دمج ذوي الإعاقة في الفضاء العام: تحديات تواجه الشباب كل يوم

الرابط المختصر

يشكل دمج ذوي الإعاقة في الفضاء العام تحدياً مستمراً في الأردن، حيث يواجه العديد منهم صعوبات يومية تعيق تحركهم وتحد من قدرتهم على المشاركة الفاعلة في المجتمع، رغم وجود قوانين وسياسات تهدف إلى تعزيز حقوق ذوي الإعاقة، إلا أن التنفيذ على أرض الواقع لا يزال يعاني من ثغرات.

تحديات يومية

قالت "ياسمين"، شابة تعاني من إعاقة حركية، إن استخدام المواصلات العامة في عمان يمثل تحدياً كبيراً لها، وأوضحت ل "ًصوت  شبابي : "كل يوم أواجه صعوبات في الصعود الى  الحافلات والتنقل على الأرصفة غير المهيأة. معظم المواصلات العامة ليست مجهزة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا يجعل التنقل شبه مستحيل بالنسبة لي".

وأشارت إلى أن هذه التحديات تؤثر بشكل كبير على حياتها اليومية، قائلة: "العديد من الفرص تفوتني لأنني لا أستطيع الوصول إلى أماكن معينة،  عدم توفر وسائل نقل مناسبة يعني أنني مضطرة للاعتماد على الآخرين في كثير من الأحيان، وهو شعور محبط ويحد من استقلاليتي، على سبيل المثال استغرقني اليوم انتظار ثلاث ساعات حتى التحق بعملي ..في النهاية قررت العودة للمنزل فوقت الدوام قارب على الانتهاء أصلا".

من جانبها، أوضحت "بتول"، وهي شابة تعاني من إعاقة حركية، أن البنية التحتية والمرافق العامة  ليست مصممة اصلا  لتلبية احتياجات ذوي الإعاقة،  وقالت ل "صوت شبابي" : لا توجد إشارات صوتية في معظم إشارات المرور، ولا تتوفر لوحات بريل في العديد من الأماكن العامة، هذا يجعل التنقل  بالنسبة لي صعباً  بل و خطيراً أحياناً."

واستدركت بتول بالقول وأكدت أنها مرت ببعض التجارب الإيجابية، موضحة: "بعض المؤسسات تحاول تقديم تسهيلات، مثل تخفيضات في أسعار المواصلات أو أماكن مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، لكن هذه المبادرات ما زالت محدودة ولا تغطي جميع احتياجاتنا".

في الأردن يبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن 1.25 مليون شخص، بحسب ما قاله أمين عام المجلس الأعلى لذوي الإعاقة، مهند العزة، في جلسة حوارية بداية هذا العام عقدت لمناقشة واقع مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة .


إذ يعاني الأشخاص ذوو الإعاقة في الأردن من صعوبات كبيرة في التنقل، حيث يفتقر الفضاء العام للبنية التحتية المهيأة لاحتياجاتهم؛ الشوارع والأرصفة غير مجهزة بشكل كامل، والمواصلات العامة تفتقر إلى الخبرة في التعامل معها مما يجعل التنقل اليومي تحديًا مرهقًا ويعزلهم عن المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية".

جهود رسمية

أوضحت رولا جرادات - مستشارة إمكانية الوصول والتصميم الشامل في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة - أن هناك شراكة حقيقية بين المجلس وأمانة عمان لتحسين البيئة المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصاً فيما يتعلق بتوفير مواصلات عامة مهيأة.

وأضافت لـ "صوت شبابي" : "كان التعاون وثيقاً بين المجلس وأمانة عمان في بداية تنفيذ مشروع الباص السريع من حيث البنية التحتية، وأجريت متابعة دورية للمحطات والمسارات المختلفة، واستمر هذا التعاون من خلال مراجعة المواصفات الفنية للحافلات."

ودعت جرادات أمانة عمان إلى "التركيز على موضوع التهيئة داخل الباص، حيث تتوفر الشاشات والسماعات داخل الباصات، ولكن نأمل تفعيلها لتكون ناطقة للمكفوفين، وكذلك تدريب الكوادر العاملة في هذه الباصات من السائقين".

بحسب قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة فإن على وزارة النقل وهيئة تنظيم النقل البري وأمانة عمان الكبرى والبلديات ومن في حكمها إلزام شركات النقل العام بتهيئة جميع الحافلات لاستعمال الأشخاص ذوي الإعاقة، وتخصيص مقعدين لهم في حافلات النقل العام حسب الاقتضاء.

أما دوليًا، فيلتزم الأردن باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادق عليها عام 2007 ودخلت حيز التنفيذ عام 2008.

وحسب الاتفاقية يتعهد الأردن باتخاذ كافة التدابير المناسبة للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة خاصة.

كما تتعهد الدول بتعزيز توفير الوسائل والأجهزة المساعدة على التنقل، والتكنولوجيات المُعِينة الملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة واستعمالها، مع إيلاء الأولوية للتكنولوجيات المتاحة بأسعار معقولة.

ياسمين وبتول قصتان تمثلان احتياج 13%  من الأردنيين وهي نسبة  الأشخاص ذوي الإعاقة من عدد السكان الكلي في الأردن مازالوا يبحثون عن  حلول عملية وسريعة لتحديات دمج ذوي الإعاقة في الفضاء العام، وبينما تسعى الجهات الرسمية إلى تحسين الأوضاع، يبقى الأمل في تحقيق تقدم ملموس على أرض الواقع، فدمج ذوي الإعاقة في الفضاء العام ليس فقط حقاً إنسانياً، بل هو ضرورة لتحقيق مجتمع أكثر شمولاً وتقدماً.