"رائدات الغد: "الابتكار وريادة الأعمال كبديل للوظائف التقليدية
في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المجتمع الأردني، يتجه عدد متزايد من الشابات إلى ريادة الأعمال كبديل للوظائف التقليدية. هذا التوجه لا يعكس فقط رغبة في تحقيق
الاستقلال المالي، بل يعبر أيضًا عن طموح وإرادة في الابتكار والتغيير
عندما تخرجت ندى أحمد من الجامعة، وجدت نفسها تواجه تحديات كبيرة في سوق العمل. تقول ندى(23سنه): "رغم حصولي على شهادة في إدارة الأعمال، كان من الصعب العثور على وظيفة تتناسب مع طموحاتي". بدلاً من الانتظار، قررت ندى أن تخطو خطوة جريئة وتبدأ مشروعها الخاص في مجال صناعة المجوهرات اليدوية "كنت أعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكنني كنت مصممة على تحويل شغفي وهوايتي إلى مهنة "
ندى ليست الوحيدة في هذا المسار. سارة علي (25)، شابة أخرى قررت دخول عالم ريادة الأعمال بعد تجربة عمل قصيرة في قطاع الشركات. تقول سارة: " عملت فترة قصيرة في القطاع الخاص، ولكن المردود المادي لم يكن يتناسب وحجم المهام المطلوبة مني لذلك قررت البحث عن المجال الذي أبدع فيه أكثر كان لدي دائمًا شغف بالطبخ، ولكن لم أكن أتصور أن شغفي في صناعة الحلويات خصيصا سيكون هو مصدر دخلي يومًا ما كانت البداية صعبة، ولكنني تلقيت دعمًا كبيرًا من المجتمع المحلي، والآن أصبح لدي مساعده تعمل معي وإقبال جيد من الزبائن""
وفي الحديث عن المجتمع المحلي علقت الأخصائية التنموية ورائدة الأعمال الدكتورة اريج التليلان حول ماهية التغيير المجتمعي الذي أدى الى انتشار هذه الثقافة قائله:" ساهمت جهود مؤسسات المجتمع المدني في رفع الوعي حول مفهوم ريادة الأعمال وتغيير النظرة التقليدية للشباب، التي كانت تعتمد على انتظار الوظيفة. هذه الجهود تضمنت التعريف بحاضنات الأعمال استقطاب المنح التي توفر المكان والترخيص والمستشارين الاقتصاديين للشباب الراغبين في تأسيس عمل خاص لضمان نجاح مشاريعهم مضيفة ان " وجود اللاجئين السوريين في الأردن كان له دور كبير في هذا التحول، حيث تسعى المنظمات الإنسانية الى تمكينهم اقتصاديًا ودمجهم في المجتمع من خلال العديد من المشاريع و المنح التي كانت تُقسم بين الأردنيين والسوريين، مما عزز التبادل الثقافي بينهم حيث ان الطبيعة المهنية للسوريين وحبهم للعمل الحر أثرت إيجابياً على المجتمع الأردني، وشجعت المزيد من الشباب على تبني ريادة الأعمال"
على الرغم من النجاحات، تصف سناء (30 سنه مصور فوتوغرافي) التحديات التي تواجه الشابات في رحلتهن الريادية. قائله: "أهم التحديات التي تواجهها الشابات من تجربتي الخاصة هي التمويل والقدرة على التسويق، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور كبير في التخفيف من اثر هذه التحديات حيث انها مكنتني من الوصول الى اكبر عدد من الزبائن من غرفتي " أما في ما يتعلق بالتحديات الثقافية المتعلقة بنظرة المجتمع إلى عمل المرأة علقت سناء " هذا النوع من التحديات أصبح قليلا جد مقارنة مع بداية رحلتي في عملي الخاص خاصة ان عملي كان يتطلب التنقل و التأخر ليلا حسب مكان و موعد جلسات التصوير التي أقوم بها وهذا الأمر كان مستهجنا في محيطي بدايةً"
وحسب وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة، فإن بيئة ريادة الأعمال في الأردن انطلقت برؤية ملكية عام 2000، وتعززت بمبادرة من جلالة الملك ودعمه لتأسيس أول حاضنة أعمال بالمنطقة العربية عام 2010
ووفرت الوزارة برامج لدعم قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، المتعلقة بدخول الأسواق والحصول على التمويل وتطوير وتأهيل الكوادر والكفاءات للعمل، إلى جانب البيئة التشريعية الخاصة بالقطاع، لتتمكن تلك الشركات من التوسع والنمو في أعمالها
وأطلقت وزارة الاقتصاد الرّقمي والرّيادة رسميًا مشروع " أبطال الرّيادة" بالشراكة مع مؤسسة ليدرز الدوليّة للتنمية الاقتصاديّة، ومشروع ريادة الأعمال من أجل التنمية الاقتصاديّة المستدامة والتشغيل المنفذ من بالنيابة عن الوزارة الألمانيّة الاتحاديّة للتعاون الاقتصاديّ والتنمية (GIZ)قبل
يهدف هذا المشروع إلى تحسين النظام البيئيّ لريادة وتنمية الأعمال في الأردن، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصاديّ والتنمية المستدامة، وذلك من خلال تطوير سياسات وأنظمة ريادة الأعمال، وتشجيع مشاركة النساء والشباب في مجال ريادة الأعمال.
اما فيما يتعلق بمدى جدوى العمل الحر للشباب كحل حقيقي للبطالة علقت التليلان: "نجاح المشاريع الصغيرة والعمل الحر يعتمد بشكل كبير على طبيعة الشخص نفسه، حيث يتطلب الأمر مثابرة عالية وصبرًا. في مجال ريادة الأعمال، يتراوح الزمن اللازم لتحقيق النجاح من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، مع الحاجة المستمرة للتطوير ومواكبة السوق واستخدام استراتيجيات تسويق جديدة وتطوير الذات. هذه التفاصيل هي التي تحدث الفارق في نجاح المشروع، مما يجعل العمل الحر حلًا فعليًا ومجديًا لمشكلة البطالة للشباب"
ريادة الأعمال ليست فقط وسيلة لتحقيق الربح، بل لها تأثيرات إيجابية كبيرة على المجتمع. توفر المشاريع الصغيرة فرص عمل جديدة وتساهم في تنمية الاقتصاد المحلي. كما تساهم في تعزيز روح الابتكار والتغيير الاجتماعي. تقول سارة علي: "أشعر بالفخر لأنني أستطيع تقديم فرص عمل للشابات لمساعدتي في مطبخي الإنتاجي مثلما كنت أبحث عن فرصة في بداية مشواري"
تعد ريادة الأعمال طريقًا واعدًا للشابات اللواتي يبحثن عن تحقيق طموحاتهن بعيدًا عن القيود التقليدية. من خلال الابتكار والإصرار والدعم المناسب، يمكن للشابات أن يصبحن رائدات الغد وأن يساهمن في بناء مستقبل أفضل لهن ولمجتمعاتهن