تأسيس منصات حوارية، وبرامج تدريبية، وتفعيل المنظمات الشبابية، والمشاركة في اللجان لتضمين الشباب في اللجان الحكومية المعنية بالسياسات البيئية والاجتماعية.
وبينت أن المجالات الأكثر إمكانية للمساهمة البناءة من قبل الشباب تكونها البيئة والاستدامة للمشاركة في مبادرات الحفاظ على البيئة وزيادة الوعي حول قضايا تغير المناخ، والتكنولوجيا والابتكار لتطوير حلول تكنولوجية جديدة تدعم الاستدامة، مثل التطبيقات البيئية أو مشاريع الطاقة المتجددة، وأيضاً الفنون والثقافة لاستخدام الفنون لتعزيز رسائل الاستدامة والتغيير الاجتماعي من خلال الفنون التشكيلية أو المسرح أو الموسيقى.
بدوره قال مؤسس مساحة زوايا حمزة أبو الهيجاء إن التحديات التي يواجها الشباب في التنمية المستدامة تكمن بعدم توفر الأدوات اللتي تساهم في تعزيز التنمية المستدامة في القطاعات المختلفة، وضعف التعليم والتمكين المعرفي في هذا المجال، وأيضاً ضعف الإنتاج المعرفي بهذا المجال في الجامعات والمعاهد والدراسات، حيث لا يزال قطاع التنمية المستدامة يعتمد على التمويلات الصغيرة والمعرفة القادمة من الخارج.
وعن تأثير تحديات الاستدامة على الشباب قال إن ضعف التواصل بين صناع القرار والشباب، وضعف تناول الأحزاب السياسية لحلول مستدامة حقيقية للمشاكل التي يعاني منها الشباب يوسع الشرخ بين الأحزاب السياسية والشباب.
وتساءل أبو الهيجاء عن استراتيجيات توفير المياه بعد 30 عام، خاصةً مع آثار التغيرات البيئية التي تشهدها الأردن، مشيرا ان غياب الخطط التنموية من أجندة الأحزاب السياسية يخلق عدة تساؤلات من هذا القبيل؛ لافتاً أن الشباب يتخوفون من مدى توفر جودة الحياة في الأردن في ظل غياب استراتيجية لإدارة النفايات، ومن ملف إدارة الطاقة وأثره على شراءهم للسيارات كهربائية، وغيرها.
وأفاد، لفت أنه لا يوجد لدى الحكومة استراتيجية واضحة لإشراك الشباب في صنع السياسات والقرارات المتعلقة بالإستدامة، مشيراً أنه من أهم الفرص للشباب هي تشبيكهم بذوي الخبرات في مجالاتهم، مما يعزز فهمهم لمجالاتهم ليس فقط تقنيا وإنما سياسياً، ومن المهم إشراك الشباب في جميع القطاعات، مثل الطاقة ، المياه ، إدارة النفايات ، جودة الحياة ، جودة التعليم.
في الوقت الذي تواجه فيه البشرية تحديات بيئية واجتماعية واقتصادية غير مسبوقة، يبرز دور الشباب كقوة محركة للتغيير الإيجابي والتنمية المستدامة، لأنهم يمتلكون القدرة على تحفيز التحول اللازم لبناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة، من خلال المبادرات الشبابية الرائدة في مختلف القطاعات يُظهر الشباب كيف يمكن تحقيق التوازن بين احتياجات التنمية والحفاظ على البيئة.
وأن دمج وتمكين الشباب في عملية صنع القرار والتنفيذ سيكون مفتاحًا رئيسيًا لنجاح خطط التنمية المستدامة على المدى الطويل. لذلك، من الضروري أن تستثمر المجتمعات في قدرات وطموحات الشباب، وتتيح لهم المساحة لقيادة التغيير الذي يطمحون إليه، فبذلك، سيكون الشباب حجر الزاوية في بناء مستقبل مستدام وزاهر للجميع.