اقتصاديون : تأجيل الأقساط ليس حلا لتخفيف الأعباء وإنعاش الاقتصاد

الرابط المختصر

مع اقتراب شهر رمضان، تجد العديد من الأسر ذات الدخل المحدودة مضطرة إلى إعادة النظر  ترتيب أولياتهم لضمان توفير احتياجاتها الاسياسية خلال هذا الشهر، الذي يشهد عادة زيادة في المصاريف بسبب خصوصيته مقارنة ببقية أشهر العام.

تقرير دولي يظهر مؤخرا أن 66% من الأردنيين يخططون مسبقا لإنفاقهم الاستهلاكي خلال شهر رمضان، مع التركيز على التسوق والتزود بالأساسيات، ومع ذلك يقوم عدد أقل من الأسر بالادخار استعدادا للارتفاع المتوقع في النفقات.

وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، تتجدد المطالبات سنويا بتأجيل أقساط القروض المستحقة على المواطنين، بهدف تخفيف الأعباء المالية التي تثقل كاهل الأسر.

في وقت تتباين فيه الأراء بين مؤيد يرى أنها ستعزز القوة الشرائية وتنشط حركة السوق وبين معارض يحذر من إنعكاساتها السلبية، قد يؤدي للتراكم الديون وزيادة الضغوط المالية على الأسر عند استحقاق الأقساط لاحقا.

يرى الخبير الاقتصادي منير دية في حديثه لـ عمان نت، أن تأجيل الأقساط ليس حلا جذريا، بل مجرد تخفيف مؤقت لتحريك عجلة الاقتصاد، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية متراكمة مثل ارتفاع الدين العام، وتراجع معدلات النمو، وارتفاع نسب البطالة والفقر، مما يجعل زيادة الرواتب سواء في القطاع العام أو الخاص أمرا غير ممكن.

ويؤكد أن تأجيل قسط لشهر واحد لن يؤثر سلبا على البنوك، خاصة وأنها حققت أرباحا قياسية خلال العام الماضي تجاوزت 1.5 مليار دينار بعد الضريبة، ما يعني أن البنوك لديها القدرة على دعم المواطنين في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن القرار في النهاية يبقى بيدها.

التقديرات الرسمية تبين أن 65% من الأردنيين مقترضون، حيث يذهب أكثر من 60% من رواتبهم لسداد القروض المتعلقة بالسكن، المواصلات، التعليم، أو حتى تكاليف العلاج، مما يجعل المبلغ المتبقي غير كافٍ لتغطية باقي الالتزامات.

من جانبه يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن القروض الفردية تمثل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس اعتمادا كبيرا على الاقتراض في تغطية تكاليف المعيشة 

ورغم ذلك يؤكد عايش أن القروض تلعب دورا محوريا في تحسين حياة الأفراد، إذ تساهم في امتلاك العقارات والمركبات وتلبية احتياجات متنوعة.

بلغ إجمالي قروض الأفراد حوالي 14 مليار دينار، مسجلا زيادة بنحو 170 مليون دينار مقارنة بنهاية عام 2023، وفقا لآخر تقرير صادر عن البنك المركزي،

 

غياب الحلول يفاقم الأوضاع الاقتصادية

يستشهد دية بالصعوبة التي واجهتها الحكومة عند رفع الحد الأدنى للأجور من 260 إلى 290 دينارا، حيث استغرق الأمر نقاشات طويلة بين المؤيدين والمعارضين، مرجعا ذلك لغياب الحلول الفعلية لزيادة دخل الأفراد أو رفع الرواتب إلى تحديات اقتصادية كبيرة، من بينها ارتفاع المديونية، وتراجع معدلات النمو، وازدياد نسب البطالة والفقر، وغيرها من الأزمات التي تؤثر على الاقتصاد الوطني.

ويوضح أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون ناتجة عن ضغوط الحياة وكثرة الالتزامات المالية، حيث يواجه غالبية المواطنين تحديات معيشية كبيرة بسبب تراجع الدخول وانخفاض الرواتب، في ظل غياب أي زيادات عليها.

ويشير إلى أن البطالة والفقر قد بلغا مستويات قياسية، مما يزيد من الأعباء المالية على الأفراد، سواء كانت تلك الأعباء متمثلة في فواتير الكهرباء والمياه والطاقة، أو تكاليف فصل الشتاء، إلى جانب الاحتياجات المرتبطة بالمناسبات الدينية والاجتماعية، مؤكدا أن دخل المواطن لم يعد كافيا لتغطية كل هذه الالتزامات.

كما أن تأثير الأوضاع الجيوسياسية والحروب والنزاعات في المنطقة على الاقتصاد الأردني، حيث أدت إلى تباطؤ نمو العديد من القطاعات، ما انعكس على المواطنين الذين يعانون من تدني الرواتب، في ظل وجود 450 ألف عاطل عن العمل، وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 30%، أي أن ثلث الأردنيين تقريبا يعيشون تحت خط الفقر.

الحل يكمن  بحسب دية في تمكين الاقتصاد وتعزيز الإنتاجية وتحفيز القطاع الخاص والاستثمارات، إلى جانب تفعيل مختلف القطاعات الاقتصادية مثل السياحة، النقل، التعدين، الطاقة، والتجارة.

يقدر متوسط الإنفاق الشهري للأسرة الأردنية على الطعام بحوالي 336 دولارا، أي ما يعادل تقريبا 240 دينارا، وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة "فيتش سوليوشنز" في عام 2023.

كما أظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2017/2018 أن متوسط الإنفاق السنوي للأسرة الأردنية على السلع الغذائية وغير الغذائية والخدمات بلغ حوالي 12,519 دينارا، حيث شكل الإنفاق على السلع الغذائية ما نسبته 32.6% من إجمالي الإنفاق الكلي، أي ما يعادل نحو 4,080 دينارا سنويا، أو حوالي 340 دينارا شهريا.